دراسة: انتعاش اقتصاد الدول الفقيرة يرتبط بقدرتها على توظيف مواردها.. وخبير: مصر أمامها فرصة تاريخية لجذب الاستثمارات الهاربة من أسواق العالم.. ونحتاج لقوانين جديدة وسرعة إنجاز الإجراءات الإدارية

الخميس، 12 مايو 2016 06:21 م
دراسة: انتعاش اقتصاد الدول الفقيرة يرتبط بقدرتها على توظيف مواردها.. وخبير: مصر أمامها فرصة تاريخية لجذب الاستثمارات الهاربة من أسواق العالم.. ونحتاج لقوانين جديدة وسرعة إنجاز الإجراءات الإدارية محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كشفت دراسة أعدها مجلس دبى الاقتصادى عن العلاقة بين التجارة والتنافسية والمعرفة أنه مع التغيرات الهيكلية الحاصلة فى الاقتصاد العالمى فإن نموذج توظيف العمالة منخفضة المهارة بلغ أقصى طاقات عطائه، ولن يكون ملائما فى المستقبل خاصة فى إطار توجه الدولة للتحول إلى الاقتصاد المبنى على المعرفة، والذى يتطلب بالضرورة الاعتماد على منتجات كثيفة التقنية ورأس المال ما يستدعى قدرا عاليا من المهارات وفنون الإنتاج حتى تستطيع الوصول إلى الأسواق العالمية.

وأكدت الدراسة أن أساس النمو الاقتصادى المستدام يتمثل فى تنويع القاعدة الإنتاجية، إضافة إلى التوسع الحاصل فى الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية تدعمه سياسات ترمى إلى ترسيخ الابتكار وزيادة الإنتاجية، من شأنها تعزيز قدرة الاقتصاد المحلى على امتصاص الصدمات الداخلية والخارجية.

وذكرت أن هناك توافقا بين الاقتصاديين بأن رفع معدلات الرفاهة وإنعاش اقتصاد الدول الفقيرة إنما يعتمد – إلى حد كبير- على قدرة مؤسسات الأعمال على التوظيف الأمثل للموارد المتوافرة، مؤكدة أن من شأن الإنتاجية المستدامة أن تتيح بصورة دائمة ارتفاع الأجور وتراكم رأس المال المادي والبشري إضافة إلى الحفاظ على البيئة.

وأوضحت أن التنافسية الدولية عامل جوهرى للنجاح الاقتصادى ويتطلب ذلك - فى واقع الأمر - الوصول إلى مستويات الإنتاج الكفء والحصول على المعرفة المتعلقة بالمنتجات الجديدة والدخول إلى أسواق جديدة إلى جانب تطوير تقنيات جديدة وأكثر إنتاجية وتوفير الحوافز لرواد الأعمال للاستثمار من أجل تحقيق تراكم فى رأس المال المادى والبشرى.

وتشير الأدلة إلى أن المرحلة الأولى من التنمية الاقتصادية قد تبدو ميسورة فى معظم الاقتصادات الصغيرة والمنفتحة ونتيجة لتوظيفها لمواردها، إضافة إلى تكاملها المتزايد مع الاقتصاد العالمى فإن الاقتصادات الناشئة قادرة على جنى مزايا علاقاتها مع الاقتصادات المتقدمة خاصة فى قطاعى التجارة وأسواق المال، بيد أنه بمجرد وصول هذه الدول إلى مرحلة "الدخل المتوسط" فإن تحقيق مستويات إنتاجية عالية سيكون عملية صعبة المراس، وعلى الرغم من ذلك فإن ثمة دولا قليلة استطاعت أن تحافظ على درجة تنافسيتها، وأن تستمر فى النمو على أساس مستدام مثل كوريا الجنوبية.

ونوهت الدراسة إلى أن الدول قد تقع فى مصيدة "الدخل المتوسط" نتيجة لانخفاض نمو إنتاجيتها، وبالتالى فإنها ستكون غير قادرة حتى على منافسة الدول منخفضة الدخل ومنخفضة الأجر فى الصادرات الصناعية، فضلا عن منافسة الاقتصادات المتقدمة ذات الابتكارات عالية المهارات.

وبالتالى فإن مثل هذه الدول حسب الدراسة ستكون غير قادرة على إحداث التحولات اللازمة وفى الوقت المناسب من "النمو الموجه بالموارد" باستخدام عمالة منخفضة الكلفة إلى "النمو الموجه بالإنتاجية".
وطبقا للنظريات الاقتصادية فإن الصادرات التقليدية لن يكون بوسعها التوسع بصورة مستمرة مثلما كانت عليه فى المراحل المبكرة من التنمية، نظرا لأن فرص الأعمال ستتقلص بصورة مستمرة، كما أن الأجور ستتجه للارتفاع ما يعنى انخفاض التنافسية.

وتبعا لذلك رأت الدراسة أن نمو الصادرات يعتمد على تقديم عمليات جديدة واكتشاف أسواق جديدة، وليس مجرد التوسع فى المبيعات لمنتجات موجودة فى الأسواق، ولتحقيق ذلك فإن الابتكار وتمايز المنتجات لتلبية احتياجات الأسواق يعد بحد ذاته هدفا للدول متوسطة الدخل.

