ومن جانبها أكدت الدكتورة نهال المغربل نائب وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح أن رؤية مصر 2030 تستهدف العمل على زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 6 مليارات دولار حاليا إلى 30 مليارا سنويا بحلول عام 2030، من أجل تحقيق الهدف العام للاستراتيجية وهو رفع معدلات النمو إلى 12% بما يضع الاقتصاد المصرى فى المركز 30 عالميا مقاسا بقيمة الناتج المحلى الإجمالى مقابل المركز 41 حاليا.
وقالت إن الاستراتيجية تم بنائها على عدد من الأسس منها نجاح الحكومة فى تخفيض معدلات النمو السكانى من 2.8% سنويا إلى 2.4% إلى جانب استقرار بيئة الاقتصاد الكلى من خلال تثبيت السياسة الضريبية الحالية فيما يخص ضريبة الدخل عند 22.5%، على سبيل المثال.
وأشارت إلى أن مصر طبقت بالفعل عددا من الإجراءات التى ساعدت على تحسن ترتيب مصر فى عدد من المؤشرات الدولية فمثلا قانون الخدمة المدنية قبل إلغاءه ساعد على تحسن ترتيبنا فى مؤشر التنمية البشرية من المركز 94 عالميا إلى المركز 88 حاليا، مشيرة إلى أن معظم اهداف الرؤية الاستراتيجية سواء الخاصة بتحسين تنافسية الاقتصاد المصرى أو جودة الحياة أو مكافحة الفساد تتطلب الاهتمام بتطوير إدارة السياسة المالية وإجراء إصلاح هيكلى بها.
وقالت المغربل إن الرؤية الاستراتيجية لمصر 2030 تتضمن العديد من المؤشرات التفصيلية التى ستستخدم لمتابعة مدى نجاح الدولة فى تحقيق اهداف الاستراتيجية فمثلا نستهدف خفض معدلات الفقر من نحو 26.3% حاليا إلى 15% فقط من السكان وهو ما يتطلب تطوير كبير فى منظومة الحماية الاجتماعية، أيضا تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى من 93% حاليا إلى 75% فقط مع تخفيض نسبة العجز الكلى بالموازنة العامة من 11.5% حاليا إلى 3% فقط، وذلك بحلول عام 2030.
كما أشادت بمبادرة المجلس الوطنى للتنافسية بتنظيم هذه الجلسات النقاشية فيما يتعلق بأولويات إصلاح إدارة المالية العامة، التى لها ارتباط كبير بمؤشرى ممارسة الأعمال وتنافسيتها، مشيرة إلى أن تحسين بيئة الأعمال، والتى بدأت بإصدار قانون الاستثمار الجديد ستستمر حتى 2020 حيث نستهدف اتخاذ المزيد من الإجراءات لزيادة تنافسية مناخ الاستثمار بمصر بصورة كبيرة.
وحول الاستحقاقات الدستورية الخاصة بزيادة الإنفاق العام على قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمى أوضحت المغربل أن وزارة التخطيط مهتمة بحسن توجيه هذه الزيادات نحو أحداث تحسن حقيقى فى مستويات تغطية هذه الخدمات لسد الفجوات الجغرافية والأهم العمل على رفع كفاءتها بصورة يشعر بها المواطن البسيط.
وكشفت عن اهتمام الاستراتيجية أيضا بزيادة الإنفاق على وزارة الثقافة لدعم جهودها فى زيادة القوة الناعمة لمصر، وأيضا تحقيق إيرادات عامة أكبر من القطاع، وزيادة نسبة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى.
وحول ما أثاره عضو مجلس النواب الدكتور كريم سالم حول ضرورة وجود وحدات لمتابعة وتقييم ما يتم تنفيذه من برامج ومشروعات عامة تنفيذا لرؤية مصر 2030، أشارت إلى الاتجاه لإنشاء وحدة فنية جديدة بوزارة التخطيط تكون المعنية بمتابعة التزام الجهات العامة المختلفة بتنفيذ برامج الرؤية الاستراتيجية وتضمنها فى الموازنة العامة للدولة بدءا بموازنة العام المالى الجديد 2016/2017 الجارى إعدادها وأيضا الخطة الاستثمارية للدولة.
ومن ناحيته أثار الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة مشكلة التزايد السكانى غير المسبوق لمصر حيث يولد كل عام نحو 2.8 مليون نسمة معظمهم فى أسر فقيرة غير قادرة على رعايتهم صحيا وتعليميا بالصورة التى تؤهلهم للارتقاء بأوضاعهم المعيشية، لافتا إلى أن هذا التحدى يفرض على الدولة العمل على تحقيق معدلات نمو لا تقل عن 7.5% سنويا حتى تواكب هذه الزيادة.
وقال إن التحدى الآخر أمام الدولة هو قنبلة البطالة المرتفعة وتدهور المدخرات المحلية، مما يحد من القدرة على زيادة الاستثمارات الكلية، التى يتراجع بالفعل حجمها كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى.
وتعليقا على هذه النقاط اشارت المغربل إلى وجود مستهدفات كمية بالاستراتيجية تسعى لخفض معدلات البطالة إلى معدل البطالة الطبيعى ليصبح فى حدود 4 إلى 5% بحلول عام 2030 مع زيادة مساهمة المرأة فى سوق العمل، ورفع معدلات الادخار المحلى لتوفير الموارد اللازمة لزيادة معدلات الاستثمار المنشودة بحلول عام 2030.
ومن ناحية أخرى أكدت أمينة غانم، المدير التنفيذى للمجلس الوطنى المصرى للتنافسية، أن حال الاقتصاد المصرى حاليا أفضل كثيرا من وضعه فى بداية التسعينيات حيث كان عجز الموازنة العامة يدور حول نسبة 25% من الناتج المحلى الإجمالى، كما كان الميزان التجارى يحقق نفس هذه النسبة عجزا تقريبا بجانب نسب مرتفعة لمعدلات التضخم والبطالة، لكن بفضل تبنى الحكومة فى ذلك الوقت لبرنامج للإصلاح الهيكلى تحسن الوضع الاقتصادى إلى درجة كبيرة حتى تراجع الاداء مرة اخرى بدءا من عام 2011، مشيرة إلى أن تجربة الإصلاح يمكن تكرارها مرة أخرى مع الحكومة الجديدة التى لن تبدأ من الصفر وإنما ستبنى على ما تحقق من نجاحات.
وقالت إن المجلس الوطنى للتنافسية مهتم بإصلاح إدارة المالية العامة نظرا لارتباطها بمؤشر تنافسية الاقتصاد المصرى المعتمد على عدة مؤشرات فرعية منها مؤشر الإدارة المالية الحكومية وهو ما يزيد من أهمية مبادرة المجلس لإصلاح إدارة المالية العامة التى تركز على نشر الوعى بالسياسات الاقتصادية والمالية الواجب اتباعها حيث أن الإدارة المالية الحكومية ذات مفهوم أوسع من إدارة وتنفيذ الموازنة العامة فهى تشمل جميع العمليات المالية الحكومية، كما يتبنى المجلس الوطنى للتنافسية إدارة حوار يجمع الجهات الحكومية المعنية ممثلة فى وزارتى المالية والتخطيط وأعضاء مجلس النواب والأكاديميين وممثلى الأحزاب والخبراء الدوليين والإعلاميين للخروج برؤية وأجندة عمل للإصلاحات الواجب تنفيذها وتبنيها من قبل الدولة والأهم بناء رأى عام داعم لهذه السياسات.
وأضافت أن مبادرة المجلس حول إصلاح السياسات المالية العامة تلقى دعم كبير من الأطراف المعنية بالمجتمع والحكومة أولها الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى ونائبه الدكتورة نهال المغربل، وأيضا من قبل كوادر وزارتى التخطيط والمالية وعدد من أعضاء مجلس النواب والأكاديميين ورموز الإعلام الذين شاركوا فى بعثة المجلس لبولندا للتعرف على تجربتها الناجحة فى التحول الاقتصادى، مشيرة إلى أن هدف حلقات النقاش التى ينظمها المجلس حتى غدا، تستهدف بناء راى عام داعم للإجراءات الواجب اتخاذها على صعيد الملف الاقتصادية خاصة ما يتعلق بإصلاح إدارة المالية العامة وفق التجارب الدولية الناجحة فى هذا المجال.
وقالت إنه بفضل انتخاب مجلس نواب سيناقش ويعتمد مشروع موازنة العام المالى الجديد 2016/2017 فان ترتيب مصر فى مؤشر الشفافية والإفصاح سيتقدم على الاقل 20 مركزا عالميا، وهو ما سينعكس بدوره على تحسن تصنيفنا بمؤشرات التنافسية الاقتصادية.
ومن جانبه أكد الدكتور خالد زكريا أمين أستاذ المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ومستشار أول مجلس التنافسية أن التقارير الدولية عن تقييم الإصلاحات التى نفذتها مصر على مدى الفترات الماضية أظهر أوجه ضعف تتمثل فى تشتت الإصلاحات وغياب الإطار المؤسسى الذى يحكم عملها وبالتالى استمرارها حيث اعتمدت على شخص المسئولين القائمين بالإصلاح، بجانب أن معظمها اعتمد فى تمويله على منح الجهات المانحة ليختفى بمجرد انتهاء المخصص المالى مع وجود معارضة من جانب الجهاز الإدارى، مشيرا إلى أن هذه العوامل بجانب الفهم الخاطئ للإصلاحات الواجب تنفيذها أدت إلى محدودية نجاح الإصلاحات التى طبقت بالفعل.
وقال إن آخر تقرير للبنك الدولى عن الشرق الأوسط أظهر نجاح دول المنطقة ومنها مصر فى تحسين تصنيف الموازنة العامة حيث أخذت مصر بعد عام 2005، بالتصنيف الدولى مما زاد من درجة شفافية برامج الموازنة العامة إلى جانب تطبيق اصلاحات فى الادارة الضريبية والجمركية.
وأضاف أنه بجانب هذا حققت دول المنطقة نجاحات محدودة فيما يخص تعزيز الرؤية الاقتصادية الكلية حيث تبنت مصر على سبيل المثال إنشاء وحدة للتحليل الاقتصادى الكلى بوزارة المالية من أجل الربط بين السياسات المالية وأولويات الإنفاق العام بالموازنة وهو ما يحتاج لمزيد من الجهد نظرا لاهتمام الوحدة أكثر بإصدار تقارير عن أداء الاقتصاد، أيضا وحدة الموازنة فيما يعرف بشمولية وعمومية الإيراد والإنفاق العام حيث طبقت مصر بالفعل نظام الخزانة الموحد الذى وضع الصناديق والحسابات الخاصة تحت متابعة وزارة المالية وإن كان الأمر يحتاج لدراسة معمقة حول أوضاع تلك الصناديق والحسابات الخاصة لتحديد مدى ضرورة بقائها منفصلة عن الموازنة العامة حيث يوجد ازدواج لأدوار بعضها مع الجهات الحكومية مثل صندوق التنمية المحلية يتضارب اختصاصه مع وزارة التنمية المحلية ايضا صندوق تطوير التعليم ووزارة التعليم.
وقال أن من الإصلاحات المهمة التى لا تزال غير مطبقة بمصر تبنى إطارا للإنفاق العام متوسط الأجل لعلاج سلبيات النظام الحالى للموازنة العامة المعتمد على البنود إلى جانب إصلاح نظم المشتريات الحكومية والإسراع فى استكمال مشروعات نظم المعلومات والميكنة لدورة العمل الحكومى، إلى جانب استحداث نظام للرقابة المالية الداخلية بجميع الجهات العامة.
وحول التحديات التى تواجه عمليات الإصلاح المالى أشار إلى إنها تتمثل فى غياب رؤية استراتيجية للإنفاق العام بسبب وجود العديد من الموازنات للقطاع الواحد فمثلا موازنة التعليم قبل الجامعى تضم الديوان العام لوزارة التربية والتعليم إلى جانب 27 موازنة لكل مديريات التربية والتعليم فى المحافظات المختلفة إلى جانب موازنات الهيئات الخدمية التابعة للوزارة مثل هيئة الابنية التعليمية وهيئة تعليم الكبار وهيئة جودة التعليم وكل هذه الجهات التى يزيد عددها على 31 جهة تتعامل كجهة منفصلة عن وزير التربية والتعليم، وهو الأمر الذى يتكرر مع العديد من الوزارات كالصحة والثقافة والآثار والسياحة.
