أعلن عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدنى غير الحكومية المصرية ترحيبهم بإصدار مجلس النواب لقانون الجمعيات الأهلية، مؤكدين أنها خطوة هامة وبداية لتوفير بيئة مواتية لعمل المنظمات فى مصر.
ومن جانبه قال المحامى بالنقض سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة "ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان"، إن مشروع قانون الجمعيات الأهلية المُقدم من مجلس النواب يمكن اعتباره أساسا يمكن البناء عليه للانتهاء من وضع قانون للجمعيات يوفر بيئة مواتية لعمل المنظمات في مصر، ويسمح لها بأن تقوم بدورها كشريك للدولة في التنمية.
وأضاف عبد الحافظ لـ"اليوم السابع" أنه ليس مع تشنج بعض الحقوقيين وصراخهم غير المبرر في رفض مشروع القانون، قائلا: "وأرى أن المنظمات لديها فرصة لتقديم مقترحاتها لضبط إيقاع القانون على القواعد الحاكمة الدولية للحق في التنظيم وتكوين الجمعيات، وأرى أن بعض نصوص المشروع المقدم به بعض التغول من الجهة الإدارية في عمل الجمعيات، وهو ما يستوجب على النواب إلغاء تلك المواد وإقرار نصوص تسمح بعلاقة متكافئة مبنية على الاحترام المتبادل بين المنظمات والجهة الإدارية".
كما حذر عبد الحافظ النواب من إقرار عقوبات سالبة للحرية حال مخالفة نصوص القانون، مطالبا بإلغاء النص الخاص بحل الجمعية إذا ارتكب أحد أعضاء مجلس الإدارة لمخالفة، قائلا: "لأنه لا يجوز أن تعاقب الجمعية بالحل بسبب مخالفة لأحد أعضائها، كما أنني أطالب الحكومة بتقديم مشروعها لمناقشته أيضا وتقوم اللجنة التشريعية ولجنة التضامن ولجنة حقوق الإنسان بصياغة قانون للجمعيات من بين المشروعين بعد استدعاء اللجنة الثلاثية المشتركة لاقتراحات وتعديلات ممثلى الجمعيات".
وبدورها باركت الناشطة الحقوقية داليا زيادة مدير ومؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة إصدار قانون الجمعيات الأهلية، مؤكدة أنها خطوة مهمة اتخذها البرلمان بالعمل على قانون الجمعيات وإصداره، لافتة إلى أن هذا القانون تأخر كثيراً بسبب إطالة ربما تكون غير مقصودة من جانب الحكومة.
وأوضحت داليا فى تعليق لها على قانون الجمعيات، أن إصدار القانون هو خطوة في منتهى الأهمية بالنسبة لصورة مصر أمام المجتمع الدولي، قائلة: " ألزمنا نفسنا في المراجعة الدورية الشاملة في الأمم المتحدة بضرورة إصداره في أقرب وقت، وتاه مشروع القانون الفترة الماضية بين أيدي وزارة التضامن، ثم لجنة الـ18 التى تضم خبراء حقوقيين تحت قيادة الدكتور أحمد البرعي أثناء عمله كوزير، ثم في حوار مجتمعي نظمه الاتحاد العام للجمعيات مستمر منذ ثلاث سنوات، وما زلنا في هذه الدوامة ما يزيد عن أربع سنوات".
وأشارت داليا إلى أن مشروع القانون الذي تقدم به البرلمان لا يختلف كثيراً عن مشروع القانون الذي تتبناه وزارة التضامن ولجنة الـ18، إلا في نقطة واحدة وهي المنظمات الأجنبية غير الحكومية، حيث اقترح مشروع القانون الذي قدمه البرلمان، أن يكون هناك جهاز ينظم ويشرف على عمل أي منظمة أجنبية في مصر، وفي نفس الوقت لا يجوز للمنظمة المحلية أن تتعاون مع منظمة أجنبية دون موافقة وإشراف هذا الجهاز، لافتة إلى أنه باستثناء وضع المنظمات الأجنبية فإن مشروعي القانونين نجحا في تحقيق الموازنة الصعبة بالنسبة للمنظمات المحلية بين حرية تكوينها وإنشائها وإدارتها من جانب، وبين حق الدولة في الإشراف والرقابة على هذه الجمعيات بما لا يعطل عملها من جانب آخر، قائلة "وبهذا يتحقق التوازن بين حرية عمل المجتمع المدني والحفاظ على الأمن القومي المصري".
وتابعت الناشطة الحقوقية داليا زيادة: "فقد حقق هذا القانون أغلب ما نطمح إليه كجمعيات أهلية، خصوصاً في 3 محاور: حرية التكوين بالإخطار، عدم حل الجمعية إلا بأمر قضائي، والبت بشكل سريع في المنح والتمويلات الواردة إلى الجمعية من خلال الجهاز القومى".
كما استعرضت مدير ومؤسس المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة الانتقادات المتوقعة على القانون والرد عليها، لافتة إلى أن المجتمع المدني غاضب، وأن قيادات العمل الحقوقي في مصر يرفضون القانون، قائلة "هذا كلام غير دقيق، فالمجتمع المدني في مصر قوامه يزيد على 30 ألف جمعية ما بين جمعيات تنموية (خيرية) ومؤسسات حقوقية (تعمل في مجال حقوق الإنسان) وقلة من مراكز الدراسات التي ظهرت بعدد أكبر في السنتين الماضيين فقط".
وأضافت داليا أن هناك حوالي عشرين مؤسسة فقط (على أقصى تقدير) من أصل 30 ألفا هي التي تعارض القانون الآن، موضحة "وهم أيضاً أحد أسباب تعطيل مشروع القانون الذي تتبناه الحكومة طيلة أربع سنوات، وهم أنفسهم من تعنتوا ضد وزيرة التضامن حين منحتهم مهلة الـ45 يوما لتوفيق أوضاعهم والدخول ضمن قانون الجمعيات الحالي، وهم السبب في تعطيل أي إطار قانوني تحاول به الدولة أن تمارس حقها الطبيعي في تنظيم عمل المجتمع المدني".
وأوضحت داليا أن هذه المنظمات في أغلبها لا تعمل في إطار القانون ولا القديم ولا الجديد، وسجلوا أنفسهم كشركات خاصة ومكاتب محاماة، وكانوا يتلقون تمويلات ويتعاملون مع منظمات أجنبية دون أي إشراف أو تدخل من الدولة لعشرات السنوات، وأن جزءا كبيرا منهم متهم الآن في قضايا التمويل الأجنبي المفتوحة حالياً، قائلة "وبالتالي هم لا يريدون أن يكون في مصر قانون يضطرون للعمل في إطاره، حتى تستمر المنظومة الفاسدة التي يعملون خلالها، هذه المجموعة صوتها عالي إعلامياً داخل مصر وخارجها، وبالتالي يعطون أنفسهم الحق للتحدث باسم المجتمع المدني ككل الذي لا يشكلون إلا 1% منه على أقصى تقدير".
وحول ما أثير عن أن القانون يخالف المواثيق الدولية، قالت داليا زيادة أن هذا كلام غير صحيح، لافتة إلى أن مشروع القانون يعتمد على المادة75 في الدستور المصري، وأنه يتوافق تماماً مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر وملتزمة بها مثل "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية".
وأشارت داليا إلى أن عمل المجتمع المدني عمل عام يمس أمن وسلامة المجتمع بشكل مباشر، وأنه لا يجب أن يترك دون رقابة أو عقوبة تردع من يريد إساءة استغلاله، قائلة "وكما رأينا من قبل، أكبر مثال على ذلك هو جماعة الإخوان الإرهابية التي استغلت العمل الأهلي في استغلال الفقراء لخدمة أجندتها السياسية، وهذه أمور تستوجب العقوبة الجنائية".
وعلقت داليا على ما أثير حول ازدواجية في العقوبة بين قانون العقوبات ومشروع قانون الجمعيات، لافتة إلى أن قانون العقوبات قانون شامل، قائلة "وبالتالي بعض العقوبات المنصوص عليها فيه "مط" لأن المشرع حاول أن يجعلها تنطبق على مواقف عامة، أما قانون الجمعيات فهو مخصص فقط لتنظيم عمل الجمعيات، والعقوبات الموجودة فيه محددة تماماً وواضحة تماماً، وبالتالي لا يوجد أي ازدواجية هنا، مثال على ذلك قانون الإرهاب مثلاً وقانون التحرش، لديهم نصوص في قانون العقوبات لكن بعد انفصالهم في قوانين مستقلة تم وضع عقوبات محددة فيهم".
كما أوضحت داليا أن هذا أول مشروع قانون يعطي الحق للجمعية أو المؤسسة بالتأسيس بمجرد الإخطار وذلك وفقاً لنص الدستور، مضيفة "أما أن تطلب الدولة من الجمعية أن تقدم أوراقا رسمية لاعتمادها خلال 30 يوما، فهذا أمر طبيعي ومعمول به في كل العالم، وحتى في دول تسبقنا بكثير في مجال الديمقراطية مثل أمريكا، والإخطار هنا، لا يعني أن تبلغ الدولة ثم تنصرف لتفعل ما تفعل، الإخطار هو إعلان لبداية علاقة بين الدولة والمنظمة أو الجمعية، ويجب أن تؤسس على أوراق تثبت ما هي هذه الجمعية وما تنوي فعله".
وحول ما تردد عن وجود هواجس أمنية هي من حركت مشروع القانون وبالتالي هو قانون قمعي، قالت داليا زيادة إنه بالطبع هناك رغبة في الحفاظ على الأمن القومي في مرحلة حرجة جداً تمر بها مصر، لافتة إلى أن الرغبة الأكبر هي في تحقيق الحريات العامة التي لا يمكن أن تتوفر دون تحقيق سيادة القانون، لافتة إلى أن ذلك ما يحاول البرلمان تحقيقه بسرعة إنجاز وإصدار قوانين مهمة مثل قانون الجمعيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة