يحمل وعد بلفور فى العالم العربى ذكرى سيئة لتاريخ طويل من ضياع الأرض العربية، حيث أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، ولم يعطه شيئا تافها بل منحه أرض آخرين ووطنهم، ومن يومها فى كل عام يتذكر العرب ما حدث من بريطانيا لليهود الصهاينة الذين أرادت أوروبا أن تتخلص منهم فألقت بهم ليأكلوا العرب وخيرهم.
وفى بداية العام 100 على وعد بلفور يقدم العدد الجديد (نوفمبر 2016) من مجلة "الهلال" استعراضا للمشهد العربى والدولى، وخصوصا فى مصر الواقعة تحت الاحتلال البريطانى آنذاك وفلسطين والدولة العثمانية قبل الوعد الذى صار جواز مرور لليهود الصهاينة إلى تأسيس دولة فى فلسطين برعاية بريطانيا.
فى الافتتاحية يقول رئيس التحرير سعد القرش إن ملف هذا العدد يستهدف إنعاش الذاكرة وترميمها، لافتا الانتباه إلى أن أغلب الذكريات السيئة التى لازمت القضية الفلسطينية تصادف وقوعها فى هذا الشهر، ففى 2 نوفمبر 1917 صدر وعد بلفور الذى كان تتويجا لسلسلة مخططات استهدفت تصدير المشكلة اليهودية من أوروبا إلى فلسطين، وزرعها فى قلب العالم العربى. وتولت بريطانيا تشجيع وتنظيم عمليات الهجرة، إلى أن أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى 29 نوفمبر 1947، قرار تقسيم فلسطين بين أصحابها وإسرائيل، وفى ذلك الوقت كان عدد اليهود فى فلسطين، رغم موجات الهجرة، أقل من ربع عدد السكان، وكانوا يحوزون أقل من سبعة بالمئة من أراضى فلسطين. وفى 19 نوفمبر 1977 فاجأ السادات العالم بزيارته للقدس، فخرجت مصر تقريبا من المعادلة، ولم يعد الصراع عربيا إسرائيليا، إذ انفرد الكيان الصهيونى بالدول المجاورة بادئا باحتلال جنوب لبنان فى مارس 1978، ثم حاصر بيروت عام 1982. ولم يمت السادات إلا وقد رأى قصف إسرائيل للمفاعل النووى العراقى فى يونيو 1981.
وتحت عنوان "خطة بريطانيا لإقامة دولة يهودية فى فلسطين منتصف القرن التاسع عشر" تكتب شذى يحيى عن شكوك محمد على فى مطامع الغرب، "على عكس العثمانيين الذين رحبوا بالفكرة التى بدأت تتحقق على الأرض لدرجة أنه بحلول عام 1845 نشر إدوارد لودفيج ميتفورد أحد مساعدى بالمرستون البارزين فى عدة صحف التماسا يطالب فيه صناع السياسة البريطانية باسم أمة إسرائيل أن يجعلوا شرعية إقامة هذه الأمة فى فلسطين أحد أهداف السياسة الإمبراطورية فى الشرق". وتتقصى بيسان عدوان وسائل المقاومة الفلسطينية للاستيطان الصهيونى فى فلسطين منذ نهايات القرن التاسع عشر وموقف السلطات العثمانية الغامض منه. ويتساءل تحسين يقين: ماذا لو لم يكن هناك وعد بلفور؟ ويجيب بأن المقدمات والتحالفات الدولية كانت ستنتهى إلى إقامة دولة المهاجرين اليهود فى إسرائيل سواء أكان هناك وعد سماوى أو أرضي، السبب بسيط، وهو الارتباط المبكرّ بين الحركة الصهيونية وبين الإمبراطورية البريطانية.
أما "العقيديتان الإسرائيلية والعربية فى الصراع" فهو عنوان الدكتور عبد الخالق عبدالله جبة، وفى الفنون تكتب الدكتور رانيا يحيى عن خرافة الموسيقى اليهودية ودور إسرائيل فى السطو على التراث العربى والفلسطينى تحديدا، كما يكتب المخرج فايق جراده عن السينما كأبرز روافد الثقافة الفلسطينية قبل نكبة 1948.