صندوق التنمية الثقافية فى 2016.. "لا بينجز ولا يخلى غيره ينجز"

الأحد، 25 ديسمبر 2016 05:01 م
صندوق التنمية الثقافية فى 2016.. "لا بينجز ولا يخلى غيره ينجز" الدكتورة نيفين الكيلانى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إذا سألت أى مواطن فى شوارع مصر: هل مصر تحارب الإرهاب؟ فسيقول لك: نعم بالتأكيد، وإذا سألته وما هو سلاح مصر فى محاربة الإرهاب فسيقول لك بلا شك: الثقافة والتعليم، ومن حسن الحظ أن فى وزارة الثقافة فى مصر كيان يسمى بـ"صندوق التنمية الثقافية" يعد المسئول الأول عن عملية التطوير الثقافى وفتح آفاق جديدة للمشروعات الثقافية المختلفة، فبحكم تكوينه فهو الكيان الوحيد الذى يتمتع بالحرية الكاملة فى التعاقدات مع الغير والتربح من المشروعات المختلفة بما يحقق فائضا ماليا يسهم بدوره فى تنمية المشروعات المختلفة، ولهذا كان الصندوق فى السنوات الماضية بمثابة القاطرة التى تقود الوزارة إلى بر الوصول وتضخ دماء الحياة فى شرايين القطاعات المختلفة، فهل لمح أحد أثرا لهذه الدماء هذا العام؟.

 

بالنظر إلى بعض أنشطة الصندوق هذا العام فإننا لا نلمح تغيرًا يذكر فى خارطة أنشطة الفنية، وهو الأمر الذى تعهدت به "نيفين الكيلاني" مديرة الصندوق منذ أول يوم تولت فيه مسئولية صندوق التنمية الثقافية، وفى هذا السياق قام الصندوق بالعديد من الفعاليات الفنية مثل ملتقى التصوير الدولى بالأقصر وملتقى الخط العربى ومهرجان سماع، وسمبوزيوم أسوان الدولى للنحت.

 

كما احتفل بالعيد القومى لمحافظة الوادى الجديد، وأقام معرضا للفنون التشكيلية عن سيناء، كما أعلن الصندوق عن الاشتراك فى مسابقة تسمى "مسابقة المكعبات"، التى يقيمها حول البيئة المبنية للأطفـال بعنوان "جائزة المكعبات الذهبية"،  بالإضافة إلى إقامته لمسابقة الصوت الذهبى، فى دورتها الثانية، وعرض مجموعة أفلام فى ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، وإذا ما نظرنا إلى هذه الأنشطة والفعاليات سنرى أنها أنشطة دورية كانت مقررة سلفا ولم يحدث أن أضاف إليها أحد شيئا.

 

وفى المقابل هناك العديد من مراكز الإبداع التابعة للصندوق غابت تماما عن الحياة وعلى سبيل المثال لم يسمع أحد شيئا عن مركز ابداع الطفل ببيت العينى أو بيت الغناء العربى بقصر الأمير بشتاك أو متحف سيدة الغناء العربى "أم كلثوم" أو مركز الموسيقى الدولى بقصر المانسترلى، وحتى لو جاء ذكر أحد هذه المراكز فإن هذا الذكر لن يكون بعد مشروع فنى أو إنجاز ما وإنما وفقا لوقوعه فى خريطة الحفلات العابرة أو الأحداث الجارية، وللأسف لم يحدث هذا فحسب وإنما تأثرت الكثير من المركز الإبداع الأخرى التى كانت ملأ السمع والبصر وأصبحت تسير بقوة الدفع الذاتى منها على سبيل المثال بيت العود العربى الذى كان من أفضل مشاريع وزارة الثقافة حيث استطاع تخريج مئات الشباب المبدع فى العزف على العود والتأليف الموسيقي، لكن الضعف أصابه هو الآخر نتيجة سوء العلاقة بين الفنان العربى "نصير شمه" ومديرة الصندوق "نيفين الكيلانى" أما بيت الشعر فقد حماه وجود العديد من الأسماء الكبرى فى الحياة الثقافية مثل أحمد عبد المعطى حجازى وحسن طلب والراحل فاروق شوشة من موجة التبديد التى صاحبت تعيين "الكيلانى".

 

أما على مستوى الإنشاءات وهو الأهم فلا نرى إلا الشلل التام، سواء من ناحية الكم أو الكيف، فصندوق التنمية الثقافية الذى كان شريكًا أساسيًا فى العديد من المشروعات العملاقة التى قامت بها وزارة الثقافة مثل بناء المتاحف الفنية والأثرية وترميم عشرات الآثار فى مشروع القاهرة التاريخية، أصبح غاية إنجازه افتتاح "منفذ" بيع شبيها بالكشك المعدني، أو طلاء بيت وتجهيزه ليصبح مكتبة، بعد أن ينشأ عشرات المكتبات فى كل عام، وحتى المشروعات التى افتتحتها "الكيلاني" مثل مشروع "بيت المعمار" كان جاهزا للافتتاح قبل تعيين "الكيلانى"، وكل ما فعلته "الكيلانى" هو أنها قصت شريط الافتتاح فحسب.

 

نأتى إلى أهم مشروع يتولى إنشاءه الصندوق وهو مشروع إنشاء متحف نجيب محفوظ الذى يعد مشروعا عالميا يتخطى أثره صندوق التنمية الثقافية ووزارة الثقافة، وبحسب التعريف الذى يعرفه صندوق التنمية الثقافية لنفسه على موقعه الإليكترونى فسنجد أنه لمثل هذه المشاريع عميق الأثر فى تنمية الحياة الثقافية ولهذا يقول الموقع إن "فلسفة تحويل المواقع الأثرية – بعد ترميمها – إلى مراكز إبداع فنى كان لها عظيم الأثر فى تنمية المستوى الثقافى لجموع السكان المحيطين بهذه المراكز وخصوصاً أنه تم إمداد هذه المواقع بكافة المتطلبات التى تكفل لها أداء دورها الثقافى والفنى. وقد بدأت التجربة عام 1996 ببيت الهراوى وامتدت حتى وصل عدد المواقع الأثرية التى تم تحويلها إلى مراكز إبداع فنى تابعة للصندوق إلى (17)" لكن للأسف فإنه يبدو أن القائمين على الصندوق لم يقرؤوا ما كتبوه، بدليل الإخفاق فى افتتاح المتحف برغم أنهم زعموا فى أكثر من موضع أنه جاهز للافتتاح فى عيد ميلاد الأديب العالمى أو فى الاحتفال بذكراه، لكن هذا ما لم يتم.

 

قد يقول قائل إن مسئولية تأخير هذا المتحف تقع على عاتق وزارتى الثقافة والآثار، ولهذا قام اليوم السابع فى تحقيق سابق بزيارة متحف نجيب محفوظ المزمع إقامته بتكية أبو الدهب، وبالمصادفة كان رئيس قطاع الآثار الإسلامية موجودا فى الموقع فى انتظار مديرة الصندوق "نيفين الكيلانى" لأنها بحسب الخطاب الذى حصل اليوم السابع على نسخة منه ستأتى إلى الوكالة فى تمام العاشرة صباحا، للاتفاق على إجراء بعض التجهيزات المتأخرة، لكنها لم تأت على الإطلاق، وفى الساعة الواحدة والنصف ظهرا أتى بعض موظفى الصندوق قبل ميعاد انصراف موظفى الآثار بنصف ساعة فحسب، فالتقطوا بعض الصور "السيلفى" فى المتحف ليتم وضعها على صفحة الصندوق على الفى سبوك بعد ديباجة عنوان "تلميعى" عن متابعة الصندوق لأعمال متحف نجيب محفوظ التى تجرى على قدم "مشلولة" وساق "كسيح".

 

المشروع "الكبير" الآخر الذى يتحمل صندوق التنمية الثقافية أزمة افتتاحه هو مشروع تطوير قصر عائشة فهمى "مجمع الفنون" فى الزمالك، وقد تعشم الفنانون أن يكون هذا المشروع بعد افتتاحه نافذة مصرية راقية لعرض أعمالهم الإبداعية، لكن هذا المشروع تأخر أيضا فى الظهور إلى النور بفعل فاعل هو "صندوق التنمية الثقافية" ففى ديسمبر 2015 قام المهندس محمد أبو سعدة، مدير الصندوق السابق والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية الحالى بزيارة مجمع الفنون ووفقا للبيان الصادر من الجهتين أن هذه الزيارة كانت زيارة تفقدية تمهيدا لافتتاح "مجمع الفنون" بما يعنى أن الصندوق انتهى من ترميم القصر وأن هذه الزيارة كانت بمثابة معاينة قبل التسليم، لكن للأسف لم يتم افتتاح القصر حتى الآن، لماذا؟ لأن "الكيلانى" كان لها رأيا آخر.

 

"الكيلانى" حينما استلمت عملها بصندوق التنمية الثقافية ورأت القصر جاهزا للافتتاح طمعت فى ضمه إلى إدارتها، وبحسب مصادر من داخل صندوق التنمية الثقافية فإن الصندوق كان يحاول ضم القصر إلى منشآته وكان يماطل فى تسليم القصر أملا فى استمالة وزير الثقافة إلى جانبه، حلمى النمنم بخبرته الواسعة بالأوساط الفنية والثقافية كان يعلم تمام العلم ما الذى يعنيه قصر عائشة فهمى بالنسبة إلى فنانى مصر، حيث كان هذا القصر فى السابق بمثابة بيت الفنانين المصريين، ومنه انطلقت أعمال أشهر الرواد إلى العالمية، وفيه أقام عشرات الرموز الفنية معارضهم، ولهذا لم يقبل وزير الثقافة بهذا الاقتراح فما كان من "الكيلانى" إلا أن سلمت القصر لقطاع الفنون التشكيلية، لكن تزامن هذا التسليم مع زيادة سعر الدولار ثم قرار تعويم الجنيه المصرى لترتفع أعمال التجهيزات النهائية إلى أضعاف مضاعفة، وبالتالى لم يكن أمام "الفنون التشكيلية" سوى الانتظار حتى تدبير المبالغ المتبقية.

 

كل هذه الأزمات التى تسبب فيها "صندوق التنمية الثقافية" تعد أزمات "داخلية" عرف بهاه الرأى العام تارة وجهلها تارة أخرى، لكن الأزمة الحقيقية كانت فى انتظار "مصر" أثناء الاحتفال بالعام الثقافى المصرى الصيني، ففى مايو الماضى كان مقررا أن تشارك مصر فى معرض للحرف التراثية والأثرية فى الصين ضمن مائة دولة أخرى، لكن مصر كانت تحظى بأضواء استثنائية نتيجة تصدرها المعرض واهتمام الصينيون بها وفقا لبروتوكول "العام الثقافى المصرى الصينى" لكن الصدمة كانت فى الانتظار، فلم يعرض جناحنا الواسع سوى بضعة أوان نحاسية لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وثلاث أو أربع تماثيل، بالإضافة إلى عدة مشغولات لا ترقى لمستوى مصر أو الإعداد لمعرض عالمي، والمفاجأة كانت فى الانتظار حينما كشف عن أن سفارة مصر بالصين هى صاحبة هذه الأعمال "القليلة" والتى وضعتها بالمعرض إنقاذا للموقف ليس إلا، لماذا؟ لأن صندوق التنمية الثقافية لم لم يقم بشحن الأعمال فى الوقت المناسب، وبالتالى حرمت مصر من تمثيلها بالشكل اللائق كما أهدرت أموال شحن المشغولات التى وصلت فى الوقت الخطأ.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة