وأكد مدير مؤسّسة الفكر العربىّ والتى يترأسها الأمير خالد الفيصل، أن جهود الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى تعزز الوصول إلى الهوية الجامعة وتحارب التطرف الفكرى، مشيرًا إلى العرب يعلقون آمالهم على مصر وقيادتها فى تحقيق وحدة الصف والتكامل العربى. وإلى نص الحوار..
فى ظل الأوضاع التى يعيشها العالم العربى، من أزمات سياسية وأمنية، فى رأيك كمثقف وناقد ومدير مؤسسة ثقافية كبرى، كيف ترى حاضر الثقافة؟
السؤال تصعب الإجابة عليه فى تعميم، لكن مما لاشك فيه أن العالم العربى يشهد نتاجًا ثقافيًا وحراكيًا مشجعًا فى مختلف المجالات والميادين، وواقع الثقافة بالعالم العربى أفضل إذا قيس بالواقع الاقتصادى والسياسى والاجتماعى، ويبدو لى ثمة زخم وتنويع فى المنتجات الثقافية من مسرح وأدب وشعر ورواية وفنون بصرية، إلى سائر العناصر التى يتكون منها الواقع الثقافى، كما توفرت وسائط نشر جديدة، كمواقع التواصل الاجتماعى، والشبكة العنكبوتية، وبصورة عامة هناك غزارة فى الانتاج الثقافى وابتكار وتجريب، وعناصر وعوامل مشجعة على الصعيد الثقافى، لكن يرافقه انحسار أو انكفاء لدور المثقفين، فثمة غزارة فى الانتاج الثقافى وحضور أقل للمثقف فى الفضاء العربى العام.
وما السبب وراء تراجع حضور المثقف؟
هناك أسباب موضوعية وأخرى ذاتية، ومما لا شك هناك ما يكمن تسميته خيبة أمل أو إحباط يبلغ حد اليأس من إمكانية إحداث التغيير والتطوير الذى يطمح إليه المثقف، كذلك الضائقة الاقتصادية التى تشد خناقها على كل من لا يريد أن يرهن فقلمه وصوته إلا لما يؤمن به لقيم ومواقف، وهناك عدم استقرار فبعض الدول تعيش جحيم الاقتتال والدمار والحروب العبثية، وهى ظروف لا تشجع، علما أن فى مثل هذه الظروف يطلب صوت المثقف أكثر. ولهذه الأسباب فإن مؤسسة الفكر العربى، فى هذا الواقع المضطرب والمتحول، تخصص عددها السنوى من إصدارها عن دور الثقافة ودور المثقفين فى ظل المتغيرات الحالية، وهل هناك من مسئولية تقع على عاتق المثقف؟.
إلى أى مدى تتفاءل بنجاح الثقافة والمثقف فى ظل الواقع المضطرب الراهن؟
يبدو لى أن دور الثقافة دور أساسى ومحورى ولا غنى عنه، ومما لاشك فيه أن هناك أوضاعًا أمنية وسياسية متراجعة، كما تنتشر التيارات الراديكالية، ويجب التصدى لها بوسائل قانوينة، لكن جذر المشكلة تتمثل فى صعيد التربية والمناهج والأساليب المتبعة فى التعليم، وسوء تفسير وسوء استخدام المعطيات الدينية، ولذلك التصدى لما تعانيه المجتمعات العربية لابد أن يكون على مختلف الصعد السياسية والأمنية والثقافية، بخاصة الأخيرة، فالجذر الرئيسى ثقافى. والواقع لابد أن يكون محفزًا على توظيف أكبر للثقافة فى التنمية.
أشرت فى قبل، ما إلى جهود مصر لمواجهة الإرهاب، إلى أى مدى ترى مصر فى الطريق الصحيح لمكافحة التطرف؟
لا أسمح لنفسى بالتدخل فى الشأن الداخلى، لكن من باب كونى مثقفًا يهمه شأن مصر نظرًا لأهميتها كأكبر بلد عربى ولدورها التاريخى، فإن الدور الذى تلعبه مصر عربيًا ليس أمرًا طارئًا فى مسار الدولة، فمصر كان لها الدور الفاعل على الصعيدين الثقافى والسياسى، وفى مقدمة الطليعة دومًا للم الشمل على المستوى العربى والدفاع عن قضايا التحرر والتنمية، كبلد تتعايش فيه مجموعات متنوعة ومتعددة وكانت مصر تقدم على الدوام النموذج على التعايش بالمعنى العميق وليس بالمعنى الشكلى، ولم تشهد فى تاريخيها انقسامات طائفية، وأظن أن ما حدث فى 25 يناير بميدان التحرير نموذج على انخراط الشعب لخدمة أهداف ومبادئ مشتركة.
أظن أن لمصر دورًا أساسيًا بسبب حجمها ودورها وتاريخها وتكوين الاجتماعى والأصالة والعراق، وهى مدعوة لمحاربة التطرف والفكر التكفيرى والإرهابى، وتعمل مصر بقيادتها على استتباب الأمن ومحاربة الفساد والحرص على الوحدة الوطنية وتعزيز الهوية الجامعة الحاضنة للتعدد، فمصر بلد الانفتاح والتسامح ويجب أن تبقى وفية لتاريخها ولدورها ولرسالتها. وأنا بحاجة إلى أن أطمئن لاستمرار مصر فى الوفاء لتاريخها.
تُطالب مصر بأداء دورها ماذا عن العرب؟
نشأنا وتربينا وعيينا دائما إلى مصر وعلى مصر، حريصون على نمائها ورفاهية شعبها واستقراره، من باب الود والتقدير لمصر، ومن باب المصلحة، فأنا كمواطن عربى، إذا كانت مصر بخير أشعر أن العالم العربى كله بخير، وفى ظل المنعطفات التاريخية المصيرية التى يشهدها العرب لابد أن تقوم مصر بالدور المطلوب، وهذا يعنى اعتراف وتقدير بدورها من جهة، ومن جهة ثانية يرتب على هذا التمنى مسئوليات تقع على مصر شعبًا وقيادة، وأرجو ألا تتخلى عنه فى لم الشمل. فالعالم العربى من مشرقه إلى مغربه يعلق على مصر وعلى قيادتها آمالا عريضة، فى توحيد الصف، وأننا أؤمن أن مصر وقيادتها لن تخيب الآمال.
ماذا يقول المثقف هنرى العويط للسيسى؟
أهم ما يعنينى أن يشعر المثقف المصرى بأنه شريك فاعل فى تحمل المسئولية الداخلية على صعيد البلاد وعلى الصعيد العربي، وأتمنى أن يكون هناك انفتاح واهتمام وتقدير ودعوة من قبل القيادة إلى إشراك المثقفين لتجاوز الأعباء الجسيمة التى تتحملها القيادة، على أساس احترام حرية الرأى والفكر. ولابد من التعويل على دور المثقف فى تحقيق التغيرات التى دعا إليها الشعب، وحملته على استدعاء الرئيس السيسي، وأتمنى أن تبقى القيادة أمينة للمثقفين ومنحازة للحريات الفكرية.
فى لقاء تلفزيونى صرح الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربى، بأن المؤسسة ترفع تقاريرها إلى أصحاب اتخاذ القرار، إلى أى مدى تلمسون استجابة المسئولين؟
ما قاله الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة هو النهج الذى تسير عليه المؤسسة وهى بطبيعتها أهلية وغير حكومية، ووظيفتها الدعوة إلى المفكرين وأصحاب الشأن إلى التفكير والتباحث والتداول بالموضوعات التى تعتبرها المؤسسة ذات أهمية، والخروج بهذه الاقتراحات وترفعها إلى أصحاب القرار، وهناك تمييز واضح فى دور المؤسسة الذى يقتصر على صياغة الاقتراحات.