وردا على هذه النقطة أكد الدكتور أشرف العربى عضو مجلس النواب ضرورة إجراء تعديل تشريعى يسمح لكل وزارة بالتعامل مع وزارة المالية عند وضع موازناتها كوحدة واحدة ثم تقسم مخصصاتها على الجهات التابعة لها.
وحول الجوانب الأخرى الواجب الاهتمام بتطويرها أثار الدكتور خالد زكريا، ملف الإدارة الضريبية حيث توجد دائما فجوة بين ربط الموازنة فيما يتعلق بالإيرادات المنتظر تحقيقها والمحقق فعليا فمثلا نسبة المحصل ضريبيا عام 2013/2014 إلى ربط الموازنة بلغ 73% وللإيرادات غير الضريبية بلغت النسبة 70% أى أن هناك موارد عامة بأكثر من 142 مليار جنيه لم تتحقق فى ذلك العام، منها إيرادات ضريبية بنحو 98 مليارا، وهو ما يرجع إلى أن النظم المتبعة فى الإدارة الضريبية تؤدى إلى سهولة التهرب الضريبى.
وردا على هذه النقطة أثار الدكتور مصطفى عبد القادر رئيس مصلحة الضرائب السابق ضرورة اعادة النظر فى منظومة إنابة العاملين بالضرائب، إلى جانب العمل على توسيع قاعدة الالتزام الضريبى.
واتفق معه فى هذه الرؤية الدكتور عبد المنعم مطر رئيس مصلحة الضرائب حيث أكد أن عدم تحقيق الربط المستهدف يرجع إلى عدة عوامل منها عدم امساك كثير من ممولى الضرائب لدفاتر منتظمة وعدم الالتزام بإصدار فواتير ضريبية مما يعوق عمل مأمورى الضرائب الذين يتعاملون مع المجتمع الضريبى دون معلومات كافية عن حقيقة النشاط، لافتا إلى أن المصلحة تعمل على علاج تلك المشكلة من خلال توقيع بروتوكولات تعاون مع العديد من الجهات العامة والخاصة لبناء قاعدة معلومات حقيقية عن النشاط الاقتصادي.
من ناحيته أشاد الدكتور نديم الحق الممثل المقيم السابق فى مصر لصندوق النقد الدولى بمبادرة المجلس الوطنى للتنافسية تنظيم ورش عمل لمناقشة إصلاح المالية العامة فهذا الملف أمر بالغ الأهمية ومطروح للنقاش ليس فى مصر فقط وإنما فى معظم دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التى لم تكن مستعدة لمواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وقال إن من أهم الإصلاحات التى يجب على مصر تبنيها فورا 3 ملفات، الأول تطوير طريقة إعداد الموازنة العامة المعتمدة على البنود إلى موازنة البرامج والأداء مع تبنى إطار للإنفاق العام متوسط الأجل لافتا إلى أن هذا الإطار كان موجودا بمصر من قبل فى صورة الخطط الخمسية التى كانت تتبناها الحكومات المصرية، أيضا لابد من العمل على تفعيل القوانين حيث أن مصر مثلها مثل نيجيريا وسيريلانكا لديهم أفضل القوانين التى تم إعدادها وفق الخبرات الدولية وتغطى جميع الجوانب والتحدى هو كيف نطبقها ونفعلها بالفعل.
وأضاف أن الملف الثالث خاص بالحوافز التى تقدمها الدولة لمجتمع الأعمال إلى جانب الاهتمام بشرح ضرورة الإصلاح والنتائج المنتظر تحقيقها والأهم الأثار الضارة فى حالة عدم التنفيذ أيضا لابد من التركيز على تكامل إجراءات الإصلاح وتحديد اولوياته بما يخدم قضايا التنمية، مع إشراك البرلمان فى عمليات الإصلاح والتعلم من الأخطاء.
موضوعات متعلقة:
-المجلس الوطنى للتنافسية يطالب بآلية لتحرير قطاعى السياحة لدفع النمو الاقتصادى
-الوطنى للتنافسية: إعداد أول دليل متخصص لنظم إدارة المالية العامة
-المجلس الوطنى للتنافسية ينظم مؤتمرا غدا عن تطورات السياسات المالية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة