من الطبيعى رؤية شباب ورجال لا عمل لهم يقودون التوك توك، وهناك من يقوده لزيادة دخل أسرته لعدم كفاية راتب الوظيفة، لكن من غير المألوف فى مجتمعنا المصرى وخاصة المجتمع القروى أن نجد تلميذة تعمل عمل الرجال تذهب للمدرسة صباحاً وتبدأ عملها على توك توك بقرية من قرى محافظة كفر الشيخ ظهراً، لتستكمل يومها لتنفق على أسرتها.
"سهام أحمد" وشهرتها "شاكيرة" فى التاسعة من عمرها اختارت مهنة لا يتقبلها أهالى القرى كثيراً، وهى من المهن الخطرة فقد تتعرض الطفلة لحادث أو تتعرض للخطف من أجل سرقة توك توكها، ولكن "شاكيرة" لا يعنيها كل ذلك ولا تخاف، كل همها أن توفر احتياجات أسرتها.
تقود "سهام أحمد" بالصف الأول الإعدادى توك توك بقرية إبشان التابعة لمركز بيلا، لتنفق على أسرتها المكونة من والدها المريض ووالدتها وشقيقتها، تنقل الراغبين فى التنقل من مكان لآخر فى جرأة نادرة وثقة بالنفس، كل ما يهمها فقط أن تحصل على ما تنفقه على أسرتها بعد أن أصبح والدها طريح الفراش، طفلة جادة فى عملها لا يعجبها الحال المايل وتتعامل بكل جد وصرامة، وتلقى من أهالى إبشان الاحترام والرعاية.
قالت، إنها طالبت والدها أن تتحمل مسئولية أسرتها، مؤكدة له أنه أنجب بنتًا بألف ولد، قادرة على اختيار المهنة السهلة التى تجلب للأسرة ما تنفقه ويزيد، مؤكدة أن والدها صاحب التوك توك، وطلبت منه أن تعمل عليه بعد إصابته بمرض جعله طريح الفراش.
وأضافت سهام، إنها تقود التوك توك منذ أربع سنوات منذ كانت بالصف الرابع الابتدائى، وأصبح كل أهالى القرية يعرفونها ويفضلونها فى توصيلهم لأى مكان يريدون الذهاب إليه.
وقالت سهام، إنه لا تخشى أحدًا إلا الله وأنها فرحانة بعملها، ويكفى أن أسرتها لا تحتاج لأحد ولا تمد يدها لأحد، مؤكدة أنها تعمل عقب خروجها من المدرسة لأنها بالصف الأول الإعدادى حتى غروب الشمس، وتعود لمنزلها لتبدأ مراجعة دروسها وتستعد لمدرستها.
قصة تلميذة عمرها 9 سنوات تعمل على "توك توك" فى... by youm7
أضافت سهام، إنها تنصح كل البنات أن تعملن بأى أعمال مادمت تنجح فيه، فلا فرق بين البنت والولد فى امتهان أى مهنة، وما دام الإنسان يأكل من عمل يده من حلال لا يهمه الآخرين.
قالت سهام، أحياناً تضطر للغياب من المدرسة لو وجدت أسرتها تحتاج لنفقات أكثر، فتخرج منذ الصباح ولا تعود إلا مع غروب الشمس، مؤكدة أن طعامها تتناوله بالمنزل فى وقت الظهيرة وتعود لعملها، وأحيانًا تكتفى ببسكوت لحين العودة لمنزلها لتناول طعامها.
وأضافت سهام، أحياناً تتعرض لمضايقات من البعض، وخاصة ممن معها بالمدرسة ولكنها لا تعنيهم اهتمامًا، ويكفى أن الأكثرية معها ويساندونها ويطلبونها لتوصيلهم، مؤكدة أن دخلها من التوك توك يكفى أسرتها لحد ما، وأحياناً تحتفظ ببعض ما تجلبه آخر النهار من أموال لتساعدها بعد ذلك فى تجهيز نفسها.
وقالت "شاكيرة"، كما يطلقون عليها، "أنا تتقاضى جنيهين على توصيلة أى زبون لأى مكان بقرية إبشان وأحيانًا على الطرق القريبة، ولكنها ترفض توصيله للمسافة البعيدة لأنها تسمع كثيراً عن الحوادث المتعددة، ولأنها جادة فى تعاملها مع الآخرين، فلا تخشى أحدًا إلا الله.
وأضافت شاكيرة، أنها سعيدة بعملها وسوف تستمر فيه حتى ولو كبرت، وعندما يأتى نصيبها، ممكن أن يكون لها رأى آخر، لأنها ساعتها تكون قد حصلت على شهادتها الجامعية، لتبدأ عملاً يتناسب مع مؤهلاتها، مؤكدة أنها لا تخجل من عملها كقائد توك توك عند حصولها على وظيفة حكومية أو قطاع خاص، ولا حرج لديها فى استمرارها فى قيادة التوك توك، واللى معترض يقول لى دا حرام ولا حلال.
وقالت شاكيرة، نظرة المجتمع على عينها ورأسها، ولكن ما رأته من أهل قريتها جعلها تتشرف بعملها على التوك توك، ويكفى أنها تنال رضى والدها المريض ووالدتها، وتوفر لهما كل احتياجاتها بالإضافة لتدبير والدتها أمور منزلهم.
وأضافت شاكيرة، أنها لا تمانع من أن يستقل أى زبون معها التوك توك لتوصيله، ولكن فى حالة صدور منه كلاماً يضايقها لا ترد عليه، وبصمتها يمتنع عن كلامه ويزيد احترامه لى، مؤكدة أنها واثقة من نفسها، وفى حالة تكرار المضايقات لا أخشى من رفضى عدم توصيله فى مرات أخرى، وهذا لم يحدث لها إلا نادراً.
وقالت، إنها تعشق توصيل كبار السن، وفى حالة إحساسها بحاجة الزبون لما يدفعه يمكن التنازل عن أجرها، لأنها تعلم جيداً معنى الحاجة، مؤكدة أن سائقى التكاتك يعرفونها ويقدرون عملها ولا يعرضونها للمضايقات وتجد منهم الخوف عليها، فهى تحترمهم وتحفظ خوفها عليها دون تفرقة بينهم.
وأضافت شاكيرة، أنها لا تشغل أى أغانى بالتوك توك، لأنها ترفض ازعاج الزبائن بالأصوات العالية، خاصة أن بالمنازل مرضى وأطفال وكبار السن لابد من مراعاة ظروفهم عند مرور التوك توك بالشوارع الملاصقة للمنازل، مشيرة إلى أنها لا يهمها إلا توصيل الزباين، مش سماع أغانى وكلام فاضى.
سهام "شاكيرة" داخل التوك توك
سهام تقود التوك توك
سهام بداخل التوك توك
سهام تقود التوك توك بأحد شوارع إبشان
سهام متمكنة فى قيادتها للتوك توك