واقترحت الدراسة ولغرض عدم الوقوع فى مصيدة "الدخل المتوسط" من دون استراتيجية حيوية للنمو العالى فإن الدول- متوسطة الدخل- ينبغى عليها تطوير وتحديث مؤسساتها خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية وأسواق رأس المال ورأس مال مغامر ناجح والمنافسة إضافة إلى توافر العمالة ذات المهارات العالية.
وتسلط الدراسة الضوء على بعض التجارب العالمية الناجحة فى مجال تجنب الوقوع فى مصيدة الدول "متوسطة الدخل" ولعل فى مقدمة تلك التجارب دول شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية، التى استطاعت إدارة ثلاثة تحولات ناجحة فى مسيرتها الإنمائية والتحول من "التنويع" إلى "التخصص" فى الإنتاج والتحول من "التراكم المادى لعوامل الإنتاج" إلى "النمو الموجه بالإنتاجية" والتحول من "المركزية" إلى "اللامركزية" فى إدارة الاقتصاد.

وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار إنه فى ظل هذا التغير الواضح فى النماذج الاقتصادية على مستوى العالم فقد أصبح من الضرورى لمصر أن تقوم بتغيير مماثل فى خطتها الاقتصادية فى مجالات رئيسية، مثل تنمية المجتمع وجودة الحياة والتخطيط الحضرى ورأس المال البشرى وغيرها.

ويشير إلى أنه وفقا للدراسة فإن الحاجة تدعو إلى تحسين الإنتاجية فى الاقتصاد برمته، خاصة من حيث تحسين تراكم رأس المال البشرى وهى تسير بشكل حثيث فى هذا الاتجاه وتحديد دور السياسات الاقتصادية فى هذا المجال، وفى هذا الإطار فإن ثمة نوعين من المحددات، محددات الاقتصاد الكلى وأهما سعر الصرف، ورأت أن سعر الصرف من شأنه أن يؤثر على القدرة التنافسية للاقتصاد المحلى خاصة من حيث تأثيره على ربحية الأنشطة التصديرية مثلما هى الحال عند تغير سعر الصرف الحقيقى أو تأثيرها على تكاليف الإنتاج المحلى ومحددات الاقتصاد الجزئى مثل تكلفة رأس المال.

أما على صعيد الاقتصاد الجزئى فإن ثمة عوامل محددة للإنتاجية أهمها الاستراتيجية طويلة الأجل لادامة تكاليف الطاقة بمستويات أقل من المستوى العالمي، أما المسألة الأخرى فهى سهولة الوصول إلى العمالة منخفضة المهارات والكلفة معا والتى تساهم بالتبعية فى تدنى تكاليف العمالة وبالتالى ارتفاع القدرة التنافسية عالميا.

وأضاف عادل أننا الآن أمام فرصة تاريخية لاجتذاب استثمارات جديدة فى ظل استثمارات هاربة من أسواق عالمية وإقليمية وتقديم مصر لقاطرات نمو وتنمية حقيقية ومتنوعة متمثلة فى المشروعات القومية الكبرى إلا أن الأمر يستلزم الإسراع ليس فى تعديل قوانين فحسب أو فى فرض لوائح جديد بل فى سد ثغرات الفئران فى الاقتصاد المصرى فانتشارها يهدد سلامة البنيان المؤسسى من أعمدته وليس أسقفه فمشكلات إدارية ليست معقدة مثل استخراج ترخيص أو حسم منازعة أو توفيق أوضاع أو إتمام إجراءات تأسيس أو الإفراج عن بضائع أو ما هو غير ذلك من أمور من المفترض أنها اعتيادية، إلا أن عدم سرعة إنجازها وتركها لتتحول لمشكلات أشبه بالثقوب التى تسببها الفئران فى جدران السفن فتبطئها دون أن تغرقها .

كما أن الإصلاح الاقتصادى هو الركيزة الأهم لبناء الثقة كممر إلزامى مثالى لبلوغ الاستقرار الحقيقى وتعميم فوائده، وهذا ما نطمح إليه جميعا دولة وشعبا وأنظمة، والإصلاح بمفهومه الشامل على الصعيد الوطنى هو المسار الأمثل لإعادة صياغة خريطة طريق طموحة الرؤى والأهداف لمنظومة العمل على نحو يضمن التنمية المستدامة.

وأشار عادل إلى أن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الإيمان بأن معالجة المشكلات أصبحت ممكنة والرؤية للمستقبل أصبحت أكثر رسوخا وإرادة الإصلاح هى ما تدفعنا الآن للخروج من رحم هذه الأزمة الاقتصادية لذلك فإن انتهاء فترة التخبط الاقتصادى والتى يترقب الجميع الآن انتهائها ترتبط فى الأساس بقدرة الدولة على تحقيق نمو قادر على استغلال الشباب، ومن ثم تحقيق النموذج الأمثل للنمو، والعدالة الاجتماعية وهو مرتبط بقدرة الحكومة السياسية والاقتصادية، وقدرتها على اتخاذ القرار السليم للخروج من الأزمة.



موضوعات متعلقة:


- شبح فشل صفقة ساويرس لشراء "سى آى كابيتال" يهدد باستمرار خسائر البورصة.. حالة تشاؤم تسيطر على المستثمرين خوفا من تراجع أسهم "التجارى الدولى" و"بلتون"..ومحلل سياسى:الأوضاع تستدعى وجود أفكار خارج الصندوق











مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة