خمس سنوات كاملة مرت على الثورة السورية، وجميعنا يرى ما آل إليه الحال فى سوريا من خرابٍ ودمارٍ ودماءٍ تسيل وأرواحٍ تزهق، إلى جانب هجرة وتشرد الشعب السورى فى شتى بقاع الأرض.
خرجت الأوضاع من تحت السيطرة وضاعت سوريا بفعل عدة أطراف متنازعة ومتناحرة ومتصارعة، حيث أصبحت درة من درر الشرق ساحة مفتوحة لصراعاتٍ داخلية وإقليمية ودولية، الجيش السورى النظامى، والمعارضة المسلحة، وما يسمى بالجيش الحر، والجماعات التكفيرية المتطرفة المسلحة وتشمل تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش)، وجبهة النصرة، إلى جانب تدخلات مخابراتية وعسكرية دولية.
أى أن الثورة السورية خرجت من يد أصحابها الذين فشلوا فى التوحد تحت قيادة واحدة، وأتاحوا الفرصة بل استدعوا التنظيمات الإرهابية المتسترة بالإسلام، كما استنجدوا أيضاً بالغرب ضد نظام الأسد وهم لا يعلمون أنهم بذلك يسلمون سوريا لكل الطامعين وأصحاب الأهداف والمصالح والمطامع وهم كُثرُ.
وأصبح على الجيش السورى الذى تفكك بفعل انشقاق بعض قادته لتكوين كتائب تتلقى الدعم بالمال والسلاح من عدة جهات أن يواجه كل هذه الصراعات، وتدور دارة الاقتتال والحرب الأهلية والصراعات العالمية ليكون الشعب السورى هو الضحية الأولى والأخيرة.
وهنا نستنتج ما حدث من اختطاف للثورة السورية مع بداياتها ممن ادعوا نصرة الإسلام فسلحوها لتصبح ثورةً دموية.
فكانت تلك هى الضربة الأولى لعدة ضربات عمقت الخلافات بين السوريين فدمرت سوريا وأتت على الأخضر واليابس بها، وليس ببعيدٍ على ذاكرتنا مؤتمر سوريا الذى دارت وقائعه وأحداثه باستاد القاهرة فى حكم مرسى والأخوان المتأسلمين وأنصارهم وأتباعهم حين صاح وأتباعه لبيك سوريا، وتصريح المدعو صفوت حجازى أنه يتم إمداد الأخوة فى سوريا بالسلاح والمجاهدين.
وجميعهم ماهم إلا صناعة أمريكية صهيونية تركية قطرية، ما كان لنا فى مصر أن نتغلب عليها ونقهر أهدافها إلا بوقفةٍ عظيمة للجيش المصرى العظيم مع شعبه فى ثورةٍ من أعظم الثورات فى تاريخ مصر بل والدنيا كلها.
ونعود لنحلل المشهد الدموى التدميرى الذى تنبعث منه رائحة الموت فى سوريا والذى صنعته عدة أطراف فتم تحضير عدة عفاريت تمردت على صانعيها فخرج صرفها عن السيطرة وأصبحت سوريا فريسةً تنهش لحمها كل الأطراف فتفرقت دماء الشعب السورى بينهم فلا نعلم من قصف ومن ضرب ومن أوقع الضحايا أهو الجيش النظامى مدعوما بروسيا أم الجيش الحر أم جماعات الإسلام المتطرف أم القوات الدولية مدعومةً بأمريكا، المؤكد أنهم جميعاً دمروا سوريا لصالح أهدافهم.
والذى يجب أن يعلمه من لا يعلم فى قراءة المشهد السورى أن آخر الإحصائيات التى ترصد نسب سيطرة الأطراف المتنازعة هناك على الأرض السورية هى كالتالي:-
قوى الثورة السورية المسلحة١١,٧٤١./. القوات الكردية فى شمال سوريا١٤,٦١./.
الجيش السورى النظامي١٧,٤٧٦./. تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)٤٣,٦٣٦./.
أما بقية المساحة فمتنازع عليها بين طرفين أو أكثر.
ومن هنا نجد أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والذى صنعته أطراف إقليمية ودولية معروفة هو من نهش النهشة الكبرى وهو من يتحكم فى حقول الغاز والبترول والفوسفات ويهدى خيراتها لتركيا، وهو من يُعذَب على يديه وبقوانينه ودساتيره الدموية المتطرفة الشعب السورى المسكين الذى دفع من دمائه وأرواحه فاتورة لا تضاهيها أى من فواتير الخسة والخيانة والعمالة والتآمر التى يدفعها الطامعون والمغرضون كل يوم لتدمير سوريا كما دمرت ليبيا من قبل والتى ما إن سقط حاكمها معمر القذافى -وإن كان ديكتاتوراً -سقطت هى أيضاً فى أيدى نفس الأطراف المتنازعة التى زُرعت لإسقاط ليبيا فأصبحت ركام دولةٍ كان ينعم شعبها برغد العيش فأصبح يموت جوعاً وتشرداً
وهو يعانى تطرفاً من جماعات التأسلم تخطى الشعب الليبى ليصيب بعض من أبناء الشعب المصرى هناك حين هب الجيش المصرى العظيم لينتقم لهم بضربة جوية أزهلت العالم.
هذا ما آل إليه الوضع فى ليبيا بعد سقوط القذافى لوجود عدة أطراف متنازعة، وهو ما سيئول إليه وضع سوريا إن سقط بشار الأسد لنفس الأسباب.
وفى النهاية تقف مصر بجيشها وشعبها العظيمين شوكة فى حلق كل الطامعين وتبقى دائماً صوت العقل السياسى المحنك وقوة الردع التى يستهدفها العملاء فى الداخل والمغرضون فى الخارج، بعمليات إرهابية خسيسة وادعاءات وافتراءات مرتبة تبتغى النيل منها، ولكن تحيا مصر ويموت أعداؤها.
ولك الله يا شعب سوريا إنه على نصركم قدير ولكن-- (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم).
سوزان بدوى تكتب: قراءة تحليلية فى المسألة السورية
السبت، 14 مايو 2016 10:08 م
أحداث حلب - أرشيفية