عباس بيضون: لن أخون نفسى والشعر بالمشاركة فى ملتقى القاهرة

السبت، 26 نوفمبر 2016 01:00 م
عباس بيضون: لن أخون نفسى والشعر بالمشاركة فى ملتقى القاهرة الشاعر والكاتب اللبنانى عباس بيضون
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اعتذر الشاعر والكاتب اللبنانى عباس بيضون، عن المشاركة فى فعاليات الدورة الرابعة من عمر ملتقى القاهرة الدولى للشعر العربى، والذى من المقرر أن تنطلق فعالياته غداً، الأحد، واصفاً مشاركته بقوله: ألست فى هذا أخون نفسى وأخون معها الشعر، بكل ما عنى لى وما كانه فى نفسى وفى حياتى.

وقال عباس بيضون فى مقال له بعنوان "اعتذار عباس بيضون" نشره موقع السفير: لم أجادل حينما تلقيت دعوة لحضور ملتقى الشعر فى القاهرة، فقد سبق أن حضرت ملتقى كان فيه محمود درويش وسعدى يوسف. ثم إنه الشوق إلى القاهرة وأصدقائى فيها جعلنى أرتجل القبول ولا أفكر فى تبعاته، ثم رُشحت للجنة التحكيم، وهذه المرة كان على أن أفكر وأن أستشير لكنى نمت عن ذلك، فقد بقى فى خاطرى الملتقى الأول الذى شهدته وشهدت فيه شعراء لا أشك فى شاعريتهم.

أما الذين لا يرضوننى كشعراء فهم فى كل ملتقى وكل مؤتمر ولا عبرة فى وجودهم. ثم حدث أن سافرت إلى «السليمانية» فى كردستان العراق السبت الماضي، وهناك أمضيت خمسة أيام لم أتصفح فيها جريدة ولم يصل إلى علمى ما يحدث بخصوص ملتقى الشعر.

عدت البارحة فقرأت وأنا فى الطائرة مقالة فى "السفير" للزميل الصديق محمد شعير فهمت منه أن أدونيس وسعدى يوسف اعتذرا عن عدم الحضور، وليس هذا بلا سبب، ثم علمت أن عبد المنعم رمضان وهو من شعرائى المفضلين، ومعه سرب آخر من الشعراء المصريين اعتذروا أيضاً عن عدم الحضور، وليس هذا بلا سبب أيضاً.

قلت فى نفسى ما شأنى أنا بملتقى يغيب عنه هؤلاء، لأسباب لا أشك أنها تعنينى كمثقف وتعنينى كشاعر. شكرت فى قلبى الزميل الصديق على مقالته تلك، التى لولاها كنت سأطير إلى القاهرة السبت القادم، لأشارك فى الملتقى كشاعر وكمحكم.

عباس بيضون: لهذه الأسباب أعتذر عن ملتقى القاهرة للشعر

لا أريد أن أعتذر عن عدم الحضور تضامناً مع أحد ولكن تضامناً مع نفسي، لقد حضرت الملتقى الأول كشاعر وشاركت فى إحدى أمسياته بقصيدة. أما الآن فإننى أحضر كمحكّم، فى ملتقى تكاد تكون الجائزة غرضه الأول. أحضر، إذا حضرت، لأجد نفسى من غير إرادة فى الجهاز الذى يفعل ويقرر، ولأتحمل، من دون إرادة، مسؤولية عما يتم تقريره، سواء كنت من رأيه أم لم أكن، فقد قرره جهاز أنا عضو فيه وليست المسؤولية فيه فردية، فما يجرى تقريره هو ثمرة نقاش تدرج فيه الجميع إلى هذه النتيجة. لقد آثر شعراء مهمون، من أجيال مختلفة، أن لا يحضروا ملتقى حجب جائزته ذات يوم عن سعدى يوسف، الذى كان من رأى محمود درويش، الذى صارت إليه جائزة الملتقى الأول، انه أهم الشعراء العرب. فمن أنا لأحضر وأشارك، على رأيى فى الشعر وعلى تجربتى فيه وعلى نظرتى للعالم وللثقافة وللأجهزة الثقافية وغير الثقافية. ألست فى هذا أخون نفسى وأخون معها الشعر، بكل ما عنى لى وما كانه فى نفسى وفى حياتى.

حسابات جائزة ملتقى القاهرة للشعر العربى

فهمت من مقالة محمد شعير أن الدورة الحالية للملتقى وهى الدورة الرابعة، توازن بين شاعرين هما سيد حجاب وإبراهيم أبو سنة. لست أحسب أن أمراً كهذا يستحق أن يكون له ملتقى، والأحرى فى مثل هذه الحال أن نخفى رؤوسنا عن الشعر، وأن لا نشهد فيه الشهادة التى تعنى فقط انه تقهقر وتجرجر وساءت حاله ورثّ. ألا يعنى هذا أن عقوداً من الشعر جرى إهمالها وأجيالاً ثم تجاوزها، وتجارب رائدة نجرؤ على عدم الاعتراف بها. كأننا لم نفعل سوى نسيان تاريخ الشعر الراهن ورميه خارجاً.

هذا بالطبع يحدث، إذا حدث، من دون الاكتراث بأن الأعين لا تزال مفتوحة، وأن ما تراكم فى زمننا الراهن من تجارب وألوان وأجيال شعرية قد صار معروفاً بما فيه من آثار وأسماء، وأن الغض عنه وتجاهله لن يكونا سوى عبث فى عبث. لن يكونا سوى تحايل ممجوج، وتلاعب بحت.

الشعر لمن يشتغل فيه ولمن يهمه ولمن تكرس له، أمر أكبر من ذلك. الثقافة أيضاً، فى مجتمع لا يسلمها للأجهزة ولا يتلاعب بها، أمر أكثر أهمية من أن نتجاهل تاريخه، وأكثر اعتباراً من أن نتناوله بيد طائشة ونظرة سريعة. لقد صارا تاريخاً وينبغى أن نتناولهما كتاريخ نحذر أن فيه نتعثر ونحن نخطو فيه، نحذر أن نخطو فيه جزافاً، وأن نتبسط فيه بحيث يغدو قشرة برانية، وبحيث نتناوله كأن لم يمر عليه زمن وكأن لم يكن فيه أوائل وأواخر، وكأن لم يحدث فيه تفاعل ولم يسفر عن قيم وعن مواقع وعن حدود.

إذا كانت هذه الدورة مصرية الجائزة، مع أننى لا أفهم هذا التصنيف بين عربى ومصرى، ألم يكن فى مسار الشعر المصرى "أصوات" و"إضاءة" ألم تكن فيه قصيدة النثر، ألم تتعاقب فيه أجيال فلماذا الإصرار على عدم النظر إلا إلى بقايا طور لم تكن أساسية فيه. وكيف لمثلى أن يشترك فى تنصيب من لا يستطيع قراءتهم.

شوقى إلى مصر وإلى أصدقائى الشعراء فيها يظل راهناً لكننى أعتذر لهم أولاً من أننى لن أحضر شاعراً ولا محكّماً.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة