نشبت معركة داخل التيار السلفى، وبالتحديد بين أبناء مدرسة سلفية الإسكندرية، حيث كشفت قيادات سابقة بحزب النور، عن تفاصيل مساعى الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، للتدخل فى شئون حزب النور عقب نشأته، وإشراك جميع رجاله فى المناصب التنفيذية للحزب للسيطرة عليه، فى الوقت الذى برر فيه سلفيون تصرفات "برهامى" مؤكدين أن جميع تصريحاته –أى برهامى- كانت من أجل مصلحة الحزب والدعوة.
البداية عندما كشف محمود عباس، عضو الهيئة العليا لحزب النور المستقيل مساعى برهامى وقيادات الدعوة السلفية للسيطرة على الحزب منذ بداية نشأته رغم اتفاق مسبق بعدم تدخل الدعوة السلفية فى شئون الحزب.
وقال عباس: "عندما بدأت النقاشات لتكوين حزب سياسى يضم السلفيين وعلى رأسهم الدعوة السلفية كان هناك نقاش محتدم، وتساؤلات من عينة هل يتصدر قيادات الدعوة العمل الحزبى أم لا؟ وتغلب القول القائل أن يتجنب القيادات السلفية الدخول فى المعترك السياسى، وقد وصل الأمر إلى أن قال البعض نصًا اتركوا الحزب للصف الرابع والخامس والناس، ولذلك اتفق وكيل مؤسسى الحزب وأول رئيس لحزب النور عماد الدين عبد الغفور مع مجلس إدارة الدعوة السلفية بالتفريق الإدارى التام بين الحزب والدعوة وأن تكون الدعوة هى المرجع الفقهى للحزب وأن يكون الحزب هو الذراع السياسية للدعوة".
وأضاف عباس: "هل التزم قيادات الدعوة السلفية بذلك؟ فبدأت القيادات الصغيرة فى الدعوة فى وضع عراقيل أمام قيادات الحزب وعدم التعاون معهم بل وأمر الاتباع بعدم التعاون إلا بعد الرجوع إليهم حتى تفشل القيادات الحزبية، وطلبت القيادات فى الصف الثانى والثالث من الدعوة صراحة أن تكون على رأس العمل الحزبى كما هى على رأس العمل الدعوى والجمع بينهما".
واستطرد عباس: "صرح قيم الدعوة السلفية محمد عبد الفتاح "أبو إدريس" بأنه أعطى أوامره لكل العاملين فى الدعوة بالتغلغل فى الحزب فى كل الأمانات واللجان وفرض أنفسهم على الحزب والاستيلاء على كل مفاصله أو الاستحواذ على مناصبه بحجة حتى لا يتم سرقة الحزب من الدعوة".
وتابع عباس: "قام نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامى بتعيين لجنة لإدارة الانتخابات البرلمانية عام 2011، قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع واستبعاد اللجنة القديمة لأنها ليست من أهل الثقة رغم مجهودها المعروف طوال 6 أشهر، وفرضت الدعوة قيادات من الصف الأول فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى أمثال عبد المنعم الشحات وأشرف ثابت وعبد الله بدران رغم عدم ترشيح الأمانات لهم بل هبطوا بالبراشوت على القوائم والفردى".
وأوضح عباس أن نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامى عزل رئيس اللجنة الطبية بالحزب بدون مقدمات وعين نفسه رئيسًا لها، وجمع قيادات الدعوة عددًا من المناصب داخل الحزب وخارجه والاستئثار بها دون غيرهم، كما جمع قيادات الدعوة بين مجلس إدارة الدعوة السلفية (جمعية الدعاة حاليًا) وبين الهيئة العليا لحزب النور، متابعا: "تقدر تقول بعد هذا كله قيادات الدعوة السلفية مش عاوزين مناصب".
وتأتى اتهامات عباس بعد أيام قليلة مما قاله محمد جويلى، القيادى السلفى البارز بمرسى مطروح، وأحد القيادات السلفية التى استقالت عن الدعوة السلفية، إن الدعوة السلفية الحَقَّة واضحة وضوح النهار لا لبس فيها ولا دخن، فهى منهج علمى قائم على فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ليس فيها نفاق ولا مداهنة على حساب الدين.
وفى إشارة إلى اتباع ياسر برهامى –نائب رئيس الدعوة السلفية- قال جويلى فى بيان له، إن الدعوة السلفية الحَقَّة ليس فيها اتباعٌ أعمى لأى شخص، لأن الكل يؤخذ منه ويرد عليه، ليس فيها شخصنة، ولا مصلحة خاصة لأحد دون أحد إنما هى منفعة لجميع الناس بإصلاح دينهم ودنياهم.
واستطرد: "الدعوة السلفية الحَقَّة لا تدعو إلى حزب أو تنظيم أو جماعة لأنها منهج ربانى، ويحافظ على أمن الأوطان، ويدين القتل والتفجيرات والإجرام فى أى مكان من العالم، وندعو إخواننا لخلع العباءة الحزبية والسياسية، والالتزام بالأدب وحسن الأخلاق والعمل فى حقل الدعوة".
وفى المقابل رد سامح عبد الحميد، القيادى بالدعوة السلفية على تلك الاتهامات قائلا: إن حزب النور هو الذراع السياسية للدعوة السلفية، وقد أنشأ الحزب أبناء الدعوة، وتمت إقامة الحزب بتكليف من إدارة الدعوة، والدكتور عماد عبد الغفور رجل فاضل ولكنه لم يكن معروفًا فى المحافظات، فكان الشيخ ياسر يُسافر فى مختلف أرجاء مصر لدعم الحزب الوليد آنذاك، وهذا مُثبت فى الفيديوهات والمواقع الإخبارية .
وأضاف أن تدخلات ياسر برهامى جاءت من أجل مصلحة الحزب، متابعا: "عندما شرع الحزب فى خوض الانتخابات؛ تم الدفع بجميع أبناء الدعوة السلفية لدعم المرشحين فى الــ27 محافظة، وعندما انفصل الدكتور عماد عبد الغفور والدكتور يسرى حماد وأسسا حزب الوطن؛ ظل أبناء الدعوة السلفية فى حزب النور، وظلت الهيئة العليا للحزب كما هى، والمجلس الرئاسى للحزب كما هو، وظلت أمانات المحافظات كما هى، وهذا دليل دامغ أن حزب النور هو ابن الدعوة السلفية وذراعها السياسية.
واستطرد :"كان لِزامًا على إدارة الدعوة السلفية أن تتولى إدارة الحزب حتى ينجح سياسيًّا، وقد كان؛ ونجح الحزب وحصل على ربع مقاعد البرلمان 2012 فى أول مشاركة سياسية للحزب، ونجح مرة أخرى وحصل على ثلث عدد أصوات الناخبين فى انتخابات مجلس الشعب 2015 إلا أن نظام القائمة المغلقة أهدر كل هذه الأصوات، ومحمود عباس أحد المؤسسين للحزب؛ وكان له جهد كبير فى بداية الحزب".
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن هناك أزمة يعانى منها السلفيون خلال الفترة الحالية حول الخسارة التى تلقوها بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة وكل منهما يحمل مسئولية تلك الخسارة للآخر.
وأضاف الباحث الإسلامى، أنه لا يوجد فصل حقيقى بين الدعوة السلفية وحزب النور، حيث من يتحكم فى الدعوة السلفية يتحكم فى حزب النور، وهو ما اثار انتقادات واسعة بين صفوف التيار السلفى الذى يرى أن هذا هو سبب أزمة التيار السلفى.