صوت رقيق يجذبك وسط صخب ورشة إصلاح السيارات الضخمة، الزيوت تغطى المانيكير الأحمر الذى وضعته بعناية، ويختلط الشحم مع الماكياج الرقيق، مفاجأة أن تجد فتاة تعمل فى ورشة ميكانيكية، ولكن مفاجأة أكبر أن تكتشف أن تلك الفتاه تدير أو وفقا للغة المكان "الأسطى الكبير" للورشة المكونة من 16 عاملا جميعهم من الرجال، والتابعة لإحدى أهم شركات السيارات فى العالم.
زينب مبارك، فتاه نوبية فى العشرينات من عمرها ولكنها استطاعت أن تحقق حلمها وتلغى مقولة للذكور فقط التى طالما سمعتها، حتى أصبحت أول ميكانيكية مصرية، وأول مهندسة ميكانيكا تدير ورشة لأحد أكبر التوكيلات العالمية، وتحكى قصة كفاحها لـ"اليوم السابع": كان حلمى السفر حول العالم وأن أصل رسالة باسم مصر وقررت أكون برا الصف، واختارت دراسة هندسة طائرات، التى يدرسها فى الغالب الرجال فقط، ولكننى أصررت عليها وتقريبا عشرات فقط من البنات فى مصر يدرسونها، واعتبر أول نوبية تخوض هذا المجال.
وأضافت: بعد تخرجى من الجامعة قدمت فى جميع شركات الطيران فى مصر وفى كل مرة كنت أسمع مقولة "للذكور فقط وأنتى لا تصلحى"، ولكن لم أيأس وعافرت حتى قابلت وزير الطيران فى ذلك الوقت الذى كرر نفس الكلام، هذه مهنة للذكور وأنت امرأة ومن الممكن أن تتعرضى لظروف خاصة تمنعك من العمل مثل الزواج والإنجاب وإجازات الوضع ورغم عرضى عليه أن يختبر قدراتى فى العمل رفض كل المحاولات.
قررت أن أثور أنا والفتيات المقهورة فى البلد بسبب أنوثتها، التى كانت السبب فى حرمان البعض من تحقيق أحلامهن، وقمنا بمظاهرة أمام وزارة الطيران ولكن لم يسمعنا أحد وفى الأخير قرروا أن يختبرونا أولا ثم يحددوا إن كنا نصلح أم لا، وبالفعل خضت اختبارات لمدة سنة وفى كل مرة كنت أنجح بتفوق عن غيرى من الرجال ولكن فى الأخير لم ينجح سوى الذكور.
شعرت بحالة من اليأس وقررت العمل فى اى مجال آخر وبالفعل عملت كول سنتر فى إحدى شركات الاتصالات، ثم علمت أن إحدى شركات السيارات الكبرى فتحت باب التوظيف على الفور عاد إلى الشعور بالإصرار على الحلم وقدمت فيها.
وتابعت: عملت فى الزيت والشحم وفى الاستقبال ومرشدة سياحية للشركة كل حاجة او بمعنى أصح "اتمرمطت" لمدة سنة كاملة بدون مرتب حتى أصبحت الآن مهندسة أول ورشة ميكانيكية فى الشركة وذلك بعد اجتيازى اختبارات كثيرة وتأكدت الشركة من قدراتى وتحملى وأصبحت رئيسة على 16 رجلا من سن الـ29 إلى 53 سنة.
واستطرت حديثها قائلا: أتعرض لعنصرية من المجتمع بسبب اللون والحجاب كونى بنت أساسا فى كل مكان أذهب إليه، لكن بعد السعى وراء الحلم وتحقيقه أصبحت لا أسمع تلك المقولة التى كانت عائقا أمامى وهى "للذكور فقط" رغم أنى البنت الوحيدة فى كل مكان أذهب إليه بحكم عملى.
ونهت مبارك حديثها: حققت حلمى لكن لسه حلمى الأكبر أن أكون سيدة أعمال ومسئولة عن ماركة مشهورة فى السيارات أو الطائرات، وأفتح شركة خدمات طائرات لأنها غير متوفرة فى جميع المطارات وأن أكون فى كتب التاريخ وتتكلم عنى الأجيال المقبلة.
الشغل للجدعان.. زينب النوبية العشرينية.. أول "ميكانيكية" على رأس 16 عاملا فى ورشة لأكبر الشركات العالمية.. المهندسة لم تتخلَ عن أنوثتها.. وحلمها الأكبر أن تذكر فى كتب التاريخ
الثلاثاء، 19 أبريل 2016 03:11 م
زينب مبارك مع العاملين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة