أنور الرفاعى يكتب: هذه حكاية المشروع المصرى فى مجلس الأمن دون مزايدة.. مصر هى الأب الشرعى والوحيد للقضية الفلسطينية.. وتقود المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قريبا

الأحد، 25 ديسمبر 2016 07:27 م
أنور الرفاعى يكتب: هذه حكاية المشروع المصرى فى مجلس الأمن دون مزايدة.. مصر هى الأب الشرعى والوحيد للقضية الفلسطينية.. وتقود المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين قريبا انور الرفاعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سادت فى الأوساط السياسية كثيرا من اللغط والتجاذب بشأن المشروع الذى تقدمت به مصر إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، لإدانة اسرائيل على بنائها المستوطنات فى الأراضى المحتلة، ثم إرجاء مصر التصويت على القرار، ثم تصويت مجلس الأمن على قرار آخر تقدمت به كل من نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال، وأحدث الأمر حالة من الجدل والتراشق، لدرجة أنه اتهم البعض مصر بالتخلى عن دورها فى القضية الفلسطينية، رغم أن قراءة المشهد من كل زواياه تؤكد أن الدبلوماسية المصرية تجيد عمليات المناورة للوصول إلى أكبر قدر من المكاسب، وهى خبرة استمدتها الدبلوماسية المصرية من مواقف ومعارك.. كؤوس انتصاراتها يتزين بها دولاب العمل فى وزارة الخارجية المصرية.
سامح شكرى وزير الخارجية
سامح شكرى وزير الخارجية
وإذا كان من كلمة بديهية فى البداية فإن التاريخ والجغرافيا والدبلوماسية تؤكد أن القضية الفلسطينية لها "أب" شرعى واحد فى كل الأحوال، سواء كانت انكسارات أو انتصارات، سواء كانت فى حرب 1948 أو العدوان الثلاثى عام 56 أو حرب يونيو 1967، أو حروب الاستنزاف، أو انتصار أكتوبر عام 1973، وما قدمته مصر خلال هذه الحروب المتتابعة مع العدو الإسرائيلى من شهداء ارتوت بدمائهم رمال سيناء وأراضى فلسطين، وما خلفتها هذه الحروب من مصابين كانوا يرون فى إصاباتهم أوسمة ونياشين الفخر والعزة، وما تحمله الشعب المصرى بأسره طيلة هذه الحروب من حرمان اقتصادى، حيث وجهت الدولة اقتصادها نحو الحرب، وعلا صوت "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وتحولت قضية فلسطين لتكون قضية مصر فى حربها وسلامها، الذى بدأه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وسيبقى المؤتمر الذى عقده السادات مع الإسرائيليين فى القاهرة ورفع العلم الفلسطينى دون حضور الفلسطينيين خير شاهد على أن القضية الفلسطينية تسير فى فلك مصر وفى معيتها حربا وسلاما، وهو الأمر الذى يعنى أنه لا مزايدة على مصر، ولا مزايدة على دماء شهدائها، ولا مزايدة على عبقرية دبلوماسيتها التى انتصرت دوما لقضايا أمتها.
ترمب
ترمب
وفى الأسبوع الماضى وبما لدى الدبلوماسية المصرية من فطنة، ومن منطلق إيمانها الثابت، وبما تعتبره إرثا تاريخيا، رأت الدبلوماسية المصرية أن الولايات المتحدة الأمريكية فى شهر ديسمبر وحتى العشرين من يناير فى الولاية الثانية للرئيس الأمريكى، أو نهاية الولاية الأولى حال انتخاب رئيس جديد، تبقى الولايات المتحدة فى حالة خلخلة سياسية حتى يتسلم الرئيس الجديد إدارة الحكم فى العشرين من يناير، ورأت الدبلوماسية المصرية بخبرتها حالة عدم التناغم وعدم الانسجام بين الرئيسين باراك أوباما والمنتخب دونالد ترامب، وهو الأمر الذى يمكن النجاح فى تمرير قرار أممى من مجلس الأمن يدين إسرائيل على بناء المستوطنات فى الأراضى العربية المحتلة، بما فيها القدس بمخالفة صارخة لكل قواعد القانون الدولى.
نتنياهو
نتنياهو
 
