الطب النفسى شخّص الكثير من أنواع الخوف والفوبيا التى يعانى منها الكثيرون، حتى توصلوا إلى أن كل منا بداخله «بعبع» يخافه، وأحيانا يكون وهما تافها، وشعور الخوف أمر طبيعى لا ضرر منه، إلا أنه مثل كل شىء فى الحياة، إذا زاد عن حدوده، انقلب على رأس صاحبه.
الخوف المرضى أو بالأحرى «الفوبيا»، هى حالة من الخوف الشديد المبالغ فيه، والذى ينتاب صاحبه نتيجة الرعب من شىء ما محدد بعينه، وتجتمع أعراض الفوبيا جميعا فى أعراض نفسية وعضوية، فالنفسية تتعلق بالشعور بالتوتر الرهيب، والخوف الشديد من هذا الشىء، مع الشعور باقتراب لحظة الموت وشعور بالنهاية المحتومة، وأن حياة الإنسان سوف تنتهى فى تلك اللحظة.
الأعراض المرضية يحددها الدكتور محمد رمضان، الأخصائى النفسى، فهى تتشابه بين أنواع الفوبيا المختلفة، ومنها ضيق النفس الشديد وصعوبة التنفس بشكل عام، إضافة للنهجان وتسارع ضربات القلب، مصحوب بالصداع الشديد والرغبة فى التقيؤ، والعرق الزائد، وحالة من العصبية والهياج الشديد، وقد يعانى المريض ألما بالصدر وحالة من آلام المعدة، وسخونة زائدة، هياجو شديدا، وحالة من الارتعاش.
للفوبيا أنواع عديدة، لا يمكن أبدا حصرها، وهى ليست خوفا عاديا بل حالة من الذعر المفرط، لها أعراض وتنتاب الشخص تجاه شىء بعينه، ولأسباب متعددة ومختلفة من شخص إلى آخر، لأنها ترتبط بطفولته، وبمدى تعرضه فى الماضى لموقف سيئ وغير جيد مع السبب المخيف وغيرها.
فوبيا الأدوار العالية والمرتفعات
أشهر أنواع الفوبيا، ويعانى منها نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يخافون بشكل مرضى عند النظر من الشرفات أو الأدوار العالية، أو المرتفعات والهضاب، وقد يشعر الشخص باقتراب الموت والنهجان والتشنج، والكثير من الأعراض السالفة الذكر.
وللعلاج لابد من اتباع نظرية مواجهة السبب المخيف، ولذا على المريض النظر من البلكونة أو الشرفة مرة على الأقل يوميا، وبالتدريج لكى يتخطى هذا الحاجز، عليه بالتفكير فى الأمور اللطيفة والجميلة التى قد يراها من الشرفة أو من فوق الهضبة، فقد يرى البحيرة أصغر، أو يرى الطيور أقرب، وكذلك التركيز على التخلص من الخوف بالنظر من «بير السلم» والصعود والهبوط الدائم عليه دون الحاجة للمصعد، مع ضرورة مساعدة مختص لإمكانية صرف بعض الأدوية للحالات المتقدمة.
فوبيا الحشرات والحيوانات
وهى فوبيا شائعة، وقد ترتبط بموقف حدث للشخص فى الصغر مع هذا النوع من الحشرات كالثعابين والزواحف والقطط على سبيل المثال، وظل هذا الخوف قابعا فى مخيلته، ليتضاعف الشعور والأعراض المرضية السابقة الذكر مع الكبر.
وعلاج هؤلاء يكون من داخلهم، بإطالة النظر إلى الصرصار المخيف، والتركيز على مدى ضعفه وأنه كائن لا يجب أن يخاف منه المريض، وعليه جمع معلومات كثيرة عن هذه الحشرة التى تزعجه ومعرفة قدراتها وسوف يكتشف أنها أضعف من النملة، وعليه أن ينظر فى الكتب المصورة والأفلام والمواد الفيلمية إلى الحشرة ويطيل النظر دون خوف، كذلك التركيز على فكرة أن الحيوان ضعيف والإنسان قوى، فالناموس يقرص دون أذى، والفأر يخاف ويرتعد من الأصوات وهكذا، كذلك عليه عدم الفرار فور رؤيته للحشرة، بل عليه مواجهتها كعدو ضعيف.
