أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة مسرحيات "أبو الهول"، و"الضمادة"، و"فِيدْرا" للكاتب الإسبانى ميغيل دِ أونامونو ونقلها للعربية مزوار الإدريسى من المغرب.
اشتهر ميغيل دِ أونامونو (1864-1936)، بين القراء العرب، باشتغاله الفلسفى الوجودي، وقُرِن لديهم دوماً بالفيلسوف الدانماركى سورين كيركجارد. وعُرِف لدى البعض بصفته روائياً، لأن بعض أعماله تُرجِمتْ إلى العربية، لكنّ الفيلسوف أونامونو الذى كان عميداً لجامعة سلامنكا كتب الشعر والنقد، إضافة إلى إبداعه فى المسرح.
الأكيد أنَّ أونامونو كاتبٌ فذ، ويؤيّد ذلك الإقبالُ القوى على أعماله، لِحدّ الآن، مِنْ قِبَل مختلف شرائح القُرّاء بإسبانيا وأمريكا اللاتينية، نَظَرا لما يطبعُ كتابتَه من موسوعية مُبهرة وقلق معرفى، ورؤية نافذة ناقدة، وعمق تحليلى، وأسلوب شخصى جرىء.
لكنّ الوجه المسرحى لأونامونو ظلّ مجهولا عند القارئ العربى، عِلْما بأنّه أبدَعَ مسرحيات عديدة، منها ما حظى باحترام كبير، ومنها ما عُرِض على الخشبة، وأنّ الكتابة المسرحية لديه اعتُبِرتْ إضافةً تعبيرية أخرى عن فلسفته وشواغله ووعيه، ووسيلة سريعة ومُباشرة للتأثير فى القُرّاء والمجتمع، بِحُكم نَظرِه إلى المسرح كتمثيل للحياة.
مارس ميغيل دِى أونامونو الكتابة المسرحية مثلَ باقى فنون الكتابة الفكرية والأدبية الأخرى، وجعلها مختبراً لشواغله ولأفكاره الفلسفية والسياسية والوجودية. ويقف القارئ على هذا القلق والاهتمام فى هذه المسرحيات الثلاث؛ «أبو الهول» و«الضمادة» و«فِيدْرا»، بما فيها من رغبةٍ أكيدة فى تجديد كلِّى للمسرح وللمشهد الثقافى والاجتماعى والسياسى فى إسبانيا، اعتماداً على البساطة فى الديكور والحوار وبناء الأفكار، ومن خلال رؤية للعالم تهتمّ بالقبض على جوهر الإنسان، أى على سرّ وجوده الذى يُخوِّله الانتصار على الموت، وهى هواجس أبعَدتْ مسرحَه عن أنْ يكون شعبيّاً، عكسَ أعمالِ معاصريه، لقد كان الشغل الشاغل لأونامونو أن يكون المسرحُ مرآةً تلتقط الحياة وتعكسُها، لأنه كان يتمثَّل الحياةَ باعتبارها مسرحاً، وسيجد القارئ، لا محالةَ، فى هذه المسرحيات ما يؤكّد هذا الكلام.
يعتبر ميغيل دى أونامونو أحد أهم الكُتّاب الإسبان فى النصف الأول من القرن العشرين، إذ كان كاتباً مجدّداً فى الرواية والمسرح، وكان مفكّراً وفيلسوفاً بارزاً، وتنوع إنتاجه المعرفى بين العديد من الفنون والفكر.
ولد فى 29 سبتمبر عام 1864، وحصل على الدكتوراة فى الفلسفة والآداب من جامعة مدريد وهو فى سن العشرين. وفى 1891 شغل منصب أستاذ اللغة اليونانية بجامعة سلمنكا، وصار رئيساً لها فى الفترة من 1901 وحتى 1914، تعرض للنفى لخلافه مع الملك، ثم عاد عام 1930، ليرحل عن الحياة بعدها بستة أعوام منعزلاً فى بيته.
المترجم د. مزوار الإدريسى أستاذ التعليم العالى بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة، عمل أستاذاً زائراً بجامعة غرناطة فى إسبانيا وبكلية ميدلبيرى بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو شاعر ومترجم وعضو اتحاد كتاب المغرب.
نَشر ديوانيْن شعريين: "مرثية الكتف البليل" و"بين ماءيْن"، وله أكثر من عشرين كتاباً مترجماً من الإسبانية إلى العربية والعكس. ومن أهم ترجماته فى السرد: "رحلات عبر المغرب"، و"سفاراد"، و"الحصن الخشبى"، و"على أبواب طنجة"، وفى الشعر: "ألبوم العائلة"، و"بصَرٌ حسير"، و"كون مسرنَم"، وغيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة