لا يحتاج الكاتب المبدع صاحب جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ إشادة من أحد، فأعماله الخالدة تتحدث عنه وتعبر بقوة عن خياله الثرى وعن واقعنا إلى هذه اللحظة، إلا أن هذا لا يمنع التعمق في الشخصيات التى قدمها وفي الحالة التى خلقتها كتاباته في السينما المصرية وكيف حولتها من تناول المواضيع الخفيفة إلى قياس نبض الواقع والتعبير عن مشكلاته ومناقشة الأوضاع السياسية وتأثيراتها الاجتماعية بدقة.
فى هذا السياق قال الناقد عصام زكريا لـ"اليوم السابع" إن نجيب محفوظ فتح طرقا كثيرة أمام صناع السينما للإبداع في الاتجاه الواقعى بالسينما فلا يستطيع أحد أن ينكر أو يتجاهل تأثير واقعية نجيب محفوظ في أعمال المخرج صلاح أبو سيف أو المخرج عاطف الطيب لأن فكرة الحارة وتكوين شخصياتها وجرأة أسلوب نجيب محفوظ في تناول تفاصيلها لم تمر مرور الكرام ولكن تجاوز تأثيرها الاقتباس المباشر من روايات نجيب محفوظ وأصبح الجميع يتجهون لتقديم سينما واقعية والتعبير عن هموم الناس وأفكارهم وأرائهم.
وأضاف أن أفلام "الفتوات" التى اشتهرت في فترة الثمانينيات كان جزء منها مقتبس من "الحرافيش" لنجيب محفوظ، ففكرة خلق ملحمة بين الفقراء والأقوياء وكشف عالم الحرافيش في السينما أغرى الكثيرين لتناول هذه الحالة بمعالجات درامية مختلفة، لافتا إلى أن الأفلام المقتبسة من روايات نجيب محفوظ نجحت على المستوى الجماهيري والفني على حد سواء ولم تكن أفلام نخبة رغم قوتها وثقل الموضوعات التى تناقشها واحتوائها على الكثير من الإسقاطات السياسية على الواقع.
فيلم التوت والنبوت
وأوضح أن شخصيات نجيب محفوظ لا تنسى خاصة شخصية "رؤؤف علوان" في فيلم "اللص والكلاب" فمن الصعب أن يقرأ أحد الرواية ولا يتذكر تجسيد كمال الشناوى لهذه الشخصية، وكذلك الحال مع الشخصيات التى قدمتها شادية في أفلام "ميرامار" و"اللص والكلاب" و"زقاق المدق" فكان لها علاقة مميزة مع أعمال نجيب محفوظ، مشيرا إلى أن شخصية "كمال عبد الجواد" التى قدمها نور الشريف في فيلمى "السكرية" و"قصر الشوق" غيرت فى اختيارات نور الشريف لجميع أدواره بعدها وتأثير شخصية الشاب المثقف الحائر المهموم بمشاكل المجتمع والذى يملك علاقة مضطربة مع والده وعائلته بسبب أفكارهم الرجعية غير شخصية نور الحقيقية كما أن الفكرة التى انطبعت فى أذهان الجمهور عن هذه الشخصية ظلت ملازمة لنور الشريف خلال مشواره الفنى.
اللص والكلاب
ميرامار
وفي نفس السياق قال الناقد الفنى طارق الشناوى إن أقرب الشخصيات المقدمة فى السينما والمأخوذة عن روايات تجيب محفوظ إلى قلبه هى شخصية "السيد أحمد عبد الجواد" التى قدمها يحيى شاهين كما أنها كانت الشخصية المفضلة لدى نجيب محفوظ نفسه حيث قال ليحيى شاهين "أنت بالظبط أحمد عبد الجواد كما تخيلته"، مضيفا أن شخصية الست أمينة التى قدمتها أمال زايد وهى من الشخصيات التى لا يستطيع أحد أن ينساها، كما تعد شخصية "سعيد مهران" التى قدمها شكري سرحان في فيلم "اللص والكلاب" من أهم الشخصيات .
وأضاف أنه رغم أن الشخصيات الدرامية التى كتبها نجيب محفوظ من وحى الخيال إلا أنها من فرط قوتها تحولت إلى شخصيات واقعية وحُفرت بداخلنا، وأشار إلى أن من أبرز النجوم الذين استطاعوا تأدية شخصيات نجيب محفوظ كما تخيلها النجم يحيى شاهين وأمال زايد وشادية التى جسدت شخصية "حميدة" في فيلم "زقاق المدق "ومحمود مرسى الذى قدم شخصية "عيسى الدباغ" بفيلم "السمان والخريف".
السمان والخريف