بعدما نشرت الكاتبة السورية غادة السمان رسائل خاصة ادعت أنها أرسلت لها من قبل الشاعر الراحل أنسى الحاج، فى خطوة تعتبر الثانية للكاتبة، حيث سبق لها نشر رسائل زعمت أنها للكاتب الفلسطينى غسان كنفانى، جاءت ردود أفعال المثقفين منقسمة، القسم الأول يرى أنها عمل غير أخلاقى، والآخر يراى أن هذا التصرف لا يمثل أى فضيحة، ونستعرض لكم بعض هذه الآراء:
يقول الشاعر إبراهيم داوود، إن ردود الأفعال التى حدثت بعد نشر الرواية السورية غادة السمان، لرسائل للكاتب الراحل أنسى الحاج، ما هى إلا "شغل ناشرين"، موضحا أن الناشر هو المستفيد الوحيد من تلك الردود.
فيما وصف "داوود" نشر رسائل خاصة لكاتب راحل، بالشىء غير الأخلاقى، مؤكدا أن نشر "السمان" لرسائل "الحاج"، بعد وفاته، فقدت قيمتها، لأنه ليس موجودا ليكذب أو يؤكد تلك الرسائل، موضحا أنه لا يكذب ولا يؤكد صحة تلك الرسائل، لكنه أكد أنها قريبة على حد كبير، من الأسلوب الأدبى الرائع الخاص بـ"أنسى الحاج".
من جانبه قال الناقد الأدبى، صلاح السروى، إن نشر الرسائل العاطفية الخاصة بكتاب أو أدباء، ليست هى السابقة الأولى، مستشهدا بمذكرات لـ"السمان" نفسها نسبتها فى وقت نشرها - 1993 - للكاتب الفلسطينى غسان كنفانى، ومن قبلها الكاتب مصطفى صادق الرافعى، الذى نشر رسائل تخصه هو والأديبة الفلسطينية الراحلة مى زيادة فى كتاب "رسائله ورسائلها"، كما أن عباس محمود العقاد تناول قصته مع مى زيادة أيضا من خلال روايته "سارة".
وفيما يخص "رسائل الحاج" التى نشرتها "غادة السمان" أكد "السروى" أن كاتبة بحجم "غادة" معتادة على الكتابات الجريئة التى تحتوى تفاصيل عدة للعلاقات الحميمية لذا ليس بغريب عنها أن تنشر عمل بتلك الطريقة، موضحا أن ما قامت به صاحبة "الذاكرة بالشمع الأحمر" شىء مكروه وتعديا على الحياة الخاصة لأنسى الحاج، خصوصا أن الكاتب رحل وليس هناك فرصة لتكذيب ذلك، كما أن نشر مثل تلك الرسائل شىء "مكروه" رافضا التشبيه بين رسائل "السمان" ورسائل "جبران خليل جبران ومى زيادة" مشيرا إلى أن الأخيرة نشرت كنوع من التأمل فى الأسلوب الأدبى والحياة والحب، والأخيرة فيها نوع من التباهى برسائل العاشقين.
وتابع "السروى" أن صحة هذه الرسائل من عدمها تحتاج لدراسة أسلوب خصوصا، وأن "الحاج" صاحب أسلوب أدبى مميز.
من جانبه تساءل الكاتب والروائى الشاب وسام جنيدى، عن ردود "السمان" على رسائل أنسى الحج ومن قبله غسان كنفانى، قائلاً: "أين رسائلك أنتِ!؟.. أين عطرك الخاص يا سيدتى!؟، لكن الصورة ليست مكتملة، والحديث عن عدم احتفاظ الكاتبة أو فقدها لرسائلها لا يشفى غليل القارئ النهم والمهتم بسيرة كاتبه.
وأشار صاحب رواية "نانسى وأصدقاؤها"، إلى أن ذلك يرجع لأمرين، إما أن الكاتبة وجدت رسائلها ذات أسلوب أدبى ضعيف مقارنة بالحاج وكنفانى، أو أنها تخاف على مشاعر ذويها وعائلتها، على الرغم من أنها لم تراع مشاعر أقارب أنسى الحاج ومن قبله غسان كنفانى، خاصة الأخير الذى عرف بالروائى المناضل وصاحب القضية.
ورفض جنيدى المقارنات بين غادة السمان ومى زيادة، وذلك لأن العهد التى ظهرت فيه مى زيادة كان يشهد مجتمعا منغلقا ولا يشهد وجود العديد من السيدات المنفتحات، وقد يكون ذلك مبررا لوقوع عدد من الكتاب الكبار مثل جبران خليل جبران وعباس العقاد ومصطفى صادق الرافعى، فى حبها، ونفس الأمر الذى حدث مع الممثلة الكبيرة مديحة يسرى، والتى وقع فى حبها العديد من المثقفين منهم العقاد نفسه لكنها فضلت الزواج من الفنان الراحل محمد فوزى، على عكس غادة السمان التى ظهرت مع بداية ظهور مجتمع سيدات منفتحات على المجتمع.
فى سياق آخر، يقول الدكتور حاتم حافظ، رئيس تحرير مجلة "فنون"، إنه لا يرى إشكالية من نشر مثل تلك الرسائل، خصوصا أن الأدب الغربى ملىء بمثل تلك الرسائل والأعمال الأدبية على حد وصفه، مضيفا أن نشر رسائل "الحاج" الأخيرة من قبل الروائية غادة السمان، لا تقلل منهم على الإطلاق، فالاثنان كاتبان كبيران، والعمل ليس فيه شىء مسىء.
فيما يرى حافظ أن الشىء الوحيد الذى قد يأخذه على "السمان"، أنها نشرت تلك الرسائل بعد وفاة "الحاج"، خصوصا أنه ليس هناك تكذيب أوتأكيد لتلك الرسائل، بينما أكد "أستاذ المسرح بأكاديمية الفنون" أن الأسلوب المكتوبة به الرسائل قريب إلى حد كبير من أسلوب أنسى الحاج.
وفى السياق ذاته يقول الكاتب الصحفى والروائى سامح قاسم إنه ليس لديه أى غضاضة فى نشر مثل تلك الرسائل حتى بعد وفاة الحاج، واستشهد "قاسم" برسائل كافكا التى نشرتها ميلتون بعد وفاته.
وأشار أن المشكلة فى القيود التى يفرضها المجتمع، وتقبله للفكرة، فالمجتمع الشرقى يرى مثل تلك الأعمال على أنها فضيحة، والغرب يرأها على أنها عمل أدبى.
وأكد صاحب "ميل إلى السعادة" أن الأدب العربى فى حاجة لمثل تلك الرسائل وأعمال السيرة الذاتية، والأخيرة وصفها بالقليلة، واستشهد الكاتب بمذكرات الكاتب جلال أمين والتى تسببت فى مقاطعة عائلته له على خلفية نشرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة