تواجه مزارع الدواجن أزمة تهدد بتدمير الثروة الداجنة، بعد تزايد أعداد الفيروسات وتحورها بشكل ترتب عليه فقدان اللقاحات والعلاجات تأثيرها على الطيور، حتى اشتكى أصحاب المزارع من تحقيق خسائر كبيرة سنويا تصل إلى عشرات الآلاف من الأفراخ فى المزرعة الواحدة، نتيجة عدم تعاون مسؤولى الطب البيطرى معهم، فيما أكد المختصون أن قطاع تربية الدواجن فى حاجة إلى سن قوانين قادرة على تحويله من قطاع خاسر إلى ثروة.
وقال أحد مربى الدواجن بالدقهلية: منذ دخول إنفلونزا الطيور إلى مصر فى 2006 يتم استيراد التحصينات من الخارج، ومع تحور الفيروس أصبحت لا تحقق نتائج إيجابية معه، مشيرا إلى أنه منذ أسبوع فقط كان لديه 35 ألف طائر، تبقى منهم فقط 8 آلاف على قيد الحياة، بخسارة 27 ألف فرخة خلال 4 أيام فقط، بتكاليف تصل لأكثر من 400 ألف جنيه، مشيرا إلى أن تربية كل ألف كتكوت تكلفه 25 ألف جنيه.
فيما أكد مربى دواجن بالإسماعيلية، لـ«اليوم السابع، أن أسعار الدواجن أصبحت تخضع لرغبة السماسرة الكبار بعيدا عن أعين الدولة، فى ظل ضعف حركة العرض والطلب، مشيرا إلى أن بعض مزارع الأسماك تعرض الحصول على الدواجن النافقة لاستغلالها فى تغذية السمك.
من ناحيته، قال الدكتور محمد إمام أخصائى دواجن، لـ«اليوم السابع»: إن صناعة الدواجن ترتبط بأكثر من عامل هى: «الأمراض، والمدخلات والمخرجات»، موضحا أن المدخلات التى تضم المواد الخام والعلف، والمخرجات تتعلق بالكتكوت وأسعاره والأدوية، يعانيان من عشوائية وتخضعان لأهواء التجار، بجانب أن الرقابة على الأدوية لا تتعدى الـ1%، حتى إنه يتم تسجيلها بشكل مغاير لواقعها، بجانب تداول عدد آخر دون تسجيل أو تسعير، بالإضافة إلى سيطرة عدد محدود من الشركات على الأدوية، وجميعها استيراد بعيدا عن العمل المحلى، لافتا إلى أن جودة الأعلاف شبه منعدمة، حتى إنه فوق الـ90% منها مليئة بسموم فطرية.
وأضاف إمام: «قطاع الدواجن يعانى من العديد من الأمراض البكتيرية منها والفيروسية، وأخطرها الفيروسية لعدم وجود علاج لها، الإنفلونزا منذ دخولها فى 2006 كل عام يتحور، والعترات التى يتم استيرادها سنويا من الخارج، ويتم دفع مبالغ كبيرة عليها، أصبحت دون جدوى، وكل عام يتم إجراء بحوث ومعاهد الحيوان والهيئة، وفى النهاية يحصل معهد بحوث الحيوان على العترات، وتجرى بحوث فقط دون فائدة على أرض الواقع»، لافتا إلى أن الأمراض المنتشرة نتيجة لحرب بيولوجية تتعرض لها مصر لتدمير الثروة الداجنة بها.
وتابع: «مرض الـIB، ظهر من 2008 وتحور بشكل كبير، نسبة النافق بين الفراخ فى المزارع قد تصل إلى 100%، خاصة فى حال هجوم الـ«نيو كاسيل» مع الـ«أى بى»، رغم أن الـ«نيو كاسيل» من الأمراض التى لها تحصين اضطرارى للطوارئ لإغلاق المستقبلات للمرض، إلا أن الاستجابة لها الآن ضعيفة جدا، فالـ3 أمراض تسبب خسائر بالمليارات سنويا، خاصة أن المزارع تفتقد عناصر الأمن الحيوى، مما يساعد فى انتشار الأمراض، وأبرزها ألا تقل المساحة بين المزرعة والأخرى عن كيلو متر، هذا إلى جانب أن مديريات الطب البيطرى تخلو من الأطباء البيطريين الأكفاء.
من جانبه، قال الدكتور موسى سليمان مدير عام أمراض وأوبئة الدواجن بالإدارة المركزية للطب الوقائى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية: إن الأمراض الفيروسية لا يوجد لها أى علاج، ولكن هناك الوقاية التى تعد هى خط الدفاع الأول من تنفيذ إجراءات الأمان الحيوى، أهمها «أن تكون المزرعة تبعد بمسافة تتراوح ما بين 500 متر إلى كيلو متر من أقرب مزرعة لها، على عكس الواقع الذى لا يزيد فى أفضل الحالات عن 10 أمتار.
وأضاف: «فيروس نيو كاسل من الأمراض التى تنتقل عن طريق الهواء فى مسافات أبعد من 20 إلى 30 كيلو مترا، مما يعنى أنه قوى جدا، ويقاوم الرياح والأعاصير والأمطار ويسبب العدوى بين الطيور، ولدينا لقاحات فى الأسواق ضد الـ«نيو كاسيل» والـ«أى بى»، إلا أن هناك قواعد علمية تؤكد أن أفضل لقاحات هى إجراءات الأمان الحيوى، التى تفتقدها المزارع من الأساس، لذا نجد أن التحصين ضد الأمراض بدون إجراءات الأمان الحيوى بلا جدوى».
وتابع: «أغلب المزارع عشوائية ومبعثرة تم بناؤها بعد 25 يناير 2011، فى غفلة من أجهزة الرقابة، وبالتالى تلك المزارع لا تصلح للتربية، مؤكدا أن الهيئة ليست جهة تنفيذية لتتمكن من إغلاق المزارع المخالفة، ويقتصر دورها على المعاينة، والتأكد من وجود الأمن الحيوى ومنح التراخيص، بينما فى حالة وجود المخالفات، تتم مخاطبة المحافظين والوحدات المحلية بشأن تلك المزارع، لتقوم بإغلاقها، لافتا إلى أن الهيئة تخاطب بشكل دائم المحافظين، لافتا إلى وجود قرار وزارى رقم 1002 لسنة 2009، الذى نص على أن المحافظين موكلون بإغلاق المزارع غير المرخصة.
وأشار مدير عام أمراض وأوبئة الدواجن، إلى أن القرار لم يفعل أكثر من يومين، لأن هناك أكثر من 70% من المزارع غير مرخصة، وفى حال إغلاقها جميعا سيترتب عليها العديد من المشاكل وانهيار للصناعة وزيادة فى حجم البطالة وارتفاع فى أسعار الدواجن، لافتا إلى أن الحل ليس أبدا بالإغلاق، مضيفا: «فى فبراير الماضى، المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق أصدر قرارا رسميا على أن كل محافظ عليه إغلاق كل المزارع غير المرخصة فى نطاق محافظته، ورغم ذلك كل المحافظين لم يغلقوا مزرعة واحدة، ومن المستحيل حدوثه، لأنه مرتبط بوضع اقتصادى اجتماعى».
وتابع: «علينا اللجوء إلى الصناعة الموازية والتوجه إلى الظهير الصحراوى، الذى كانت وزارة الزراعة قد وعدت بأكثر من منطقة فى شرق وغرب بنى سويف، وشرق وغرب المنيا وأرض بالواحات بمساحة تصل إلى 186 ألف فدان، ولكنها تفتقد أى بنية تحتيه وغير مجهزة، والأمل الوحيد تجهيز تلك المساحة والبدء فى إنشاء صناعة موازية لتلك الصناعة، لأن وجود المزارع فى الدلتا قنابل موقوتة داخل الكتلة السكنية، وخطر يداهم البشر.
وقال: «عند نفوق الدواجن تلجأ بعض المزارع إلى بيع النافق منها إلى مزارع الأسماك، وبيع المصابة منها فى الأسواق، مما يترتب عليه انتشار العدوى، لا بد من تنفيذ القوانين بصرامة وجدية من الدولة، وكثيرا طالبنا بوجود إدارة شرطة للطب البيطرى تحمى الطبيب بالمجزر، وتنفذ كل التشريعات الخاصة به، خاصة أنه خط الدفاع الأول للإنسان ضد الأمراض، خاصة أن كل المزارع عبارة عن وضع يد على أرض للدولة أو بناء مخالف على أرض الدولة أيضا، وبالتالى لا يمكنها الحصول على تراخيص العمل أو ترخيص إقامة، وتفتقد أى إجراءات حيوية».
وأكد أن الهيئة لا يمكنها وقف الإنتاج، فى ظل وجود حلول مثل توحيد الإنتاج الخاص بالمزارع الموجودة بكل قرية، وتوحيد تاريخ الدخول والخروج، موضحا أن الطب البيطرى لا يحصل على أى غرامات، لكن المزارع تخشى اكتشاف الإنفلونزا بين طيورها، رغم أن الهيئة لا تلجأ إلى الإعدام إلا فى حالات اضطرارية، وفى حال تطبيقه، يحصل صاحب المزرعة على تعويض بنسبة 70% من سعر الفراخ فى يوم الإعدام، لكنهم يرفضون التعاون، وذلك لطول الوقت الذى تستغرقه إجراءات الحصول على التعويض.
فيروسا "نيو كاسيل" و"آى بى" يهددان دواجن مصر.. نفوق عشرات الآلاف بالمزارع.. وصاحب مزرعة: نفوق 27ألف فرخة بـ4 أيام بخسارة 400 ألف جنيه.. وآخر بالإسماعيلية: مزارع الأسماك تشترى النافق لاستغلاله بالتغذية
السبت، 26 مارس 2016 12:00 م
دواجن نافقة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة