شعر وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر ببعض القلق وهو فى الطائرة إلى القاهرة للقاء الرئيس السادات فى مثل هذا اليوم 13 ديسمبر 1973.
كانت الزيارة هى الثانية له إلى مصر منذ حرب 6 أكتوبر 1973، أما الزيارة الأولى فكانت فى 7 نوفمبر، وكانت خطواته كلها تمضى على طريق السلام بين مصر وإسرائيل،وفتح الطريق أمام الرئيس السادات لتحقيق هذا الهدف،فلماذا كان كيسنجر على قلق وهو فى الطائرة؟، وكيف وجد الأجواء فى القاهرة التى تركها قبل أقل من شهر ؟.
الإجابة تأتى فى كتاب «أكتوبر 1973–السلاح والسياسة» تأليف محمد حسنين هيكل،ويشير فيها إلى أن كيسنجر عقد مؤتمرا سريعا لمجموعة من الصحفيين المرافقين له أثناء الرحلة، ويتحدث هيكل نقلا عن الجزء الثانى بعنوان «سنوات القلقل» من مذكرات كيسنجر: وطبقا لما رواه فيها، فإنه تلقى نص مقال نشره الأهرام حوى تحذيرا من رفع حظر البترول العربى قبل انسحاب الإسرائيليين من كل الأراضى العربية، وأقلقه فى هذا المقال عبارة جاء فيها: إن حل أزمة الشرق الأوسط لا يكمن فى العثور على صياغات لدبلوماسية مغلقة بمعانى مزدوجة تتيح لكل طرف أن يفسرها على النحو الذى يخدم أهدافه، وكان تساؤل كيسنجر، هو ما إذا كان هذا الرأى يعبر عن نفاذ صبر فى القاهرة سيجده فى انتظاره، وقد راح فى مؤتمره الصحفى فى الطائرة يدافع عن نفسه قائلا: إننى لا أتبع سياسة مكيافيللية.
كانت قضية حظر البترول العربى ضد أمريكا والدول الأوربية المساندة لإسرائيل أثناء حرب أكتوبر واحدة من أهم القضايا التى تباحث بشأنها”كيسنجر”فى زيارته الأولى إلى مصر يوم 7 نوفمبر 1973، وحصل على وعد من السادات بتدخله لدى الدول العربية لرفعه،ولهذا فإن القلق ساوره حول ما إذا كان السادات يسحب وعوده فى هذا المجال،غير أنه وطبقا لـهيكل، هدأت أعصابه عندما قابل الرئيس السادات فى استراحة القناطر الخيرية معانقا ومقبلا، وقائلا له أمام الجميع بمن فيهم الصحفيون أنه”يعتبره أكثر من صديق،يعتبره أخا. و«قد أصبح تقبيل كيسنجر بعدها عادة حتى أنه يروى فى مذكراته أنه قال للرئيس «نيكسون» فيما بعد «أنه أصبح يشك فى نفسه بسبب كثرة من قبلوه من الرجال فى مصر».
انتهى الاجتماع بموافقة الرئيس «السادات» على خطة كيسنجر، ذلك أن وزير الخارجية الأمريكى استطاع إقناعه بأن جولدا مائير رئيس الحكومة الإسرائيلية لا تزال مهزوزة الأعصاب لا تصدق أن السلام يطرق أبواب إسرائيل، وخير ما يفعله الآن هو أن تطمئن عليهم طول الوقت، وقد أفزعها ما لاقوه فى الحرب،وهى فى حاجة إلى أن تستعيد ثقتها بالناس،ولابد لها من وقت لتنسى ليالى الفزع التى عاشتها فى بدايات الحرب، ويؤكد هيكل: تحمس الرئيس السادات ومضى إلى أكثر مما طلب إليه كيسنجر، وقرر أن يبعث برسالة مكتوبة بخط يده إلى جولدا مائير، وقد كتبها أمام كيسنجر، وسلمها له ليقوم بتوصيلها؟ وجاء فى الرسالة بالنص: عندما أتكلم عن السلام الآن فأنا أعنى ما أقول،إننا لم نتقابل من قبل، ولكن لدينا الآن جهود الدكتور كيسنجر، فدعينا فى هذه الأوقات نستخدم هذه الجهود ونتحدث إلى بعضنا من خلاله.
وينقل هيكل عن مذكرات كيسنجر، أن الرئيس السادات قال له إنه يوجه هذه الرسالة إلى مائير لأنه خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة أصبح مقتنعا بالرأى الذى سمعه منه وهو أن مشكلة السلام مع إسرائيل هى بالدرجة الأولى عقدة نفسية، ولكن العقدة ليست مقصورة على الطرف الإسرائيلى وحده وإنما الأطراف العربية هى الأخرى مصابة بها،ثم أضاف السادات وفق رواية «كيسنجر»أنه سيمضى فى الطريق وحده إذا اقتضى الأمر،وفهم كيسنجر معنى الإشارة وترجمها على الفور بأن السادات عقد عزمه على صلح منفرد مع إسرائيل إذا لم يكن هناك سبيل آخر،ثم روى كيسنجر أن الرئيس السادات سأله بعد ذلك فجأة «عما إذا كان يعتقد أن جولدا مائير قوية إلى درجة كافية لعقد اتفاقية سلام معه؟، ورد كيسنجر عليه بقوله «إنه إذا كان يبحث عن القوة فإن مائير هى رجله».
عدد الردود 0
بواسطة:
إلياس يقطين
السادات والعقدة الأمريكية
أعتبر السادات عقلا فذا لكن لكل حصان كبوة كما يقال. لم يستثمر إنتصار أكتوبر للمدى البعيد ولصالح العرب بقدر ما كان في نظري يعاني من عقدة الدولة العظمى التي تقف خلف اليهود الذين أخطرهم بنية التوقف عن القتال بعد استعادة سيناء ما جعلهم يميلون على سورية التي كانت إلى عهد قريب شق الجمهورية العربية المتحدة والنتيجة ضياع الجولان إلى الآن وأراضي 67 العربية. كان سعية من خلال السلام إسترضاء واشنطن عبر كيسينجر لأن العودة إلى الوراء طريق مسدود لكن هذا السعي كان الصعود إلى الهاوية حيث معاهدة كامب ديفيد لعزل مصر أقوى الأعداء عن الصراع وشرائها بالمعونات السنوية وانتهاء بمقتله يوم الإحتفال. فهل يقر الحكام العرب بقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ. - سورة محمد الآية 7 وقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. - سورة المائدة الآية 51. صدق الله العظيم.