استضاف معهد الأبحاث الوطنية الفرنسى للتنمية المستدامة بالتعاون مع السفارة الفرنسية فى القاهرة، ندوة أمس الثلاثاء، بعنوان تحولات الدولة وإعادة الهيكلة الاجتماعية والثقافية والسياسية فى مصر والعالم العربى، تزامنا مع بدء عمل فريق البحث الفرنسى المصرى EtatRar المعنى لبحث شئون الدولة فى مصر والعالم العربى.
وتحدث عدد من الخبراء الفرنسيين والمصريين عن تحديات وتغيرات الدولة فى العالم وفى المنطقة العربية، وتحدث الدكتور على الدين هلال أستاذ السياسة بجامعة القاهرة، عن واقع الدول العربية فى السنوات العشر الاخيرة.
وأشار على الدين هلال، إلى أن الدول العربية تحت حصار العديد من الضغوط التى تتنوع بين ضغوط من أجل الديمقراطية وضغوط اقتصادية، وآخرى دولية وهى التى تدعم حركات التعبير فى الداخل والمجتمع المدنى، مضيفا أن قوى الداخل تستقوى بدعم الخارج والخارج، للسعى لزيادة نفوذه من خلال دعم قوى داخلية.
وقال هلال، إنه من الأمراض التى تصيب المنطقة العربية مثل العنف، كما أنها أصبحت المصدر الرئيسى للعنف والإرهاب إلى العالم كله، مضيفًا أن الحروب الأهلية أحد نكبات المنطقة مسببة الانقسام الاجتماعى والسياسى وفشل المؤسسات السياسية فى التوصل إلى حلول سلمية للأزمات الداخلية.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك مخطط دولى لإعادة رسم حدود المنطقة العربية باستثناء بعض الدول مثل مصر وتونس والمغرب، مشيرا إلى أن الكثير من الحروب الأهلية العربية هى حروب بالوكالة وممولة ومنظمة من الخارج مثلما يحدث فى سوريا واليمن.
واعتبر هلال، الفكر القومى العربى واحدا من الأفكار التى تطعن فى شرعية الدول، حتى أن كتابات المفكرين الذين يؤمنون بهذا الفكر يستخدم كلمة "قُطر" فى وصف الدول، مضيفًا فى إطار حديثه عن مشكلات الدول العربية، أن هناك دول ذات طابع ريعى مثل دول الخليج، التى وجدت نفسها مضطرة للاعتماد على المجتمع مثل السعودية وفق خطة 2030، متوقعا أن تشهد هذه الدول تصاعد للتشاحنات والصراعات الاجتماعية.
وأكد على الدين هلال، أنه كلما ازداد إنجاز مؤسسات الدولة ازدادت مشروعايتها وقدرتها على الإقناع وقلت قدرة معارضيها على تنظيم حركات احتجاج، غير أن الفشل فى ذلك يزيد لجوء الدولة للعنف.
وفى السياق ذاته، قال جان لوكا المدير السابق لمعهد جرونوبل للدراسات السياسية، والمدير السابق لكليه الدراسات العليا فى معهد الدراسات السياسية فى باريس، حول مفهوم الدولة والسيادة والجماعة الرمزية بها وإجراءات قياس العمل العام والسياسات العامة، إن هناك ثلاثة عناصر تننافس مع سلطة الدولة، وهى المجتمعات المختلفة بالداخل والدين والسوق.
وأضاف المدير السابق لمعهد جرونوبل للدراسات السياسية، أن المجتمع هو أصل الدولة وهناك تفاعل دائم بين الدولة والمجتمع، فالمجتمع يحكم الدولة باستخدام أساليب مختلفة، وأحيانا من خلال مجموعات المصالح، وهو ما نطلق عليه المحسوبية والفساد، كما تطرق للحديث عن أداوات الحكم الرشيد وأحدها الفاعلية التى تستوجب تقليص الفروق الاجتماعية بين طبقات المجتمع.
ومن جانبه أشار الدكتور نبيل عبد الفتاح، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،إلى أن عدة مشكلات تتعلق بتحديث الدولة المصرية، مثل المركزية المفرطة وتضخم أجهزة الدولة بالموظفين وذكورية الدولة المصرية التى تتسبب فى تمدد التمييز ضد النساء.
وأشار مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن مشكلات الدولة المصرية تعود إلى عقود وأحدها غياب إدراك خطورة تمدد التشدد الدينى، والذى ظهر أولا فى شكل رموز تعلق على المنازل أو زى معين أو خطاب بطريقة معينه.
وأضاف عبد الفتاح، خلال كلمته، أن هناك اتجاه غالب خاطئ بين موظفى مؤسسات الدولة بأن الدولة إسلامية، مما يجعلهم يميزون بين المواطنين على أساس الدين، من خلال بطاقات الهوية أو الملابس رغم أن حرية الدين والاعتقاد يكفلها الدستور.
وأكد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك مكون شيعى فى الثقافة الشعبية المصرية، ومع ذلك يجرى التمييز ضد الشيعة المصريين ونرى اعتداء على مواطنين شيعة، لأنهم مارسوا حقهم الدستورى فى العبادة.
وأوضح عبد الفتاح، أن أخطر ما يواجه الدولة هو ضرورة إعادة تجديد الموحدات الوطنية فى مواجهة التنظيمات الإسلامية المختلفة، سواء الإخوان المسلمين أو السلفيين وغيرهم، الذين تقوم استراتيجيتهم على شق الصف الوطنى، ورغم استقرار العلاقات بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، لكن أحيانا ما تثار بعض الحوادث خاصة فى الصعيد، موضحًا أن هذا الإرث يعود لعهد السادات وتمدد تحت حكم مبارك، ثم تفاقم بعد الثورة ووصل الإخوان للسلطة.
وردا على سؤال اليوم السابع بشأن سلطة الدولة فى مواجهة الحوادث الطائفية، قال عبد الفتاح إن المجالس العرفية تنتقص كثيرا من سلطة القضاء المصرى وتعرقل القانون، مضيفا أن هناك أزمة فى تطبيق قانون الدولة فى مصر.