وبالفعل أعدت مصر المشروع المقترح بتنسيق مع المندوب الفلسطينى فى الأمم المتحدة، وكتبت مصر مشروع القرار بالحبر الأزرق، وهو ما يعنى -حسب المعمول به فى المنظمة الدولية- أن المشروع لا يمكن التعديل فيه سواء بالحذف أو الإضافة، وفور أن تقدمت مصر بالمشروع إلى مجلس الأمن تدخل الرئيس المنتخب دونالد ترامب وطالب أمريكا بضرورة استخدام حق النقض "الفيتو"، وهو حق الاعتراض التوقيفى الممنوح للدول الخمسة الكبرى وهى أمريكا وفرنسا وإنجلترا وروسيا والصين، والمسماة بالأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، وهو ما يعنى أنه فى حالة استخدام حق "الفيتو" فإن المشروع يصبح هو والعدم سواء.
 
وجاء تدخل الرئيس المنتخب دونالد ترامب على خط الأزمة بعد نداءات واستجداءات من إسرائيل، وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكى الجديد، والرئيس باراك أوباما، وهنا لا بد أن نؤكد أن إسرائيل بحثت فى دهاليز الحكم الأمريكية عن حل لأنها لا تستطع، ولم تتمكن، ولا تمتلك القدرة على الدخول لمصر فى هذا الجانب، فهم يعرفون جيدا رؤية المصريين وقيادتهم حول هذا الأمر، فلا تنازل ولا تفاوض بشأنه، وهو ما يمثل الرد القاسى والحاسم على أولئك المتلونين بألوان الخبث والكراهية للمصريين، كل ذلك رغم حاجة مصر إلى إسرائيل فى حربها ضد الإخوان والإرهاب والسماح للطائرات المصرية التحليق فوق سيناء لمطاردة الإرهابيين، رغم أن اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل تمنع ذلك.
 
وبدأت السحابة الضبابية السياسية تخيم على سماء مجلس الأمن، فهل ستستخدم أمريكا حق "الفيتو" فتنسف المشروع؟ وهنا بدأت الدبلوماسية المصرية تتحرك فى الوقت الذى قام فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالاتصال بالرئيس السيسي والتباحث معه فى شأن مستقبل القضية الفلسطينية، وتوافرت معلومات تقول "إن ترامب دعا الرئيس المصرى إلى البيت الأبيض، وإن المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين هى السبيل الوحيد نحو إقامة الدولتين، وإن مصر سوف تقود هذه المفاوضات فى المستقبل القريب"، وهو الدور الذى لم تتخل عنه مصر يوما منذ بداية الأزمة الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى حتى الآن، وحتى تنتهى المفاوضات المباشرة بإقامة الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها التى احتلتها إسرائيل.
 
مجلس الأمن
مجلس الأمن
ولأن مصر معنية بقضايا أمتها وفى القلب منها القضية الفلسطينية بدأت الدبلوماسية المصرية فى مناورة كبرى فى أروقة ودهاليز الأمم المتحدة، فقامت بإرجاء التصويت على المشروع حتى يتبين الموقف الأمريكى، وفى ذات الوقت ضمان الإدارة الأمريكية الجديدة وضع القضية فى مقدمة أجندتها الجديدة. وأدارت الدبلوماسية الأمر باقتدار بعد أرجأت التصويت على المشروع المصرى ثم قامت بالالتفاف السياسى وصوتت لصالح مشروع تقدمت به كل نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال، ووافق مجلس الأمن على مشروع القرار، وامتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت. وهو ما دعا صائب عريقات القيادى الفلسطينى وكبير المفاوضين الفلسطينيين إلى الاتصال بسامح شكرى وزير الخارجية، وتقديم الشكر لمصر على موقفها الذى أدارته الدبلوماسية المصرية باقتدار وكفاءة وفطنة. كل العالم فهم وتفهم موقف مصر وأثنى عليه حتى الفلسطينيون أنفسهم إلا نشطاء السبوبة والإخوان، حتى النائب الذى اتهم بالتعاون مع كل الأعداء واتهم مثله مثل كثير من النشطاء بتلقى الأموال مقابل ما يورده من معلومات خيانة لهذا البلد الذى وصف موقف مصر بالفضيحة نقول له ولباقى نشطاء السبوبة (لا تزايدوا على الموقف المصرى)، فمصر هى الأب الشرعى للقضية الفلسطينية وليس لها بديل، هذا قدرها واختيارها.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة