لا تتصور أن صعود رأى ما عبر مواقع التواصل الاجتماعى وتحوله لـ"تريند" يتم بالصدفة، وبشكل برىء من التوجيه والتدخلات البشرية، فالأمر أكبر كثيرًا مما تتصور، والحقيقة أن هناك لجانًا الإلكترونية، وشخوصًا كثيرين يعملون ليل نهار للسيطرة على الرأى العام لمستخدمى "السوشيال ميديا" وتوجيهه بشكل ناعم وغير مباشر، من أجل دفعهم لتبنى وجهة نظر معينة، ملخصها التشكيك فى قدرات الدولة، أو تشويه قرارات صادرة عن الحكومة، أو التقليل من إرادة المصريين خلال الفترة الراهنة، أو بالأحرى إثارة الفتن.
ووفقًا لخبراء متخصصين فى مجال "السوشيال ميديا"، فإن جماعة الإخوان الإرهابية تشكل لجانا إلكترونية تنتشر عبر مواقع "السوشيال ميديا" لتسيطر على الرأى العام لمستخدميها، وتوجههم نحو رأى معين أو اتجاه مقصود، فضلا عن تصدير وجهة نظرها، وذلك عن طريق عمل صفحات وهمية ومزيفة تحمل أسماء غير حقيقية، وهناك أفراد كثيرون تابعون للجماعة يتقاضون رواتب شهرية نظير هذا العمل، وكل وظيفتهم عمل تعليقات و"هاشتاجات" تخدم الجماعة، وتظهر الدولة المصرية فى موقع الضعف والتخلف، فضلا عن السيطرة على الصفحات التى تحمل أسماء رنانة من أجل تمرير آراء الجماعة من خلالها.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية تنسق وتتواصل مع عدد من الشخصيات المشهورة والنشطاء المعروفين، ممن لديهم متابعون كُثر عبر "فيس بوك" و"تويتر"، لنشر آراء الجماعة وتوجهاتها وأفكارها من خلالهم، نظير تقاضى أموال كثيرة، وذلك حسبما قالت إحدى الخبيرات فى مجال "السوشيال ميديا"، واصفة الأمر بأنه "بيزنس السوشيال ميديا".
إضافة إلى ما سبق، هناك أساليب أخرى تسيطر بها اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان على "السوشيال ميديا"، منا آلية "سياسية الإقناع"، وهى طريقة يمكن وصفها بسياسة "الصوت العالى"، إذ تجد أغلب الصفحات التى تتابعها والمجموعات التى تشارك فيها عبر "فيس بوك" أو "توتير" تتبنى وجهة نظر محددة، لتجد نفسك تتفاعل معها، ومن ثم تتبناها، بعدما يحدث لك نوع من التأثير الذى يأتى نتيجة تكرار الفكرة أمامك من خلال "الشير"، ووفقًا للخبراء فإن اللجان الإلكترونية للإخوان تفيد الجماعة أيضًا عبر نشر معلومات مغلوطة تثير الفتن، ضاربين المثل باختلاق الجماعة أكاذيب حول رواية الشرطة المصرية عن ضبط المتهمين فى قضية تفجير الكنسية البطرسية بالقاهرة.
باحث إسلامى: لجان الجماعة تنفذ مهامها من خارج مصر
وعن اللجان الإلكترونية وكيفية علمها، يقول هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن تلك اللجان التى تديرها جماعة الإخوان تنفذ معظم مهامها من خارج مصر، وبالتحديد من قطر وتركيا، وهدفها هو تصوير الصراع على أنه صراع دينى عقائدى وليس صراعًا سياسيًّا.
ويضيف "النجار" فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن اللجان الإلكترونية للإخوان لجأت لتلك الحيل الكارثية لتبرير فشل الجماعة السياسى، وعجزهم عن تقديم نموذج سياسى عصرى قادر على التنافسية الحزبية، موضّحًا أن ميزانية هذه اللجان داخل الإخوان تصل لملايين الجنيهات، موضّحًا أن هذه اللجان لها أهمية موازية للجان العسكرية، والإنفاق عليها ببذخ يوازى أهميتها لديهم هو المتوقع، علمًا بأن ميزانية الإنفاق على الحرب بالوكالة ضد الدول العربية تصل إلى مليارات الدولارات.
وبشأن تضليل تلك اللجان الإلكترونية للرأى العام، يقول النجار: "صار هذا الأمر مكشوفا ولا ينطلى على أحد، فهو خطاب عاطفى غير منطقى وغير عقلانى، ولعب فى الوقت بدل الضائع، ومحاولات يائسة لتبرير الهزائم وغسيل السمعة لا أكثر".
هشام النجار: لجان الإخوان تعتمد على ترويج المظلومية واستخدام الأدبيات الشيعية
وحول الوسائل التى تعتمد عليها اللجان الإلكترونية فى التضليل، قال الباحث الإسلامى هشام النجار: "تعتمد على الترويج للمظلومية، واستخدام الأدبيات الشيعية الكربلائية وروايات المظلومية، وتزعم أنها فى حرب عقائدية ضد أعداء الإسلام، وأنها حرب كونية ضد من يستهدفون الدين، وأنهم المنتدبون لهذا الصراع، أما عن طرق عمل تلك اللجان فإنها عبارة عن ورش توزع فيها الأدوار والمهام من قبل قيادات الجماعة فى الخارج، فهناك مجموعة لترويج الشائعات، ومجموعة للردود على الآخرين وهناك مجموعة لتشويه الخصوم وفبركة الروايات المزيفة للأحداث، وهناك مجموعة للتجنيد واستقطاب العناصر الجديدة".
وبشأن طرق مساعدة البعض لهم، يقول هشام النجار: "هناك كثيرون مخدرون ومغيبون، ولا يدرون أبعاد القضايا وخلفياتها الدولية والإقليمية والمحلية وطبيعة المؤامرة والمخطط الذى انخرط فيه الإخوان مع الغرب، والدليل أنهم يوهمونهم بقدسية الحرب وأنهم يواجهون الغرب ومخططاته، رغم أن حقيقة الأحداث من منتصف التسعينيات مرورًا بما حدث علانية منذ 2010، ثم ما عرف بالربيع العربى، كلها تؤكد تحالف الإخوان مع الغرب وتعاون الجماعة ضد الدول العربية، فى مسار مناهض لتماسكها ووحدتها، ومهدد لاستقرارها ومستقبلها".
قيادى إخوانى سابق: اللجان الإلكترونية تلقت تعليمات بتضليل الرأى العام
فى السياق ذاته، قال طارق أبو السعد، القيادى السابق بجماعة الإخوان الإرهابية، إن اللجان الإلكترونية للجماعة لها دور كبير فى تزكية روح العداء ضد مؤسسات الدولة، وضد الأقباط، وذلك من خلال نشر كل ما يحرض عليهم ويزيد حالة الشحن الطائفى، بحيث تصل إلى كل المواطنين، ومحاولة إثارة الرأى العام ضد الدولة.
وأضاف "أبو السعد" فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن اللجان الإلكترونية للإخوان تقوم حاليًا بدور كبير فى تشتيت أذهان الناس عن الرواية الرسمية حول مفجر الكنيسة البطرسية، ومحاولة تجميل صورة الإخوان أمام الغرب، وأنها تلقت تعليمات من القيادات بضرورة تضليل الرأى العام حول الأعمال الإرهابية الراهنة، بعد تورط الجماعة فى عديد من هذه الأعمال.
