حالة من الارتباك الشديد يعشيها جماعة الإخوان، فى هذا التوقيت، فى ظل اعترافات إخوانية بالتلاعب بأنصارها، وعدم ذكر الحقيقة عبر وسائل الإعلام، فى الوقت الذى تعلن فيه الجماعة على لسان أحد أبرز قياديها انها مستعدة لتقديم تنازلات.
وكشف قيادى بارز بجماعة الإخوان فى لندن، استعداد الجماعة لتقديم تنازلات خلالا لفترة المقبلة، مشيرا إلى أن الجماعة يمكن أن تغير مواقفها.
وقال محمد سودان، أمين العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة المنحل، والقيادى الإخوانى فى لندن فى تصريحات لحد المواقع الإخوانية اليوم، المواقف السياسية تحدث عليها تغيرات وتتسم بالمرونة، وهذا أمر طبيعى ومنطقى، طبقا للتطورات التى تشهدها الساحة الداخلية أو حتى الخارجية.
وتابع: "يمكن أن نتخذ خطوة للخلف وتقديم بعض التنازلات الممكنة بشكل ما أو بآخر، لكن طبيعة هذه الخطوة أو التنازل لا يمكن تحديدها إلا عقب تلقينا تصورا جادا وشاملا لإنهاء الأزمة، وأن تكون هناك ضمانات حقيقية لتفعيل هذا التصور على أرض الواقع".
وقال سودان إن جماعة الإخوان لا تزال تنتظر أى أفكار أو تصورات أو مقترحات من أى أشخاص أو جهات داخلية أو خارجية، وأنها سترحب بها وتقوم بدراستها ومناقشتها، وستأخذها على محمل الجد، بغض النظر عن الموقف النهائى للجماعة من تلك التصورات المرتقبة.
من جانبه اعترف عصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق، وعضو مكتب شورى الإخوان بتركيا، بعدم وضوح منهج الجماعة وانتهازيتها، وعدم وجود خطاب موحد لقواعدهم، مطالبًا بعمل استفتاء داخل الجماعة حول موقفهم من محمد مرسى، مؤكدًا أن الجماعة تعيش حالة ارتباك.
وقال "تليمة" فى مقال له اليوم الجمعة، على أحد المواقع التابعة للإخوان: "لا يوجد وضوح رؤية - للأسف - عند الإخوان، حول: ماذا يريد الإخوان؟ وما طبيعة جماعتهم؟ وما موقفهم ؟ وما خطتهم ؟ وهل هناك تصور حقيقى يمثل الجماعة بكل شرائحها بداية من عموم الصف الإخوانى انتهاء بالقيادات حول رؤيتهم السياسية؟"
وأضاف مدير مكتب القرضاوى السابق: "كل هذه أسئلة للأسف حتى الآن لم تبحث قيادات الإخوان، خاصة ما يطلق عليها القيادات التاريخية، عن أى إجابة واضحة وصريحة حول هذه الأسئلة، ولذا ستجد كل فترة تصريح من هنا وآخر من هناك، ثم نفى يعقبه، ثم توضيح للنفى، ثم توضيح على التوضيح، وهو ما يعبر عن أزمة كبيرة داخل الإخوان".
وتابع تليمة: "الأزمة فعلا تتمثل فى وجود خطابين عند بعض قيادات الإخوان، بل ربما أكثر من مستوى فى الخطاب، فهناك خطاب للإعلام، وهناك خطاب للداخل، وهناك خطاب للصفوة من أهل الداخل".
وأكد أن الجماعة تتلاعب بأنصارها، حيث تابع فى مقاله: "نعلن فى الإعلام والمنابر آراء لا تعبر بصدق عما بداخل القيادات، بل تخشى فقط من موجة هائجة ضدها، فبينما تعلن قيادات أنها مع الثورة، ولا تنازل عنها، بينما نرى خطابا آخر مفاده: نحن لسنا أهل ثورة".
وكشف تليمة بعض الحوارات التى تمت بين قيادات الإخوان فى تركيا قائلا: "إبراهيم منير – نائب مرشد الإخوان - نفسه الذى نفى تصريحه، أو فسره، فى حوار له معنا مجموعة من مجلس شورى إخوان تركيا، قال: إن استراتيجيتنا هى نصاب البقاء، أى الحفاظ على بقاء التنظيم".
من جانبه وصف عز الدين دويدار، القيادى الإخوانى، تصريحات التنازل التى خرجت من قيادات الجماعة بالخطيرة، مضيفا فى تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "أن الجماعة تؤكد تصريحات ابراهيم منير امين التنظيم الدولى للإخوان الذى قال إنهم يريدون المصالحة ثم خرج لينفيها".
من جانبه وصف هشام النجار، الباحث الإسلامى، تصريحات التنازل بأنها تؤكد اختلاف الجماعة الداخل وإخوان الخارج موضحا أن غالبية تصريحات الجماعة التى تعلن فيها انها مستعدة للتنازل تأتى من قيادات الخارج، فى محاولة لإرضاء الغرب، بينما قيادات الداخل وعلى رأسهم قيادات السجون يحرضون على العنف .
وأضاف النجار لـ"اليوم السابع" أنه لم يصدر حتى الآن بيا رسمى من قبل الجماعة يوضح موقفها من تصريحات قيادات الخارج، وهو ما يؤكد على عدم وضوح الرؤية الإخوانية بشأن تقديم تنازلات وتكتفى فقط بجس النبض.
ولفت الباحث الإسلامى، إلى أن هذه التصريحات تأتى فى إطار المناورة السياسية لإظهار أنفسهم أنهم لا يرفضون الحل السياسى بينما هم فى الحقيقية يمارسون العنف.
وفى ذات السياق قال طارق البشبيشى، القيادى المنشق عن الإخوان، إن التنظيم يستخدم بعض قياداته كلعبة لإحداث حالة من شغل الرأى العام حول التسوية والمصالحات ثم تخرج الجماعة لتنفى ذلك، لأنها تختبر رد فعل قواعدها فى حال أقدمت على الاستسلام.
وأضاف القيادى المنشق عن الإخوان، أن التنظيم يستخدمه الغرب لطرح مثل هذه التصريحات، ثم يخرج قياداته ليزعموا أنهم لا يعرفون هذه التصريحات وأن القيادى الذى تحدث عن ذلك لا يمثلهم، موضحا أن هذه التصريحات تأتى فى إطار صراع النفوذ داخل الجماعة والانقسام الداخلى.