صرَّحت السفارة الأمريكية فى العاصمة الفلبينية "مانيلا"، بأن واشنطن ستعمل بشكل وثيق مع الرئيس رودريجو دوتيرتى، فيما يبدو تراجعًا فى لهجة أمريكا الحادة بسبب الحرب الضاربة التى ينتهجها الرئيس الفلبينى فى إطار القضاء على المخدرات ببلاده.
وجاء بيان السفارة، الذى يبدو تلطيفًا للأجواء بين البلدين، مع التزام البيت الأبيض الصمت بعد تصريحات هجومية لـ"دوتيرتى" الذى ضرب بالمساعدات الأمريكية عرض الحائط فى تصريحات سابقة، مهددًا بقطع اتفاقية تعاون عسكرى مهمة، إذ شنَّ الرئيس الفلبينى قبل أيام هجومًا حادًا على إدارة أوباما قبل أسابيع من مغادرتها البيت الأبيض، مودّعًا إيّاها برسالة حادة، قائلاً: "نحن لا نريد أموالكم، الصين قالت إنها ستوفر المزيد، لذا ما الذى سأحتاجه من أمريكا؟" مشيرًا إلى روسيا باعتبارها حليفًا مهمًّا "لأنهم لا يهينون أحدًا ولا يتدخلون فى شؤون أحد".
مانيلا: استعدوا للإلغاء الحتمى لاتفاقية القوات الزائرة.. باى باى أمريكا
وقال الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى: "استعدوا للإلغاء الحتمى لاتفاقية القوات الزائرة، باى باى أمريكا، اعملوا على البروتوكولات التى ستخرجكم نهائيًّا من الفلبين"، وذلك بعد أن قررت الولايات المتحدة الأمريكية تعليق مساعداتها المالية لمانيلا بسبب حملة "دوتيرتى" الشرسة ضد المخدرات.
وجاء رد السفارة الأمريكية فى الفلبين سريعًا ومقتضبًا، إذ قالت فى بيان صادر عنها، أول من أمس الجمعة، إن واشنطن ستعمل بشكل وثيق مع إدارة "دوتيرتى" لمعالجة أية مخاوف قد تكون لديها، ولكن دون الخوض فى تفاصيل، وفقًا لما أوردته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
متحدث "البيت الأبيض": لن نرد فى كل مرة يصدر فيها رئيس الفلبين تصريحات ارتجالية
ولم يصدر البيت الأبيض أى بيان للتعليق على ما قاله الرئيس الفلبينى، ولكن السكرتير الإعلامى "جوش أرنست" كان قد نوَّه فى وقت سابق بأن البيت الأبيض لن يرد فى كل مرة يقدم فيها رئيس الفلبين "تصريحات ارتجالية".
ودار صدام حاد بين الإدارتين، حتى وصل إلى حد السباب المباشر لـ"أوباما" من جانب الرئيس رودريجو دوتيرتى،71 عامًا، الذى تولى رئاسة الفلبين فى يونيو الماضى، كما أظهر الوارد الجديد على إدارة مانيلا جرأة غير مسبوقة قبل شهرين، حينما أعلن من العاصمة الصينية بكين عن قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه عاد وأوضح أن ما كان يقصده هو "الفصل فى السياسة الخارجية" وليس "قطع العلاقات" بشكل كامل ونهائى.
رسالة "دوتيرتى" مهاجمًا أوباما واصفًا إياه بـ"ابن العاهرة" - سى إن إن
الرئيس الفلبينى يوضح تهديداته المتتالية بتصريحات حادة من كمبوديا
رغم الحدة البادية فى مواقف وتصريحات الرئيس الفلبينى، إلا أن تهديدات "دوتيرتى" السابقة كانت تفتقد للإيضاح وكيفية التنفيذ، بينما جاء تهديده الأخير بعد عودته من زيارة لـ"كمبوديا" كاشفًا عمّا ينتوى فعله، وهو إخراج كل عسكرى أو معدة أمريكية كانت متواجدة فى الفلبين بموجب اتفاقية مشتركة وُقّعت بين البلدين عام 1998 تمنحهم الوضع القانونى للتواجد المؤقت بهدف إجراء تدريبات عسكرية.
من جانبها، علقت صحيفة "ذا فاينانشيال تايمز"، على الخلاف الحاد بقولها: "إنه يسلط الضوء على توتر العلاقات بين الحليفين التقليديين، اللذين أكدت اتفاقاتهما الأمنية السابقة التواجد الأمريكى فى منطقة المحيط الهادئ".
وجاءت تصريحات "دوتيرتى" عقب إعلان "مؤسسة تحديات الألفية" للمساعدات الأمريكية الخارجية تأجيلها تجديد حزمة مساعدات انتهت فى مايو الماضى، مخصصة للحد من الفقر فى الفلبين، وتقدر قيمتها بـ434 مليون دولار، إذ عللت الإدارة الأمريكية سبب إيقاف الحزمة بقلقها العميق من حملة الرئيس الشرسة ضد المخدرات، خاصًة بعد إعلانه أنه قتل بنفسه أشخاصًا مشتبهًا بهم.
على الجانب الآخر، وجَّه الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى رسالة مختلفة تمامًا لنظيره القادم للبيت الأبيض، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، المنتظر أن يتولى مهام منصبه فى العشرين من يناير المقبل، إذ توقع أن تتحسن العلاقات بين الدولتين تحت إدارة "ترامب"، مضيفًا فى تعليقاته: "كلام ترامب يعجبنى، ويشبه كلامى، نعم سيدى الرئيس نحن متشابهان، والطيور على أشكالها تقع".
الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيرتى والرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب
شهر عسل مبكر بين "دوتيرتى" ودونالد ترامب.. وغضب فى البيت الأبيض
جاءت رسائل التودد من جانب الرئيس الفلبينى، بعد رسائل مماثلة قدمها دونالد ترامب، إذ علّق الرئيس الأمريكى المنتخب على طريقة إدارة "دوتيرتى" لمعركته ضد عصابات تجارة المخدرات والمدمنين، قائلاً: "إنها الأسلوب الصحيح"، وذلك رغم تسبب تلك المعركة فى قتل 5 آلاف شخص حتى الآن دون محاكمات.
كما لم يعترض "ترامب" على تشبيه لهجته ضد المهاجرين غير الشرعيين بحملة "دوتيرتى"، بل علَّق فى حواره مع مجلة "تايم" قائلًا، إن المهاجرين الأجانب يرتكبون جرائم سيئة للغاية "ماذا يجب أن نفعل مع أمثال هؤلاء؟ أن نكون لطيفين معهم؟! بالطبع لا".
ولكن تودد دونالد ترامب لم يمر مر الكرام، فكان صداه سريعًا وهجوميًّا من قبل البيت الأبيض، الذى أكد من خلال تصريحات المتحدث جوش أرنست، أن "الإدارة الأمريكية ترفض القتل خارج القانون، وموقف الإدارة الحالية هو أن كل عمليات القتل التى تتم خارج إطار القانون تتعارض تمامًا مع مفهوم السيادة والالتزام بدعم حقوق الإنسان، وأى تراجع عن تلك القيم هو أمر سيئ لعلاقتنا، ويحط من قدرتنا على بسط نفوذنا فى جميع أنحاء العالم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة