ودائما ما تدور فى أذهاننا أسئلة حول كيفية حماية أطفالنا من الاعتداء الجنسى وهو السؤال الذى يدور فى أذهان كثير من الآباء والأمهات ويجسد مخاوفهم على أطفالهم ويعبر عن حيرتهم بعد الكشف عن بعض جرائم الاعتداء الجنسى التى تعرض لها أطفال وتلميذات بالمرحلة الابتدائية، لم تتعد أعمارهن العاشرة وما زاد من مخاوف الآباء والأمهات أن مسرح الاعتداءات قد يكون دار رعاية أو دار علم وأن يكون المربون أنفسهم من ينهشون براءة الأطفال.
وفى السياق قال الدكتور أحمد أبو العزايم أستاذ الطب النفسى إن أكثر أنواع الاعتداءات الجنسية التى تحدث للأطفال تكون من شخص تثق فيه الأسرة أو من الأصدقاء، أو ممن يقدمون الرعاية للأطفال مشيرا إلى أن الأطفال خاصة من هم فى سن العاشرة هم أكثر تعرضا للعدوان الجنسى سواء كانوا أولادا أو بناتا.
وأكد أبو العزايم أن الاعتداء الجنسى لا يشترط أن يكون جسديا فقط بل يمكن أن يكون لفظيا أو بالتلامس الجنسى أو إظهار الإعجاب بالطفل، أو بتعريضه لرؤية ممارسة جنسية قصدا وليس عفوا، أو برؤية أفلام وصور جنسية فاضحة، ثم بعد ذلك يطلب منه تقليد ما شاهده كما أن دخول شخص بالغ مع الطفل فى الحمام يسهل الاعتداء الجنسى.
ولحماية أطفالنا من التعرض للاعتداء الجنسى نصح أستاذ الطب النفسى باتباع عدة خطوات منها:
1_ نذكر لهم دائما محاسنهم، ونبث الثقة فى أنفسهم وقدراتهم ونشعرهم بأنهم ذوو قيمة، ويستطيعون أن يكونوا فى مأمن من الخطر.
2_ نعلمهم الفرق بين أن يتلامس أحد معهم عفويا، ومن يتجاوز حدوده معهم.
3_ نعلمهم أن أجسامهم ملك لهم، ولا يحق لأحد أن يلمسها أو يؤذيها.
4_ نعلمهم ألا يخافوا من قول "لا" لأى فعل غير عادى حتى ولو صدر من قريب أو صديق للأسرة.
5_ نعلمهم أن بعض من حولهم قد يكونوا أشخاصا سيئين ويجب أن يحرصوا على حماية أنفسهم منهم.
6_ نعلمهم أنه إذا طلب أحد منهم عدم ذكر معلومة أو حادثة معينة للأسرة فلا يستجيبوا له وعليهم أن يذكروا للوالدين أى معلومة أو أى سر بينهم وآخرين.
7_ نعلمهم أسماء أعضاء جسمهم حتى يستطيعوا أن يعبروا عن أى اعتداء قد يحدث على أجسامهم.
8_ نعلم الأطفال بأنه إذا تعرض أحدهم لمحاولة اعتداء، فهذا لا يعنى أنه إنسان سىء، أو أن يلوم نفسه على مثل هذا العدوان، وعليه فورا إبلاغ الأسرة، وألا يخاف مما قد يحدث نتيجة ذلك.
لماذا يخفى أحيانا الأطفال عن أسرهم ما تعرضوا له من اعتداء أو محاولة اعتداء جنسى؟
يجيب أستاذ الطب النفسى: الأطفال يعانون بشدة من العدوان الجنسى، وقد لا يستطيعون الإبلاغ عنه إذا حدث من أحد أفراد الأسرة أو الموثوق فيهم من الأهل والأصدقاء، وذلك لعدة أسباب:
ـ أعمارهم لا تسمح لهم بالتعبير عما حدث لهم.
ـ قد يتم تهديدهم حتى لا يحكوا ما تعرضوا له.
ـ يختلط عليهم الأمر أحيانا عندما يبدى المعتدى عليهم الكثير من المودة والاهتمام بهم.
ـ يعتقدون أن الأسرة لن تثق فيما يقولون، أو يشعرون بالخجل، ويعتقدون أن ما حدث لهم نوع من العقاب لأنهم أطفال غير مؤدبين، وأحيانا يخافون من حدوث مشكلة كبيرة لهم، ويعتقدون كذلك أنهم سيعرضون من يحبونهم للخطر وهذا بكل أسف يؤذيهم ويحمى المعتدين.
وأوضح أبو العزايم :إذا كان الأطفال لا يتكلمون فهذا غالبا يكون نتيجة تعرضهم لاعتداءات الجنسية ولكن هناك أعراض تستطيع من خلالها الأسرة معرفة أن طفلهم تعرض لاعتداء جنسى أم لا.
وتابع أستاذ الطب النفسى: عادة الاعتداء على الطفل يبدأ تدريجيا ويزداد معدله مع الوقت ونادرا ما يستخدم العنف مع الطفل، وغالبا ما يطلب المعتدى من الطفل طاعته وعدم مناقشة الأمر ولذلك يمارس الاعتداء عادة على أكثر الأطفال طاعة، ولا تظهر آثار جسدية لهذا العدوان إلا نادرا، ولكن يمكن اكتشاف العدوان من الشكوى من أعراض جسمانية غير مبررة، أو آلام بدون سبب فى الأماكن الجنسية والشرج، مع كثرة البكاء، والشعور بالخوف وعدم الرغبة فى رؤية اشخاص معينين وأماكن معينة، وحدوث اضطرابات فى النوم، وأحيانا شكوى من الصداع، إلى جانب الانسحاب بعيدا عن الأسرة والأصدقاء والأنشطة، والميل لإيذاء الذات، والعداونية والاندفاع، وفى بعض الأحيان قد يصل الأمر إلى حد ممارسة هؤلاء الأطفال الجنس مع أطفال آخرين بالقوة.
وعن كيفية تعامل الوالدين مع الطفل إذا أبلغهما بتعرضه لاعتداء جنسى يقول الدكتور أبو العزايم: عندما يلجأ الطفل إلينا ويخبرنا بتعرضه للاعتداء عليه فهذا معناه أنه يثق فينا ويطلب مساعدتنا، لذلك يجب ألا نخذله ونحافظ على هدوئنا وألا نشعره بأننا غاضبون منه، لأن الطفل حساس وسيشعر بأن الغضب الذى يعترينا موجه ضده ويجب أن نوجه له رسالة ايجابية مثل: أنا عارف إنك مكنتش تقدر تعمل حاجة.. أو أنا فخور بك لأنك حكيت لى على اللى حصل ثم نبين له أنه غير ملوم مع ما حدث، ومن الضرورى احترام الطفل، فلا يذكر الوالدان ما حدث له أمام الآخرين، ويحتفظا به كسر بينهما وبينه فقط .
وبشأن المعتدى يطالب أستاذ الطب النفسى الأسرة بأن تتخذ معه موقفا حازما وتبلغ السلطات عنه لمنع اعتدائه على أطفال آخرين، ولينال عقابه الرادع، وأن تجرى الأسرة فحصا طبيا على الطفل للتأكد من عدم وجود أضرار جسدية حدثت له، ولتكون أيضا قرينة مهمة عند الإبلاغ الرسمى، ولابد أن تستشير متخصصا ليساعدك على حسن التصرف، وهناك نقطة اخرى مهمة ينبهنا إليها د.أحمد وهى عدم الضغط على الطفل المعتدى عليه وهو يحكى ما حدث له لأن المعلومات التى تؤخذ بالقوة قد تؤذيه وعلينا أن نتركه يحكى ما حدث له بأسلوبه، ونستمع له بهدوء ودون مقاطعة.
وألقى الدكتور أحمد أبو العزايم بمسئولية حماية الأطفال من الاعتداء الجنسى على الكبار، ناصحا بأن نعلم أطفالنا كيفية حماية أنفسهم أولا من هذا الاعتداء ونزيد من إدراكهم وقدراتهم على مقاومته بشرط أن نفعل ذلك دون أن نخيفهم، وتحذيرنا لهم من الاعتداءات الجنسية ضمن تحذيراتنا لهم من الحريق، والصعق بالكهرباء، وغيرها من الأخطار الأخرى وحتى إذا كانت إرشاداتنا ليست كافية لحمايتهم، فيكفى أنهم سيكونون مستعدين لأن يخبرونا إذا ما حاول أحد الاعتداء عليهم أو فى حالة حدوثه بالفعل.
موضوعات متعلقة..
دراسة: هاتفك الذكى لن يساعدك فى حالات الاغتصاب والعنف المنزلى
إنشاء أول عيادة حكومية متخصصة بالطب الشرعى لـ"الاعتداء الجنسى والتحرش"