محمد مندور يكتب: المثقف وثوب الضحية

الثلاثاء، 08 مارس 2016 08:03 م
محمد مندور يكتب: المثقف وثوب الضحية محمد مندور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرة أخرى تطل علينا قضايا الحسبة وتقييد حرية الرأى والتعبير فينتفض شيوخ المثقفين بإدانات وبيانات الشجب.. ثم مؤتمرات وتوصيات.. وهمهمات ومطالبات.. لينفض مولد سيدى المبدع، ضحية أحكام الحبس.. ثم.. لا شىء. ليبقى الحال كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى بيانات التضامن ومصمصة الشفاه.

هذا ملخص السيناريو المتكرر لردود أفعال السادة المثقفين مع صدور كل حكم قضائى فى قضايا الحسبة التى لم تنته ولن تتوقف طالما هكذا يبدو رد الفعل ساكنا.. فاترا.. مسخا.. لا ينم لا عن ثقافة حقيقية بمعنى المواجهة ولا علم أو دراية بأصول لعبة القط والفأر فى دهاليز القانون.

مؤخرا سررت بدعوة المثقفين لمؤتمر الحماية القانونية لحرية الرأى والتعبير.. عنوان كبير لحضور حاشد من كبار المثقفين.. على مدار أكثر من 4 ساعات لم أجد سوى عبارات الهجوم على سياسة الدولة.. وعلى أحكام القضاء ضد المبدعين فى قضايا الحسبة.. ثم شد وجذب على تناوب الكلمات.. وأخيرا انفض المؤتمر ليصدر مجموعة توصيات حملت فى مجملها مطالبات للدولة بضرورة تطبيق مبادئ الدستور.. وكنت أنتظر قرارا بتشكيل لجنة لوضع مشروع قانون بتعديل المواد التى بموجبها يتم حبس المبدعين سواء مادة قانون ازدراء الأديان، أو مادة خدش الحياء العام.. وهى مواد مطاطة.. ليتم تعريف ما هية التهمة؟ وشروط من تنطبق عليه؟

الأزمة هنا فى أن المثقفين لا يعرفون كيف يديرون أزمة قضايا الحسبة رغم بساطتها.. وكأن بعض شيوخهم لا يريدون إلا أن يظل المبدع دائما فى ثوب الضحية.. ولا ينفض عن نفسه العدوان. وهى أزمة كبيرة.. أن تريد بإرادتك ألا تخرج من إطار "ضحية المجتمع".

التضامن مع ضحايا الحسبة أمر ضرورى لكن يتطلب خطوات حقيقية نحو سياسة الفعل.. لا رد الفعل.. بالتحرك بدلا من الشجب. فالمشكلة أننا أمام محتسب يمسك القانون بيده لردع من تسول له نفسه أن يغرد بغير ما يريد أن يسمع.. يوجه رصاصات قانون العقوبات لردع كل ذى صاحب فكر.. إننا أمام عقبات قانونية.. والقانون لا يواجه إلا بالقانون مثلما نردد أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر.

نحن فعلا أمام معضلات قانونية تستلزم التحرك بخطوات سريعة، والملجأ الرئيس لمنع تكرار ما يحدث هو السلطة التشريعية..من خلال التعاون مع رجال القانون لصياغة ووضع تعديلات للتشريعات القائمة. . لتحمى حرية الفكر والاجتهاد.

إنقاذ المبدعين يتطلب تحركا وليس كلاما.. ولنعتبر أن إصدار تشريع قانونى يحمى حرية الرأى والتعبير مشروعا قوميا للمثقفين وصناع الفنون والإبداع.

أخيرا.. كانت الشكوى الدائمة للثقافة والمثقفين بعدم تمثيلهم تحت قبة البرلمان.. لكن الآن صار لنا نصيب فى التعيينات الجديدة التى أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى، بوجود أسماء لامعة مثل الكاتب الكبير يوسف القعيد والكاتبة لميس جابر، بالإضافة إلى العضو المنتخب خالد يوسف، فقد أصبح لنا ذراعا قويا يعبر عن قضايا الثقافة والمثقفين.. بالإضافة إلى الأحزاب المدنية التى تدعم مبادئ حرية الرأى والإبداع والتفكير والاجتهاد والتجديد.. وهى القضايا التى يجب أن تشغل حيزا كبيرا فى أولويات ممثلى المثقفين تحت قبة مجلس النواب.

فهل ينتصر نوابنا لقضايا المثقفين، بسرعة التحرك فيها؟ وهل ينتصر المثقفون بالتحرك والفعل لا الإدانة والبكاء والاتشاح بثوب الضحية؟


موضوعات متعلقة..


محمد مندور يكتب: ثقافة "الشلة" ومفهوم الدولة









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة