د. حنان شكرى تكتب: سعيكم مشكور

الثلاثاء، 01 مارس 2016 09:59 م
د. حنان شكرى تكتب: سعيكم مشكور ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى سرادق عزاء القيم الإنسانية المهيب، تتردد جملة دون أن تسمعها أذن، أو تلتفت إليها نفس، جملة قصيرة من كلمتين، وهى "سعيكم مشكور".. سعيكم أيها البشر مشكور فى ضياع القيم، سعيكم مشكور فى تغييب المبادئ، سعيكم مشكور فى إسقاط الفضيلة.

لقد نسى الإنسان أو تناسى، أن كل نبى أرسله الله، كان يضع لبنة فى صرح عالٍ ضخم.. اسمه الأخلاق، إلى أن بُعث الرسول العظيم محمد – صلى الله عليه وسلم- ليتمم هذا الصرح الذى هو أصل الوجود، معلنا أنه بُعِثَ ليتمم مكارم الأخلاق، أعلنها النبى بكلمات قليلة، لكنها تحمل سر الحياة، وترسم منهاجا لاستمرارها، قائلا:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

لقد أوضح لنا النبى الكريم جوهر الدين الحق.. فالدين وحسن الخلق وجهان لعملة واحدة، فلا يفاخر أحد بصلاته، وكثرة سجوده، ويباهى بصيامه، وكم يصوم.. فتلك علاقة شديدة الخصوصية بين العبد وربه، تلك عبادات قد تكون شكلية، وقد تكون قلبية، والمطّلع عليها هو سبحانه وحده، أما التعامل الإنسانى بقيم الدين مع الآخرين، هو المحك، هو الذى يبرهن على صدق الإنسان فى عباداته. هكذا فهمنا عن معلم البشرية الأعظم، وخاتم الأنبياء.

إن الخراب الإنسانى الذى يعيشه كل منا الآن، ماهو إلا نتاج طبيعى لمحنة وأد الرحمة، واغتيال النبل، وإماتة الفضيلة، كل هذا مع سبق الإصرار، وليس عن غفلة، ففى معترك التطاحن والصراع من أجل المال، كل شئ مباح، أن نطئ الآخرين بأقدامنا لنصعد على أكتافهم.. مباح، أن نطال الناجحين بالفرى الكاذبة.. مباح، أن تُفتَح الأدراج للرشوة.. مباح، أن نكذب وندلس، وننافق.. مباح.

وبغياب قيم الخير، والرحمة والصدق؛ فقدنا التواصل الإنسانى الآمن، فالكل متوجس من الكل.غفلنا عن أبسط المبادئ التى تنشر السلام بين الناس، حب لأخيك ما تحب لنفسك، وحلّ مكانها، نفسي.. نفسي، أصبحنا نتشاحن لأتفه الأسباب، ونتشاحن حتى بالأعين فى الطرق العامة، تشاحن نظرات بين أناس لاتربطهم أية علاقة، سوى الطريق الواحد وإشارات المرور الجميع يترحم على ماضٍ ولّى، ويلوم الآخر، ولا ينظر إلى نفسه، لا يعترف بما اقترفته يداه، لإثمار هذا الخراب الإنسانى، ولم تلتفت روحه أبدا إلى نعى القيم نفسَها: سعيكم مشكور.

أيها الإنسان أنت بداية الطريق لأى إصلاح.. أنت يد التعمير والتغيير، أنت من يبعث النبض والحياة فى جسد القيم من جديد. وأرجوك أخى الإنسان، لا تتهمنى بالمبالغة فى وصف الحالة التى وصلنا إليها، قائلا: "إحنا زى الفل "، فليست هذه هى الحقيقة، ولا أجد ردا سوى قول المنفلوطى:" إنى لا أنكر وجود الفضيلة، ولكن أجهل مكانها، فقد عقد رياء الناس أمام عينى سحابة سوداء، أظلمَ لها بصرى، حتى ما أجد فى صفحة السماء نجما لامعا، ولا كوكبا طالعا".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة