اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى على خلفية اشتعال الحرائق على مدار عدة أيام فى الأراضى المحتلة فى القدس وفى حيفا ذات الأغلبية العربية ، وعبر العرب الكارهون لإسرائيل عن فرحتهم بتدشين العديد من الهاشتجات تحت عنوان "إسرائيل تحترق" .. وهو الأمر الذى يعد التعبير النفسى العربى لدولة الاحتلال الصهيونى .
فى البداية لابد وأن نقرر أن العقيدة والعقلية الإسرائيلية تستخدم اتهامات الحرائق لتمرير مشروعها اللاإنسانى ضد كل شعوب الأرض، واتهاماتها لألمانيا بالهلوكوست وإحراق اليهود هى المثال الأبرز، الذى مازالت تبتز به ألمانيا حتى الآن، وتتغنى به فى أدبياتها، فهاهى ترتكب هولوكوست جديدا ضد أشجار الزيتون والصنوبر التاريخية التى يبلغ عمرها أكبر من عمر دولة الاحتلال، لتقوم بإلصاق تهمة الإحراق بحق الفلسطينيين.
وبقراءة متأنية لحالة الحريق التى انطلقت فى منطقة أشجار الزيتون والصنوبر والغابات يستبين لنا بالبحث أن هذه ليست المرة الأولى التى تتعرض لها إسرائيل لمثل هذه الحرائق بل واجه الاحتلال الصهيونى حريق "جبل الكرمل" من قبل فى ديسمبر 2010 ،والتى حسبما أفادت تقارير اسرائيلية أنها بفعل فاعل.. ويذكر أن الحريق قد أودى بحياة العشرات وتقريبا 44 شخصا، وكلها بسبب حالات الاختناق فيما طلب أيضا وقتها بنيامين نتنياهو والذى كان رئيسا للوزراء آنذاك من قادة النرويج وفنلندا وهولندا وبلجيكا وألمانيا إرسال مساعدات لمواجهة الحرائق الهائلة و إرسال طائرات مكافحة الحرائق.
أما عن هذه المرة فإن أغلب التقارير الواردة من الصحافة الإسرائيلية تؤكد أن أسباب حريق حيفا وغابات الصنوبر هذا العام هى بفعل فاعل فهى لشباب تناولوا النرجيلة وتركوا خفهم الفحم مشتعلا مما تسبب فى هذه الحرائق .. الغريب فى الأمر كما يؤكد الخبراء فيما يحدث حاليا هو أنه تحول إلى كراهية جديدة ضد العرب لصب الاتهامات نحوهم، إذ أكدوا أن ما يحدث حاليا من محاولة توصيف ما يحدث على أنه إرهاب أمر يثير القلق، ويدل على أن الفترة المقبلة ستشهد تطورات سلبية فى طبيعة العلاقة بين مؤسسات الدولة وبين عرب إسرائيل الذين يشكلون أكثر من 20% من تعداد السكان.. وهو الاستهداف الأول من هذه الحرائق التى نتصور أن سلطات الاحتلال هى التى أشعلتها لتثير غضب المجتمع الدولى ضد الفلسطينيين والعرب وتصويرهم على أنهم دعاة حرق ،من أجل نفاذ الاحتلال من الاتهامات الدولية التى تناله بسبب سياساته العنصرية الإبادية وعمليات التعذيب الممنهجة ضد شعب محتل، وهو ما يؤكد لدينا أن إسرائيل ستسعى لشن هجمات بربرية على الفلسطينيين خلال الفترة القادمة .
وأما عن أشجار الزيتون والصنوبر محل الاشتعال فإنها أشجار عربية خالصة ويراها الاحتلال رمزا للصمود العربى فى مواجهة الاحتلال، ويراها الإسرائيليون كل يوم رمزا لهذا الصمود والتحدى فى كبرياء وعزة وفخر ،وهو ما يدفعهم إلى التخلص منها فى طريقهم لتهويد الأرض الفلسطينية ،فوق أنهم يؤمنون بأن هذه الأشجار سيكون لها – إن بقت سامقة فى الأرض – دورا فى نهاية دولة الاحتلال الصهيونى .. وهنا نقول لكل العرب الذين فرحوا فى حرائق الزيتون والصنوبر " هذه الأرض أرضنا ،وأشجار الزيتون والصنوبر هى أشجارنا ،فالشجر مازال يحمل فى خلاياه الروح العربية ،ولم يستطيعوا تهويده ،ولم يأت اليوم الذى أصبح فيه هذا الشجر إسرائيليا، وسيبقى عربيا خالصا حتى تقوم الساعة ،ووجود هذا الشجر يذكر الاحتلال بأن الأرض ليست أرضهم ،والشجر وأوراقه الخضراء يغرسون ويكرسون فى نفوسهم ويذكرونهم دوما بأنهم غاصبون ومحتلون.
