نقلا عن العدد اليومى...
لفت نظر كثيرين فى كلمة الرئيس إنه قال إننا نجحنا فى تقليل تكاليف المشروعات إلى النصف، وتحدث عن مئات المليارات تم توفيرها بالتفاوض أو بوقف التسرب فى الفساد، وهى نقطة مهمة لكنه يثير قضية مهمة وهى لماذا يعجز المسؤولون فى المحافظات أو الشركات العام عن توفير الأموال ويستمر الإهدار؟ وكيف يمكن أن تكون هناك منظومة للتوفير ومنع الإهدار بشكل مؤسسى وهذه الخطوة يمكن أن توفر مئات المليارات، بل وتوقف الكثير من الهدر المالى والتسرب؟ وقد أشار الرئيس إلى أنه طالب الوزراء بضرورة التدخل فى تفاصيل تكاليف المشروعات للحد من الفساد، وهذه النقطة فى غاية الأهمية، ولا يفترض أن ينتظر الوزراء تعليمات أو مطالبة، بل يتدخل كل وزير فى وزارته من خلال متابعة للتكاليف والمصروفات، والأهم أيضا بالنسبة للمحافظين وكل من يقوم بالتعاقد فى توريدات أو تركيبيات أو إنشاءات، لأن التوفير هو أهم ما يمكن أن يكون فائدة الاقتصاد أو مهمته الأساسية.
ولا يفترض أن يكون التفكير فى الوفر الاقتصادى متوقفا على الرئيس بل الأهم أن يكون وظيفة ومهمة من مهام الوزراء والحكومة والمسؤولين. ولو تأملنا حجم الإهدار فى البنية الأساسية والمشروعات والرصف وإعادة الرصف والمشروعات التى لم تعمل أو التى تتعطل كل هذا يعنى مليارات كثيرة يفترض أن تدخل فى سياق الاقتصاد الكلى، لتكون إضافة بدلا من أن تصبح خصما.
ولنتصور حجم الوفر الذى يمكن أن يتحقق ليستخدم فى إقامة مجتمعات عمرانية وليس مجرد وحدات سكنية. كل هذه الخطوات تعنى أهمية الاقتصاد والتوفير ومواجهة الهدر وألا يكون الرئيس وحده أو الوزراء إنما كل المسؤولينو، وهى أمور تتطلب بالفعل إعادة بناء المؤسسات إداريا بالشكل الذى يسهل قيام المؤسسات بالحسابات الدقيقة ومنع التسرب، وفى نفس الوقت لا يعطل هذا من إنشاء المشروعات.
ومن اللافت أن كل وزارة وكل جهة لديها جهات محاسبية ورقابية تتابع كل خطوة من خطوات الإنشاءات، ومع هذا تبقى عملية الإهدار والتسرب مستمرة وبلا مواجهة، ويمكن مواجهة هذه الطريقة القديمة بفرض التكنولوجيا والبرامج الجديدة التى تحسب كل تفصيلة. وهناك بالفعل برامج محاسبية للكمبيوتر ويمكن الاستعانة بشباب وفنيين متخصصين مثلما يتم فى البنوك والمؤسسات الكبرى وهى أمور لا تكلف شيئا، ولكنها تحول العملية المحاسبية إلى جزء أساسى من المؤسسات، بل إنها تفتح الباب لتوفير مليارات يمكن استغلالها فى أمور أخرى مفيدة.
وكما أشرنا يفترض ألا يكون أمر التوفير ووقف الهدر متوقفا على الرئيس، وأن ينتقل ليكون سياسة عامة فى كل مكان بالدولة ولدى الوزراء والمحافظين وكل موظف أو إدارى، وهو ما يمكن أن يتجاوز مجرد البقاء فى جدل التفتيش عن التفاصيل المهمة التى يمكن من خلالها تحقيق الوفر الاقتصادى والمالى.
موضوعات متعلقة:
- ابن الدولة يكتب: أوهام حول قانون الخدمة المدنية.. الذين رفضوا القانون لم يقرأوه.. وتجاهلوا أنه ينهى «الواسطة» والمحسوبية ويدعم توزيع القوى البشرية لخدمة التعليم والصحة وليس العكس
- ابن الدولة يكتب: الإصلاح وقانون الخدمة المدنية.. أغلب الذين رفضوا القانون لم يقرأوا القديم ولا الجديد مع الاتفاق على أنه لا بديل عن تغيير بنية التشريعات لتحديث الإدارة
- ابن الدولة يكتب: إعادة العلاقة بين الشعب والشرطة.. المواطنون يشعرون بالدولة والمؤسسات.. وحجم ما يتحقق على الأرض.. وربما يحتاج الغاضبون لتأمل المشهد فى التحرير خلال احتفالات عيد الداخلية وثورة 25 يناير
- ابن الدولة يكتب: "التنمية" هى الحل فى تونس وغيرها.. الشعب التونسى مل من تجار السياسة ولا حل سوى مزيد من الاستثمارات والتقدم والبناء ومواجهة التحديات.. الثورة لعبة يمكن تبديلها أو إخراجها فى أى وقت