من الرفض والتهديد بالحرمان الكنسى إلى الرغبة فى الزيارة وتسير آلاف الرحلات سنويًا فى موسم عيد القيامة من القاهرة إلى تل أبيب كل عام، تغيير ملحوظ فى قضية زيارة الأقباط للقدس التى منعتها الكنيسة الأرثوذكسية بموجب قرار المجمع المقدس عام 1980 والذى حظر الزيارة بسبب وقوع دير السلطان القبطى فى يد الرهبان الأحباش وتعنت الحكومة الإسرائيلية فى تسليمه للكنيسة المصرية صاحبة الحق فيه، إلا أن المتأمل فى قرار المجمع المقدس وهو أعلى هيئة كنسية فى الكنيسة الأرثوذكسية لابد وأن ينظر إلى العوامل المؤثرة على طبيعة القرار نفسه وتوقيته وما ارتبط به من ظرف سياسى وتاريخى وخلاف حاد بين البابا شنودة صاحب القرار والرئيس السادات صاحب قرار زيارة القدس والتطبيع مع إسرائيل فى إطار صراع استمر سنوات بين القطبين.
ومنع البابا شنودة شعب الكنيسة من زيارة القدس وهو القرار الذى حظى بقبول سياسى كبير لدى كل الرافضين لاتفاقية كامب ديفيد من تيارات سياسية، ثم سقط القرار تدريجيا بعد مقتل الرئيس السادات وبدأت الرحلات القبطية تسير للقدس، ثم سقط القرار تماما حين زار البابا تواضروس الثانى القدس نوفمبر الماضى لتأبين الأنبا ابراهام مطران القدس الراحل وهى الزيارة التى أثارت الكثير من الجدل وفتحت الباب أمام مراجعة قرار البابا شنودة نفسه رغم ما أظهره البابا تواضروس من محاولة لعدم كسر القرار فقال أن الزيارة لتأدية واجب العزاء وأعاد انتاج العبارة الشهيرة التى قالها سلفه "لن ندخل القدس إلا مع اخوتنا المسلمين"، ثم عاد البابا وصرح فى حوار صحفى أجراه مؤخرا بعكس ذلك فقال أنه لن يستطيع أن يمنع الأقباط حملة الجنسيات الأجنبية كذلك سيسمح لكبار السن بالزيارة أيضًا، مما يعنى أن قرار المنع أصبح مائعًا ولم يعد صارمًا كما كان من قبل.
المفكر القبطى كمال زاخر رأى أن قرار البابا شنودة بمنع زيارة الأقباط للقدس لم يكن قرارا دينيا بقدر ما كان محاولة للضغط على الحكومة الاسرائيلية لكى تحصل الكنيسة على أحقيتها فى دير السلطان، بالإضافة إلى أن القرار جاء فى وقت تصاعد المواجهة بين البابا والدولة وتم توظيف القرار فى هذا الصراع وهو ما سجله الإعلام فى الفترتين ما قبل الصدام، وما بعده.
واعتبر زاخر فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الصراع وقتها كان على أشده بين الصراع بين شخص البابا شنودة وشخص الرئيس السادات استغله البابا شنودة لكسب تأييد سياسى من القوى والتيارات الناصرية واليسارية، وهم أغلبية، وتم تسويق القرار باعتباره رفضا للتطبيع دون وجود أى بعد دينى أو نفسى يتقبله الأقباط.
ويرصد زاخر أيضًا ما اعتبره تسامحًا فى تطبيق القرار أيام عصر البابا شنودة التى تلت مقتل الرئيس السادات حيث سمح البابا للأقباط بزيارة القدس مقابل أن يكتب المسافر اعتذارا فى جريدة الأهرام يسامحه البابا بعدها، ثم زادت الرحلات إلى القدس فى السنوات الأخيرة فى عصر البابا وسقط القرار تماما برحيله دون أن يرتبط ذلك بزيارة البابا تواضروس الأخيرة للقدس بل بسقوط القرار شعبيا لدى جموع الأقباط الراغبين فى نيل البركة والحج.
كيف صار حج الأقباط إلى القدس أمرًا طبيعيًا والكنيسة تتمسك بقرار المقاطعة؟.. وفاة البابا شنودة صاحب القرار وزيارة تواضروس للقدس.. والتغيرات السياسية تساهم فى سقوط القرار شعبيا
الأربعاء، 20 أبريل 2016 02:03 ص
كنيسة القيامة فى بيت لحم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة