وسط إخفاقات عديدة على كافة المستويات تمر اليوم السبت، الذكرى السادسة على الثورة التونسية والتى كانت بداية لشرارة الربيع بالمنطقة، وعلى الرغم من أن ثورة الياسمين كانت دائما مثالا يوجه له الغرب أنظاره ويعتبره نموذجا فى الانتقال السلمى للسلطة عقب الثورة إلا أن الواقع بعد ست سنوات على رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن على من الحكم ليس على مايرام، وتشهد الساحة التونسية سياسيا واقتصاديا عدد من الأزمات التى تنذر بنارا تحت الرماد قد تشتعل فى أى وقت.
واستيقظت تونس عشية ذكرى ثورة الياسمين على 3 مشاهد تزيد المشهد قتامه، الأول يعد انتكاسة حقيقية لشعارات الثورة من حرية فى التعبير، حيث قضت المحكمة العسكرية الدائمة بتونس، بسجن مدير صحيفة "الثورة نيوز" محمد ناعم الحاج منصور، تسعة أشهر بتهمة "المساس بمعنويات الجيش" بعد نشره مقالا حول صفقة أسلحة لوزارة الدفاع الوطنى، وهو ما اعتبرته الأوساط السياسية فى تونس أول حكم يصدر ضد صحفى بعد الثورة، وهو من مقدمات معاودة تأسيس دولة الاستبداد، فى قمع حرية الرأى ومصادرة حق التعبير.
أما الثانى فهو قرار شركة بتروفاك البريطانية مغادرة عملها فى تونس بسبب الاحتجاجات المتواصلة للعاطلين فى جزيرة قرقنة، شرق البلاد، والذى تسبب فى توقف عملياتها منذ مدة، الأمر الذى سيفاقم من الصعوبات التى يواجهها الاقتصاد التونسى، إذ توفر الشركة ما يصل إلى ما بين 12 و13 % من احتياجات البلاد من الغاز.
ويعانى الاقتصاد التونسى من أزمات حقيقة حيث من المتوقع أن يصل عجز موازنة العام المقبل إلى نحو 5.4 % من الناتج المحلى الإجمالى، وتقول الحكومة إنها تحتاج إلى قروض إضافية تقدر بحوالى 2.78 مليار دولار، وحسب تقديرات وزير الاستثمار فاضل عبدالكافى فإن ديون تونس تصل إلى نحو 27.5 مليار دولار.
وفى الوقت ذاته، تأتى ذكرى الثورة التونسية السادسة وسط حالة من السخط بسبب الأحكام القضائية التى صدرت مؤخرا بحق بعض المتظاهرين، إذ طالبت عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إيمان البجاوى، بضرورة إلغاء معظم النصوص القانونية المتعلقة بالإحالة فى قضايا المحبوسين على خلفية التحركات الاحتجاجية الاجتماعية، كونها تتعارض مع الدستور، مؤكدة أن نصوص الإحالة تمس أسس الديمقراطية وتضرب الحق النقابى وحق التظاهر.
واستكمالا لدائرة الأزمات فى تونس، يأتى المشهد الثالث حيث تشهد الأحزاب السياسية ضربات متلاحقة، وانقسامات تعزز من عودة صعود الإسلام السياسى وجماعة الإخوان، ممثلين فى "حركة النهضة" التى يتزعمها راشد الغنوشى، إذ يوشك حزب نداء تونس، حزب الرئيس الباجى قايد السبسى، على الانهيار نتيجة انقسامات عديدة سببها توريث "السبسى" قيادة الحزب لنجله.
وفى هذا الإطار دعا المنتدى التونسى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم كل نشطاء الحركات الاجتماعية ومناصريها إلى جعل الأيام القادمة وخلال شهر يناير مناسبة لإحياء ذكرى الثورة، بل لتعبئة المواطنين والرأى العام عبر التجمع فى الساحات العامة والتظاهر السلمى وعبر الحملات الدعائية والإعلامية والأنشطة الميدانية لرفع شعارات الثورة مجددا ولتحميل الحكومة الحالية مسئولية الاستمرار فى التنكر لهذه المطالب الشعبية المشروعة والمستحقة.
وأكد المنتدى فى بيان اليوم بمناسبة ذكرى الثورة، أن الحكومات المتعاقبة أخفقت فى وضع خطة واضحة تستجيب لتطلعات الشباب وتمكن من تحقيق الإنقاذ الاقتصادى والنهوض الاجتماعى ومن وضع برامج للتنمية، وكشف المنتدى فى بيانه أنه بعد ست سنوات على إشعال البوعزيزى النار فى جسده ليشعل الثورة هناك بوادر عديدة اليوم تؤشر لعودة ممارسات النظام البائد فى المماطلة والتجاهل وتشويه الحركات الاجتماعية، والدفع نحو حلول أمنية و قضائية للحد من تأثيرها وتوسعها.
وحذر بيان المنتدى من خطر الالتفاف على الثورة وعلى مطالبها، لافتا إلى أن الدستور الجديد وضع أسس تساوى بين المواطنين وتلزم الدولة بوضع السياسات العمومية والتشريعات الضامنة لاحترامها، ودعا مكونات المجتمع المدنى الديمقراطية والمنظمات النقابية والنخب الفاعلة والشخصيات الوطنية المستقلة إلى الانخراط فى الحراك الاجتماعى والمدنى من أجل تحقيق المطالب الاجتماعية للثورة.
كما طالب بالعمل على إنشاء مجلس وطنى للحوار الاجتماعى الذى دعى له الاتحاد العام التونسى للشغل حتى يكون إحدى فضاءات البناء التشاركى للديمقراطية وللرؤى التنموية المستقبلية، ودعا إلى دعم جهود المجتمع المدنى المحلى الساعى إلى بلورة بدائل تنموية محلية اجتماعية وتضامنية، استعدادا إلى مرحلة وضع أسس الديمقراطية المحلية فى المرحلة القادمة والقادرة على إدماج الفاعلين المحليين فى تدبير الشأن المحلى والتنمية المحلية.
وأعلن المنتدى عن إيمانه بأن الانتقال الديمقراطى لن يكتمل دون التقدم فى اتجاه استكمال بناء المؤسسات الدستورية واحترام استقلاليتها، واحترام مقومات دولة القانون وفى اتجاه منوال تنموى جديد يقطع مع سياسات الفشل ويمكن من إنعاش الاقتصاد، وتوفير مواطن الشغل ويقوم على مبدأ تقاسم الأعباء والخيرات ويبنى شروط ديمقراطية اجتماعية عادلة.
وجدد دعمه لكل الحركات الاجتماعية وللحملات المواطنية والاحتجاجات السلمية والمدنية فى كل الجهات والحاملة إلى اليوم مطالب الثورة فى التشغيل والتنمية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومقاومة الفساد المستمر.
ورغم الأزمات التى تمر بها تونس حرصت مدينة سيدى بوزيد على إحياء ذكرى الثورة، ومنذ مساء أمس انطلقت فى سيدى بوزيد الاحتفالات حيث علقت الأعلام واللافتات فى بالشارع الرئيسى لمدينة سيدى بوزيد وفى المعتمديات وأمام مقر الولاية وفى ساحة محمد البوعزيزى، ودعا الاتحاد الجهوى للشغل كل العاملين والموظفين فى مختلف القطاعات إلى تعليق العمل اليوم باعتباره يوم عطلة رسمية وعيدا وطنيا وجب الاحتفاء به.
وتمتزج مشاعر التونسيين فى الذكرى السادسة لثورتهم بمزيد من اليأس، فعلى الرغم من ما حملته هذه الثورة من آمال و تفاؤل بمستقبل أفضل، إلا أنهم ما زالوا ينتظرون الوعود التى أتت بها ثورتهم فى ظل عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى وفشل الحكومات المتعاقبة فى إزاحة العراقيل.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اخطر ما جلبته هذه الثورات الشيطانية، هو اغراق البلاد فى الديون لتلبية طلبات المحتجين
حسنى مبارك ساب البلد مديونه ب 800مليار جنيه تقريبا و35 مليار دولار، دلوقتى مديونه ب 2000مليار و60 مليار دولار!!!، فوائد الديون فقط 400 مليار يعنى قد نص الدين فى 2010 اللى ما كانش عاجبنا !!! تونس نفس الحكاية بالظبط، وهو جزء اساسى من المخطط ليكون هناك مرحلة ثانية من الفوضى الهدامه بعد انهيار الاقتصاد، وهذا هو ما ينبغى الحذر منه والعمل بكل قوة لانتشال الاقتصاد من عثراته وعلى الشعب ان يتحمل المسئولية وكل مواطن يدفع نصيبه من الفاتورة، ما فيش حل تانى