أصعب إحساس يواجهه الإنسان، وقد يودى به إلى الهلاك، أن يعيش بين متناقضين أو أكثر، ويحاول بشتى الطرق أن يظهر متوافقًا ما كل وجه من الوجهين حتى يُرضى جميع الأطراف. ويعتقد أنه بهذه الطريقة يتسم بصفة "الدبلوماسية"، ولكن ليست دائمًا الدبلوماسية هى الطريق لبر الأمان، فأحيانًا تكون بداية التهلكة. فهناك مثل شعبى يقول: "بين حانة ومانة ضاعت لحانا"، وهذا المثل يرجع أصله إلى رواية عن رجل تزوج بامرأتين إحداهما اسمها "حانة" والثانية اسمها "مانة"، وكانت "حانة" صغيرة فى السن، وعمرها لا يتجاوز العشرين بخلاف "مانة" التى كان يزيد عمرها على الخمسين، والشيب لعب برأسها، وكان الرجل كلما دخل إلى حجرة "حانة" تنظر إلى لحيته، وتنزع منها كل شعرة بيضاء، وتقول: "يصعب على عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة، وأنت مازلت شابًا صغيرًا" فيذهب الرجل إلى حجرة "مانة" فتمسك لحيته هى الأخرى، وتنزع منها الشعر الأسود، وهى تقول: يكدرنى أن أرى شعرًا أسودًا بلحيتك، وأنت رجل كبير السن، جليل القدر". ودام حال الرجل على هذا المنوال، إلى أن نظر يومًا فى المرآة، فرأى لحيته بها نقصًا عظيمًا، فمسك بها بعنف، وقال: "بين حانة ومانة ضاعت لحانا".
وهذا المثل هو أكبر مثال على الخسارة التى قد تصيب الإنسان من جراء محاولته الاتسام بالدبلوماسية المفرطة، واستماتته فى إرضاء جميع الأطراف، فبالرغم من أن الدبلوماسية من أهم السمات التى لابد أن يتسم بها الإنسان الناجح، وهى أكبر دليل على ذكائه الاجتماعى، إلا أنها إذ لم يكن لها حدود وقواعد سوف تجعله فى حيرة، وربما تحوله إلى شخص منافق، أو لعبة فى أيدى الآخرين، مثل صاحب المثل الشهير السالف البيان.
لذا، لا تُشتتوا أحاسيسكم وتصرفاتكم فى أكثر من اتجاه لأنه من الصعب إرضاء الجميع، وإذا حدث سيكون ذلك على حساب أنفسنا، وما فائدة الحياة لو ربح الإنسان جميع البشر، ونظر فى المرآة واكتشف أنه لا يعرف نفسه، فهذه حقًا هى "الدبلوماسية المُدمرة".
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: الدبلوماسية المُدمرة
الخميس، 07 أبريل 2016 06:23 م
داليا مجدى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اوعي المقال ينسيكي جول بابا فكاس العالم 1490
ها
عدد الردود 0
بواسطة:
farouk
من اجمل المقالات التي قرأتها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الدميري
كلام جميل