فوبيا الأماكن المغلقة.. وخاصة الأسانسير
الكثير من الأشخاص يخافون من الوجود فى الأسانسير، أو إغلاق باب حجرتهم، أو الجلوس وحدهم فى مكان مغلق، وهذا الاضطراب المرضى يأتيهم بسبب أحداث قديمة عانوا منها.
وللتغلب على هذا الخوف الشديد، عليك بمواجهته، حسب نصيحة الأخصائى النفسى، بداية من الجلوس منفردا وحدك فى غرفة مغلقة مرة يوميا على الأقل، لفترة لا تقل عن ربع الساعة، تطول تدريجيا كل يوم، لتتأمل الحجرة والحوائط، وفكر بإيجابية، ما أسوأ شىء يمكن أن يحدث، هل سوف تتهدم الحوائط على رأسى؟ بالطبع لا، واستبعد هذا الفكر السلبى، وركز فى جماليات الحجرة، واجلس فى مكان هادئ لمدة دقائق يوميا وحدك ومارس بعض تمارين التأمل والتنفس والاسترخاء، ويمكن أن تطلب من المقربين منك أن يرافقوك فى الغرفة المغلقة أو الأسانسير لمرة واحدة فى الأسبوع، أو أن ينتظروك خارجا لتشعر بالأمان، ولكن اعتمد على نفسك بعد ذلك.
فوبيا الزحام
والخوف من الزحام والاختلاط بالآخرين مشابه لنفس أعراض وعلامات أنواع الفوبيا السابقة، وعلاجها يكمن فى مواجهة الأمر حسب توضيح الدكتور محمد عادل الأخصائى النفسى، وبالانخراط بين مجموعة من الأحباب والأصدقاء، ويمكن أن يكون عددهم قليلا فى البداية، وعندما تضيق بالزحام، مارس تمارين التنفس وعند وجودك فى التجمعات، وفكر بإيجابية لماذا تخاف الآخرين، وفكر فيما يميزك عنهم، اجلس فى الأماكن المفتوحة مع المقربين منك، ليساعدوك على تخطى الأزمة، إياك والعزلة، والخوف من الناس، بل واجههم وانظر لنقاط ضعفهم ونقاط قوتك.
فوبيا الزواج
وهى فوبيا شهيرة، تصيب الرجال بشكل خاص، وحسب توضيح الأخصائى النفسى محمد عادل فهى ناتجة عن الأفكار المتكررة السلبية عن الزواج ومعاييره وطبيعته وخلافاته ومسؤولياته، أو بسبب المرور بعلاقة زواج فاشلة من قبل سواء لرجل أو امرأة، أو التربية بين أبوين غير متفاهمين، أو منفصلين، أو رؤية المريض لأكثر من حالة طلاق بعائلته، أو لخوفه من الحمل الثقيل بعد الزواج، أو لضعف الشخصية والتردد الشديد.
ويعانى العازف عن الزواج من حالة خوف ورعب من سيرة الزواج ذاته، يشعر بأنها نهايته، وأفكاره السلبية تتمحور حول التقييد، والفشل، والانهيار، وعلاج مثل هذه الحالة يكون نابعا من النفس، بمواجهة الخوف بالتركيز على الإيجابيات والنظر إلى نماذج الزواج الناجحة، وفكرة الاستقرار، والحب الدائم، والأسرة الكبيرة، والأمان وعدم الوحدة فى المستقبل، والأهداف المشتركة، والأطفال، وعليه أن يواجه نفسه ويحرص على هذا الزواج من الفشل، وحين يجد الشخص المناسب عليه الارتباط به سريعا، ومصارحته بطبيعته كى يتحمله جيدا ولا يمثل عنصر ضغط عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة