كل من يحاول إعادة عملية التاريخ للوراء وإعاقة التغيير ستكون مهمته منحوسة الطالع وخاسرة المآل والثابت أن مهمة المرحلة الانتقالية تكمن فى تحديد طبيعة النظام القادم على أن تحسم مسألة النظام السابق، وفى مصر بدت الفترة الانتقالية شديدة التعقيد كما يقول الواقع ورغم ذلك هامت القلوب وتطلعت الآمال متأججة فى تلك الفترة العصيبة من أجل نظام جديد يختلف تماما عن النظام الشائخ يغسل بأمواجه ما دنسته أيام نظام استبدادى، لننعم بنظام الإصلاح والنهضة والتغيير والمصلحة الوطنية لا مصلحة النافذين، لذلك تواجه مهمة تفكيك ومحو آثار النظام المثار عليه، إعاقات انتقامية مكررة وممنهجة فى حين كان يستوجب التركيز فى كل المراحل الانتقالية على إعادة بناء الوعى على أسس وطنية سليمة وتجديد الدماء بتصعيد نخب جديدة تقود عملية الإصلاح والتغيير وتراقب مساره، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وتحمل الشعب بما يفوق الخيال حتى قامت ثورة 30 يونيه وجاء البعد السياسى الذى بدأ بدفع العجلة قدما لكن الضرورى فى أى مرحلة انتقالية أن يكون الرأى العام مراقبا لما يجرى من تحولات.
ولعل ما حصل فى مصر رغم حالة البطء مقارنة وطموح الثورة ومطالب الشعب أو مشاكل الواقع يبدو أكثر صعوبة، لكنه تحقق وبات واقعا كحلم خلاق ومثابر بفعل طاقة التغيير التى لا تقبل الركود وكما نعرف فإن الدولة هشة ومراكز القوى والفساد متجذرة ولا تشبع نهيك عن القضايا الوطنية الكبرى وثمة سلاح منتشر هرب من خلال الأنفاق فى رفح والحدود مع ليبيا وبكميات مهولة إضافة إلى المشاكل المتفاقمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفى مقابل هذا كان الأهم هو ثبات مؤسسات الدولة رغم كل فسادها ورخاوتها من الانهيار ثم إن التغيير أصلا هو عملية تغيير كبرى شاملة ومتراكمة ما يعنى أن تشجع المرحلة الانتقالية بشكل رسمى وبجهود المنظمات المدنية أيضاً مشروع الثقافة الاجتماعية من أجل التغيير، باتجاه خلق مزاج عام متابع ورقيب على العملية التغييرية والحث عليها والحشد لها والوقوف معها وهى تواجه الإعاقات .
والمعلوم لدينا أن الأنظمة السابقة وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط غالبا ما تتعمد ضخ الفوضى فى المجتمع انتقاما من ناحية بفقدان مكانتها ومصالحها ومقاومة للتغيير من ناحية أخرى، وبالمحصلة يصبح بناء وعى التغيير الحقيقى فى واقع كمصر مأزوم يتدهور على أكثر من صعيد دون بناء وعى ثقافى جديد يصاحب الروح التقدمية بقيمة التغيير والدولة الجديدة المأمولة من خلاله، الدولة المدنية التى تترسخ مداميكها بتثبيت دعائم التنوير الثقافى بمفاهيم الحريات والحقوق وتحقيق الذات والسيادة وتشجيع والحفاظ على الإبداع الفردى وتنمية المواطن كرأسمال وطنى يستثمر وصولاً للنهضة الشاملة التى من شأنها إنجاز المواطنة المتساوية والقانون ومكافحة الفساد إحلالا للكرامة وللشراكة الوطنية العادلة بالضرورة.
محمد أبو الفضل يكتب: أسس وطنية سليمة حتى نصل للنهضة الشاملة!
الأربعاء، 24 فبراير 2016 12:00 م
الرئيس السيسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة