شهدت فعاليات اليوم السادس للدورة الـ38 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، عروض عدد كبير من الأفلام فى الأقسام المختلقة، وإقامة ندوات للنقاش حولها مع جمهور المهرجان والنقاد، وكان أبرزها الفيلم الجزائرى "حكايات قريتى"المشارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان، الذى تدور أحداثه فى قرية جزائرية أثناء الحرب عبر "بشير" طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، يحلُم بأن يكون ابنًا لشهيد، حيث إنه من المفترض أن يتمتع أبناء الشهداء بمستقبل عظيم، لذلك هو على استعداد بالتضحية بوالده الذى هجرهم منذ خمسة أعوام كى يحقق هدفه، وبصديقه فرانسوا الجندى الفرنسى الذى تحول إلى عدو لدولته.
لقطه من فيلم حكايات قريتى
وفى الندوة التى حضرها مخرج ومؤلف الفيلم كريم طرايدية، أوضح أنه اختار الطفل "بشير" ليمثل كل الأطفال الصغيرة فى هذا التوقيت، مضيفًا أن القصة محلية وعبارة عن بشير وعائلته المكونة من هلال تفاصيل هذه العائلة الصغيرة، مؤكدًا أن الفيلم لا يتناول الحرب والاستقلال فى الجزائر وإنما اختار فيلما يتناول شيئا وطنيا كبيرا كالثورة الجزائرية والأبطال والشهداء بقصة صغيرة وحميمية.
وأكد طرايدية مناقشة التحرر من حالة الإحباط التى راودت الشعب الجزائرى قبل الاستقلال عندما كان عمره ١٣ عامًا، موضحًا أن "حكايات قريتى" عن تجربة شخصية له، ويروى إحباطاته، لافتًا إلى أن المشهد الأخير الذى أضافه للأحداث الأخيرة ليس من الذاكرة لوجود اسم أبو مدين فيه وهو لم يكن معروف فى تلك الفترة، ليشير إلى الحيرة والضبابية التى سادت الموقف وسيطرت على من قاموا بالتحرير والاستقلال.
وأشار المخرج الجزائرى المقيم فى هولندا أن السيناريو بدأ فى كتابته منذ سنة ١٩٩٠، موضحًا أن مشهد السيدة التى اعتادت على إطعام الطفل بشير للعسل بيدها بأن هذه الشخصية مازالت متواجدة بالفعل فى حياته واعتادت يوم الأحد من كل أسبوع بعد الكنيسة إحضار العسل وإطعام الصبية، مضيفًا أنه عندما كان صبيًا أحب العسل، ولكن عندما كبر شعر كم هو مهين مع الأطفال وهذا يجسد فكرة الاستعمار وشعرت بالغضب بعدها وقرر أن ينتقم بمشهد "عضة" الطفل للسيدة.
وتابع طريدية أنه غير مؤمن بأن الفن يقدم رسائل وإنما يقوم بعمل فيلم للمشاهد عليه أن يخرج منه بما فى داخل العالم، موضحًا أن العلاقة بين الجندى الفرنسى والمواطن فى الفيلم ما هى إلا مجازية، إذ كان للمواطن حلم أن يحل الجندى الفرنسى محل والده، ولكن عندما اكتشف أن هذا الجندى من الممكن أن يكون خائنا وبالتالى تغيرت مشاعره ناحيته.
وفى ندوة الفيلم البرتغالى الموزمبيقى "قطار الملح والسكر" المشارك فى المسابقة الرسمية أيضًا، قال المخرج ليسينو ازيفيدو إن من أهم الصعوبات التى واجهها فى تنفيذ الفيلم هو الحصول على تصريح بالتصوير، وذلك لأن قصة الفيلم عن الحرب الأهلية التى حدثت فى الثمانينيات بموزمبيق، ووقت تصوير الفيلم كانت بدأت من جديد، لافتا إلى أنه حصل على التصريح قبل أسبوع واحد من الموعد المحدد للتصوير.
وأضاف أن التصاريح لم تكن العقبة الوحيدة بل أن خطوط السكة الحديد المستخدمة كانت حقيقية، وكان يضطر لإبعاد القطار الذى يصور فيه أحداث العمل خارج الخطوط كل ساعة تقريبا حتى تتمكن القطارات الحقيقية من المرور، موضحا أن القطار الذى يصور فيه كان قديما وكثير الأعطال، كما أنه تحرك فى يوم ما بمفرده وجرى خلفه طاقم العمل.
وتابع بأن نهاية الفيلم قد تكون صادمة للبعض لموت البطل الذى أحبه الجميع، ولكنه قصد تقديم الفيلم بهذا الشكل ليعبر عن حقيقة العالم الذى نعيش به فهو لا يؤمن بالنهايات السعيدة دائما، مؤكدا أن الفيلم إنتاج مشترك من أكثر من 5 دول، لأن موزمبيق لا يوجد بها ميزانية للأفلام الروائية الطويلة والحكومة هناك تهتم بالأفلام التسجيلة أكثر، لافتا إلى أن موزمبيق قد تقدم فيلما روائيا طويلا كل 4 أو 5 سنوات، مشيرا إلى أن بطلة العمل ليست محترفة، وأنها المرة الأولى التى تقف فيها أمام الكاميرات.
وفى ندوة أخرى أقيمت للفيلم "هذا هو الجحيم"، الذى يشارك فى مسابقة "مهرجان المهرجانات"، وذلك فى حضور مخرجى ومؤلفى العمل كاتيا بريفيزينتشو، بافيل تاراسيويتش والبطل كاتارزينا باسكودا، الذى قال إنه لم يكن الاختيار الأول لدوره فى الفيلم وإنما كان هناك بطل آخر وصور عدد من المشاهد لكنه لم يكمل واعتذر، وعندما عُرضت عليه الشخصية تحمس لها، ووافق وبدأ فى التحضيرات خلال اليوم الثانى مباشرة، لافتا إلى أن الفكرة التى يناقشها الفيلم شغلت تفكيره كثيرًا فى حياته ولذلك تحمس لتقديمها.
جزء من فيلم هذا هو الجحيم
أما المخرج بافيل تاراسيويتش، أكد الفيلم لا تدور أحداثه حول البحث عن هوية القاتل ولكنه نسيج معالجة درامية من وحى الخيال من أجل ترجمة الأفكار، مضيفًا أنه لم يطرح سؤالًا فى الأحداث حول حل اللغز، وإنما الجانب الخيالى فى العمل جاء بهدف خلق حالة من التفكير والتعايش مع الخيال، وتسليط الضوء على السفاحين فى فترة زمنية الثمانينات وتحديدًا عام 1984، موضحا أنه ترك حرية كبيرة للممثلين فى طرح أفكارهم خلال التجربة خاصة أنها تعتمد على الشباب، وكانت هناك رغبة من كل العاملين فى الفيلم على الانتهاء من تصويره خلال أسرع وقت.
وعن تناول العمل لفترة الثمانينات أكد المخرج أنه لم يوضح أو يكشف عن الفترة التى تدور فيها الأحداث سواء الثمانيات أو التسعينات، مضيفًا أن شخصية البطل فى البداية كان من المفترض أن يكون بولنديا، ولكن بعد تصوير عدد من المشاهد تم استبداله بممثل آخر يقيم فى بولندا لكونه أقرب لطريقة وشكل الشخصية والتى كانت صدفة من حظهم الجيد.
وتابع المخرج أن الأماكن التى تم التصوير فيها حقيقية بنسبة 90% وحتى الأجواء أيضًا حقيقة، مشيرًا إلى أنه تمت الاستعانة بكاميرات من إنتاج الثلاثينات من أجل معايشة الزمن القديم لأحداث الفيلم، لتشير المؤلفة إلى أن المبنى الرئيسى الذى تم التصوير فيه الأحداث كان فى شمال بولندا ولكنه غير متواجد حاليًا ومن المحتمل أن يكون تم تدميره.