حكاية جمال حمدان وكتاباته ودراساته كانت محل اهتمام الباحثين الذين نهلوا منها تارة متزودين بالجديد فى علم الجغرافيا وطبائع الشعوب، وتارة دارت حول أفكاره أطروحات علمية تنتقد وتحلل ما ورد فيها. وضع المؤرخ والجفرافى جمال حمدان مؤلفات فى جغرافية المدن كان أشهرها " شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان" ولم تكن العبقرية هنا فى مكان مصر وموقعها الاستراتيجى وما حباها الله به من نعم وخيرات وتاريخ عميق يضرب بجذوره آلاف السنين.. لكن العبقرية كانت فى كلمات حمدان وتحليله لشخصية مصر المكان والإنسان.
تأثير جمال حمدان على الرئيس عبد الفتاح السيسى كما يظهر فى خطاباته لم يأت من فراغ.. فالرجل رحل لكن بقيت أفكاره.. تاركا ميراثا عظيما بلغ نحو 29 كتابا و79 بحثا، لكن تبقى لنا كلماته التى لا يجب أن تقال هكذا كمأثورات فقط فهى نظريات عملية تفسر الظواهر التى تجرى كل يوم.. بل هى استراتيجية للتعامل مع أركان الحكم والإدارة والسياسة فى مصر.. فقد اهتمت كتابات جمال حمدان بالإنسان المصرى. . الذى طالما تحدث عنه الرئيس السيسى باهتمام بالغ.
الإنسان والمكان هما ما يشكلا أى حضارة فى التاريخ.. المكان هو الموقع الذى تحدث عنه جمال حمدان فى شخصية مصر.. والإنسان هو الذى منح هذا الموقع تميزه ليكون فى النهاية رائعة شخصية مصر وحضارتها.
قناة السويس التى تحدث عنها جمال حمدان بوصفها القلب النابض فى النظام العالمى كانت نبوءة فى أحد كتبه عندما تحدث عن ضرورة توسيعها.. ليحققها السيسى بعد سنوات من رحيله.. وفى افتتاح أسطورى لم ينس أن يخلد فيها نبوءة حمدان التى أصبحت واقعا.
لم ينس السيسى كلمات جمال حمدان وهو يتحدث أيضا عن سيناء بوصفها أطول سجل عسكرى معروف فى التاريخ.. فهى ليست مجرد صندوق من الرمال كما قد يتوهم البعض إنما هى صندوق من الذهب. . والسيسى يعى هذا حقيقة ولا يألوا جهدا فى توسيع خطوات تنمية وتعمير سيناء.
عندما تتحقق مأثورات جمال حمدان فى شخصية السيسى فإن شخصية مصر تحتاج أن تتبدل. . فالدولة التى تجرى فيها مشروعات كثيرة للتنمية تحتاج ثورة من نوع آخر تحدث عنها جمال حمدان عندما قال" إن ما تحتاجه مصر أساسا إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولا، وعلى نفسيتها ثانيا، أى تغيير جذرى فى العقلية والمُثل وأيديولوجية الحياة قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيرها. ..ثورة فى الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية. ..ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر".
هكذا وضع حمدان مستقبل مصر من خلال تغيير الشخصية المصرية بثورة على النفس.. فى تعظيم قيم العمل والوقت والأخلاق.. لتنشأ منظومة مكتملة تبنى كيان مصر.
موضوعات متعلقة..
محمد مندور يكتب: قرارات حكومية ضد تسويق السياحة الثقافية