أنا أسأل عن استجابة أصحاب القرار لهذه الاقتراحات؟
موضوع الاستجابة، هناك بطء لإحداث عملية التغيير، لكن لو عدنا إلى حفل افتتاح مؤتمر "التكامل العربى" فى ديسمبر الماضى والذى عقد بالقاهرة، فأنا كمراقب كنت سعيدًا بالاستماع إلى خطاب الرئيس السيسى، وكل ما ورد فيه حول قضية محورها "التكامل العربى" واعتبرتُ ووجدت تناغمًا وتجانسًا وتلاقيًا وائتلافًا بين وجهات النظر والاقتراحات المبدئية وخطاب الرئيس، ويعنى هذا أن السلطة تتبنى وجهات النظر للمفكرين العرب حول الدولة الجامعة والهويات الوطنية وتطوير آليات العمل فى جامعة الدول وتفعيل دورها وغير ذلك.. وخطاب القيادة المصرية يؤكد أن رسالة مؤسسة الفكر إلى القيادات وصلت على الصعيد النظرى على الأقل.
هل سيكون هناك متابعة لتنفيذ ما جاء بالقرار؟
هذا ما نرجوه، ولا نملك سوى التمنى، ويبدو لى أن موضوع التكامل كقضية مؤتمر المؤسسة وأنشطتها بالسنوات المقبلة، وبدأ يلقى صدى عمليًا وتنفيذيًا، رغم كل ما يعصف العالم العربى من انقسامات، فمثلا يعقد اتحاد المصارف العربية، المؤتمــر المصرفــى العربــى لعــام 2016، فى بيروت، وذلك بالتعاون مع مصرف لبنان، ومؤسسة الفكر العربى، وجمعية مصارف لبنان والاتحاد الدولى للمصرفيين العرب، تحت عنوان: "التكامل المصرفى العربى"، وهى خطوات تبدو متواضعة ولكنها مهمة، تؤدى إلى التغيير.
هنرى العويط ناقد بالأساس، أين موقع النقد من مؤسسة الفكر التى تديرها؟
مؤسسة الفكر العربى تقدم جوائز سنوية، ومنحت جائزة المؤسسة فى السنوات الماضية بمجال النقد الأدبى، وللنقد دور ليس فقط فى الإضاءة على الأعمال الإبداعية ولكن فى فتح آفاق أمام العمل الإبداعى وفى التحفيز على الابتكار والتجديد والتصدى لكل يمكن أن يكون من تدنى ثقافى وفكرى.
ومن خلال منبركم، أدعو المثقفين للمشاركة فى مسابقة المؤسسة، آملا أن يتزايد المقبلون بخاصة أننا نحتفل بالذكرى العاشرة لإطلاق الجائزة؛ حيث دأبت مؤسّسة الفكر العربى منذ انطلاقتها كمشروعٍ حضارى ومبادرةٍ تضامنيّة بين الفكر والمال للنهوض بالأمّة، على تعزيز الإبداع وتكثيفه، إيماناً منها بما للاكتشافات العلميّة المُبتكرة، والرؤى والأفكار الخلاّقة المجدّدة، والمبادرات الرائدة، من دورٍ فاعلٍ فى تنمية مجتمعاتنا وتطوّرها. وهى لهذا الغرض، وفى إطار سعيها لإعلاء قيمة الإبداع فى الوطن العربي، تحتضن سنويّاً برنامج جوائزها الذى يضمّ "جائزة الإبداع العربي" و"جائزة أهمّ كتاب عربى".
موضوعات متعلقة..
- مدير مؤسسة الفكر العربى: العرب عيونهم لمصر ويعلقون آمالهم على السيسي
- مدير مؤسسة الفكر العربى: جهود السيسى تعزز الهوية الجامعة وتحارب التطرف