وتعد المرة الأولى التى يعرض فيها فيلم مصرى فى افتتاح مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، ففى كل الدورات السابقة كان الافتتاح يعرض فيه فيلم من دولة إفريقية غير مصر.
"نوارة" فيلم شديد الخصوصية لأنه يتناول أجواء الأيام الأولى للربيع العربى عندما كانت الأحلام كبيرة والمستقبل المشرق يبدو قاب قوسين أو أدنى من التحقق فى مصر أعقاب ثورة 25 يناير، عندما بدأ التغيير يلوح فى الأفق وبدأ الجميع رحلة البحث عما يتصورونه "حقوقهم"، وهنا تبدأ الدراما وتدور، والفيلم كما أكدت مخرجته لا يسعى لتبنى وجهة نظر سياسية، إنما يرصد حالات إنسانية خصوصا لهؤلاء البسطاء فى تفاعلهم مع بعضهم البعض أو فى العالم الأوسع، حيث انتصاراتهم الصغرى وانكساراتهم الكبرى وكيف دارت بهم الأيام.
ولو تأملنا الفيلم بوجهة نظر فلسفية سنجده ملحمة هادئة ترصد كيف وصلنا إلى كل هذا الضجيج فشخصية "نوارة" تلك الفتاة الخادمة الحالمة بالتغيير، والتغيير بالنسبة لها لا يعنى تبادل الأدوار مع السادة المخدومين، ولا يعنى حتى أن يفقدوا ما يمتلكونه من ثروة أو جاه، لكن التغيير من وجهة نظرها هو أن تعيش الحياة فى أدنى درجات الأمان والسلام الاجتماعى.
تنتمى "نوارة" إلى عالمها الصغير الذى تغادره يوما إلى عالم أكبر من أجل السعى والعمل، لكنها تبقى هناك بالروح والطموح وكل ما تتمناه أن تكتمل الأجزاء الناقصة فنوارة فتاة لديها أحلام عريضة فى امتلاك أبسط الاشياء وفى المقابل سنجد "أسامة بيه" مخدوم نوارة الذى صعد السلم الاجتماعى من أدنى الدرجات إلى أرفعها وهو يعلم جيدا من خلال رحلة الصعود هذه أن تغيير التركيبة الاجتماعية أمر مستحيل، فلا مكان فى عالم أسامة بيه لكلمات من نوعية "الظلم" و" العدل" و"الرحمة" و"التجبر" فأسامة بيه هو السد الذى يقف فى وجه أحلام "نوارة" دون أن تدرك ذلك.
الفيلم يكشف الفجوة الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية فى مصر وشخصياته جميعها من لحم ودم فتجدها أمامك كأنك تعرفها أو قابلتها من قبل مثل "على" زوج نوارة مع إيقاف التنفيذ و"شاهندة هانم الغزولى" زوجة أسامة بيه بنت الحسب والنسب والأصول و"توحة" جدة نوارة السيدة العجوز الباحثة عن نهاية لائقة لحياتها الفقيرة و"خديجة" ابنة أسامة بيه، وهى المعادل الموضوعى لنوارة، لكنه معادل صعب وهناك شخصية "عبد الله" الشاهد على الأحداث وهو صوت نوارة الذى توقف منذ زمن فهو الصوت الصامت أما "حسن" شقيق أسامة بيه الشرس الذى لا يرى العالم إلا من منظور القوة وأنه السيد والباقى عبيد، وأخيرا "إياد" ابن أسامة بيه وهو المحرض والمهندس لعملية خروج العائلة خروجا آمنا.
موضوعات متعلقة..
بالصور.. "الأقصر للسينما الإفريقية" يروج لفعالياته بكرة القدم
عدد الردود 0
بواسطة:
توحيده
نوارة