الإنسان لا يولد إلا بعد ألم المخاض، والنهار لا يفرض سطوته إلا بعد صراع مرير مع الليل، والليل لا يأتى إلا بعد احتراق النهار فى كبد السماء، والنجوم لا تضىء السماء إلا بعد سفك دماء السحاب .. ولا أحد يصل إلى مكان إلا بعد المرور فى فوضى زحام المسافات والعثرات .. لكن على الرغم من قسوة الحياة وقوانينها الصارمة إلا إنها مسورة بالسحر والجمال .. فالتناقض هو سر الحياة !.. فبقدر ما تعطى بقدر ما تأخذ .. ولا نملك إلا الحراك فى ربوعها بالسعى والاجتهاد كى نغير واقعنا الذى يعرقل مسارنا فى تحقيق سبل السعادة والراحة التى ننشدها كبشر فضلهم رب العزة على كافة مخلوقاته، سبحانه .
فالحياة لا تلتفت إلى من علقوا مصائرهم على جذع شجرة لا يسكنها إلا المجهول كأنهم لا يؤمنون إلا بالنذور التى تذبح فيها الطيور لتفك شيفرة حياتهم التى حبسوها فى سجن البدن، وشنقوا أنفسهم بحبال اليأس والإحباط ذات أزمات.. فمهدوا كل الدروب المؤدية إلى خراب الروح ذات خوف من الآتى دون أن يدركوا أن فى الكون إله قادر على كل شىء مهما اشتدت المحن ! .. لم يفكروا لو مرة أن يبتكروا طرق أخرى بالسعى والاجتهاد.. بل استسلموا وتركوا أحلامهم تسبقهم لتنام قبلهم على وسائدهم ذات قلق !
وبعد أن نهشتهم مخالب التعاسة والوحشة سقطوا فى البئر الأخير من تراكم أعمارهم على أبواب الزمن الذى لا يتوانى بكل براعة فى لملمة وجوههم ودسها فى شنظة سفر إلى المجهول ! .. ومن ثمة يلعنون الظروف وهم يشاهدون قطار حياتهم يسير مسرعا وهم على رصيف الانتظار!
لو قلنا أن الحياة هزمتنا رغما عنا دون أن نجتهد.. فإننا بذلك نجد أسبابا رائعة كى نبرر سلبياتنا والكذب على أنفسنا التى صارت مجرد خيبات مكومة على أرصفة الحياة التى نعيشها!.. وكيف تهزمنا الحياة وفى قلوبنا إيمان وفى أرواحنا اليقين بالله الذى كتب علينا السعى لنغير من واقعنا مهما كان مؤلماً .. فالحياة لا تنظر إلى من يركع على ركبتيه يأساً.. إنما تنظر إلى هؤلاء الذين ينفضون عن نفوسهم غبار السلبية وطوعوا الحياة لصالحهم كى تبتسم لهم مستعينين بالله الواحد الديان.
وفى خضم هذه المهازل إلى نعيشها .. حتما سننسى وتناسى لحن قلوبنا التى تاهت بين الأوتار المتقطعة فى منظومة الوجود وسط زخم بشرى يدعى الفضيلة فى النهار، وفى الليل يستحم بالنبيذ!
فمن يريد أن يثبت وجوده كما أمرنا الله .. فعليه أن يثق فى نفسه ويغير من بوصلة تفكيره ويهزم مخاوفه الواهية، ويصر أن يجد سعادته مهما غابت !.. وحتما سيجدها، وسيكون القادم أجمل بإذن الله .. بإذن الله .
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل عبد الودود
استاذ مصطفى ابراهيم
مقالة أكثر من رائعة أتقنت وأحسنت وأيقظت النفس الساكنة النائمة بداخلنا ..أشكرك