ويسعى الاحتلال لإزالة هذه الأشجار العربية بحرقها وذبحها للتخلص من قوتها النفسية والتاريخية ،وإقامة المستوطنات الإسرائيلية مكانها ،فما لا يستطيعوا تهويده يحرقوه أو يقتلوه ،وما يؤكد ذلك قيام الكنيست الإسرائيلى بمطالبة الحكومة بإنشاء 550 مستوطنة فى ذات الأراضى التى أشعلوا فيها الحرائق ،وهى الأماكن ذات الأغلبية العربية..وهو ما وافقت عليه حكومة نتنياهو.. الأمر الذى استنكره السفير المصرى فى إسرائيل حازم خيرت خلال المؤتمر السنوى لصحيفة "جيروزاليم بوست".
وتمتلك إسرائيل أسطولا مكونا من 18 طائرة إطفاء وهو الأضخم فى الشرق الأوسط.. إذ اشترتها بعد حريق الكرمل الذى شهدته إسرائيل فى 2010 .. ويذكر أن حريق الكرمل كان فى منطقة واحدة فقط وتوفى بسببه 44 أغلبهم من حراس سجن الكرمل ,, وهنا تثور التساؤلات بعد أن امتد الحريق إلى نحو 220 حريقا كبيرا دمر 135 منزلا وآلاف الأفدنة ولا يصاب غير 30 شخصا بحالات اختناق فقط ،وأن يتواكب ذلك الحريق مع إعلان إسرائيل عن مشروع جديد لإنشاء 550 مستوطنة ؟و هل إسرائيل بحاجة فعلا إلى المساعدة التركية بإرسال طائرة إطفاء واحدة بينما إسرائيل تمتلك 18 طائرة ،ولماذا تركزت الحرائق فى حيفا والقدس وهما ذات الأغلبية العربية، وأماكن اعتبرتها إسرائيل محلا نموذجيا لمشروعها الاستيطانى.
ويرى المركز الوطنى للدفاع عن حرية الصحافة والإعلام أنه لابد من تحرى الدقة فى المعلومات الصادرة من الإعلام الإسرائيلى وتحليلها للوقوف على حقيقة هذه الحرائق التى أشعلتها سلطات الاحتلال ،ولابد من المطالبة بلجنة تحقيق دولية أممية فى هذا الأمر، تقوم بعملها فى نزاهة وحيدة للوقوف على جريمة الاحتلال الجديدة ،بدلا من أن تصدر إسرائيل نفسها للعالم على أنها الضحية، ولكن نطرح تساؤلنا فى هذا الصدد وهو هل توافق إسرائيل على لجنة التحقيق المقترحة أم أنها سترفض معتبرة ذلك تدخلا فى شئونها؟؟وتواصل تنكيلها بالشعب الفلسطينى وتسعى إلى سياسة "الأرض المحروقة" وهى السياسية التى تجيدها إسرائيل بامتياز.
وسيقى الإنسان العربى صامدا فى وجه الاحتلال ،وستبقى غصون الأشجار رغم الحرائق تنادى فى الدنيا كلها لتقول "إن رائحتى وثمارى هى لكل الناس فى كل بقاع الأرض، ولكن هويتى ستبقى عربية ينبعث منها الحب والسلام لكل العالم".. وينادى المركز الوطنى للدفاع عن حرية الصحافة والإعلام فى كل صاحب قلم ،وكل ذى ضمير إنسانى "أوقفوا المذبحة ،طالبوا بإخماد الحرائق، وطالبوا بالتحقيق الدولى لإثبات جريمة إسرائيل ،وأنقذوا حريق الزيتون والصنوبر فهى عربية وتراث للإنسانية كلها."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة