ذكرت التقارير العالمية أن أكثر من 660 ألف امرأة سريلانكية على سبيل المثال يعملن فى منازل خارج بلادهن، وأشارت التقارير إلى أن أصحاب العمل اعتادوا احتجاز جوازات سفر الخادمات واحتجازهن فى مكان العمل ورفض منحهن يوم راحة أسبوعيا وإجبارهن على العمل أحيانا لما يقارب العشرين ساعة والبعض منهم يمتنع عن دفع أجورهن لأشهر أو لسنوات، هذه إحدى صور الإتجار بالبشر كما تراه راميا محمد شاعر فى كتابها الذى يحمل الاسم نفسه والصادر عن منشورات الحلبى الحقوقية.
ترى "راميا" أن العصر الحديث كشف أن مجتمعاتنا نجحت بالفعل فى تجاوز ذاك النمط التقليدى فى استرقاق الأشخاص واستعبادهم فزالت الصورة القديمة، فيما بقى مضمون الفعل قائما بكل ما يتضمنه من صور الاستغلال والقسوة والاستعباد وامتهان الحياة وسائر الحقوق الإنسانية".
وترى المؤلفة أن ضحايا الاتجار فى هذا القرن يساقون بالطائرات ويقيدون بعقود عمل وهمية أو بوعود كاذبة وأحلام وأمنيات زائفة وبوثائق سفر مزورة بل ويسعون هم أحيانا ويرجون ويتوسطون تحت ضغط الفقر والحاجة كى يتم الاتجار بهم وبات عملهم الجديد يتخذ صورا مختلفة وأشكالا متعددة كالاستغلال الجنسى وأعمال السخرة المنزلية وسواها وبيع الأعضاء البشرية وأيضا بيع الأطفال أو استغلالهم لأغراض العمل أو الجنس.
والمعروف أن ضحية الاتجار فى صوره المختلفة يفقد حقه فى الحرية المطلقة أو الأجر المناسب أو الكرامة الشخصية، فيما ضحية الإتجار بالأعضاء البشرية وإضافة إلى كل ما سبق فإنه يفقد عنوة ولو بصيغة رضائية ظاهرية أحد أعضاء جسمه وهيا خسارة لا يستطيع أحد ردها إليه أو تعويضه عنها فضلا عن المخاطر الجسدية الكثيرة التى يتعرض لها سواء أثناء عملية الاقتطاع أو بفعل الآثار الجانبية المرافقة لها أو المترتبة عليها خاصة إذا لم تتوافر الضمانات الطبية اللازمة والرعاية الصحية المناسبة وهو ما يحدث فى عمليات بيع الأعضاء البشرية والاتجار بها.
ويطرح الكتاب عددا من الأسئلة منها، كيف يسقط ضحايا الاتجار بالبشر وتجارة الأعضاء البشرية، أين دور الحكومات والمنظمات الدولية والقانون، وما هو موقف الدول من هذه التجارة؟ ما هى أبرز أسباب انتشار هذه الجرائم وخطورتها؟
ويرى الكتاب أن هذه الجريمة تنتشر بكثرة نسبيا خلال فترة الأزمات وبخاصة الحروب وما ينجم عنها من كوارث بشرية وأزمات اقتصادية فهناك العديد من الدراسات تتحدث عن الاتجار بالأشخاص لغرض الاستغلال الجنسى نساء وأطفال وبخاصة وضع الفتيات العراقيات بعد الاحتلال ومسألة بيع النساء من قبل أزواجهن وكيف تتم الاتفاقيات والتسويات بشكل علنى، وليس وضع خادمات المنازل أفضل حالا فهناك استغلال وضرب ودعارة وانتحار.
ويؤكد الكتاب أن الإتجار بالأعضاء البشرية سوق كغيرها من أسواق البيع والشراء ولكن فى هذه البورصة من يشترى هو ضحية ومن يبيع هو ضحية، أما عن أبعاد هذه الظاهرة: فهناك أبعاد اقتصادية فهذا الموضوع يسبب اقتصاد خفى وزيادة البطالة وزيادة معدلات التضخم ويؤدى إلى تهرب ضريبى بنسبة كبيرة وهناك أيضا مشكلات أخلاقية وإنسانية ودينية، أما الأبعاد الأمنية فهى الأكثر خطورة، لأن هذه العصابات إذا كانت منظمة يمكن أن تمارس أنماطا أخرى من الجرائم، فالذى يمارس الإتجار بالأشخاص يمارس الإتجار بالأشخاص ويمارس تجارة المخدرات والأسلحة.
موضوعات متعلقة..
بالصور.. بريطانيا بتتكلم شكسبيرى بمناسبة 400 عام على رحيله
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة