يحرص آلاف الزوار على زيارة دير القديسة دميانة بالدقهلية، للاحتفال بعيد تكريسها، والتبرك بضريحها، ونيل البركة من المنطقة التى زارتها العذراء مريم، ووليدها المسيح عيسى، أثناء رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حتى وصل الأمر إلى مبيت مئات الزوار، فى ساحة البرارى للتبرك بالمنطقة التى خطت بها قدم العذراء مريم.
منطقة البرارى التى تبلغ مساحتها 30 فدانا ويقام فيها سوق كبيرة، لا تختلف فى شىء عن الأسواق التى توجد بالموالد الإسلامية، فيباع فيها العديد من المنتجات الخاصة بالاحتفالات مثل الحمص والسمسمية والحلوى وعرائس السكر والفولية، ومنتجات أخرى كالملابس والأيقونات المسيحية، وكذا بعض المأكولات والأطعمة الريفية كالجبن القديم والزبدة والسمن الفلاحى.
القديسة دميانة ابنة مرقس والى البرلس والزعفران ووادى السيسبان، والتى بدأت رحلة كفاحها بعد أن علمت أنه انصاع والدها إلى الملك دقلديانوس، فخرجت من عزلتها وأنكرت عليه ذلك، فعاد إلى الملك واعترف بالمسيح، فقام الملك بقتله، ثم أرسل إلى القديسة دميانة أميرا، وأمره أن يلاطفها أولا، وإن لم تطعه يقطع رأسها، فذهب إليها الأمير ومعه مائة جندى وآلات العذاب، ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها أنا رسول من قبل الملك دقلديانوس لتدخلى فى عبادة آلهته فأنكرت عليه ذلك، فعذبها حتى قتلها، ومنذ ذلك الحين، والقديسة دميانة هى إحدى أيقونات المسيحية، يتبرك بها العديد من الأقباط ويطلبون منها حوائجهم.
ويقول القمص ديسقورس شحاتة، وكيل مطرانية دمياط وكفر الشيخ، بدير القديسة دميانة لـ"اليوم السابع" إن مكانة القديسة دميانة، دفعت العديد من الأقباط والمسلمين للتوافد على الدير وتقديم النذور لها، وطلب الشفاء وقد سجلنا معجزة العام الماضى، حيث طلبت إحدى السيدات الشفاء من القديسة دميانة من مرض عظيم فى الدم اسمه هيموفيليا الدم لا علاج له وبالفعل تم شفاؤها.
ويضيف "ديسقورس" قصة إستشها القديسة دميانة قصة عظيمة لإنها كانت تدافع عن ديانة الإله الواحد، وقدمت روحها فداء للدين، وكانت ابنة والى المنطقة، وكان معها 40 فتاة من وجهاء الولاية، وتعذبت عذابات شديدة لمدة 8 سنوات وفى النهاية قطعت رقبتها للثبات على هذا المبدأ العظيم، وإحياء لتلك الذكرى الناس يأتون من كل مكان فى العالم للتبرك بقبرها وزيارة ديرها.
ويتابع وكيل المطرانية قائلا "ردا على ادعاءات من يقولون أنه لا موائمة ولا محبة بين المسلمين والمسيحين، الباعة 80% منهم مسلمون، ويأتى للقبر محجبات ومنتقبات يتبركن بالقبر ويقدمن لها طلبات الشفاعة والشفاء، وهذه علامة مميزة فى الشعب المصرى محبتهم للشهداء، وسعيهم خلف أصحاب المبادئ مثل القديسة دميانة، وهذا يعطيك انطباعا عن الشعب المصرى ومعدنه الأصيل، وهذا ليس من باب الشعارات، لا يستطيع أحد أن يفرق بين المسلمين والمسيحين فى سوق المولد، أو فى داخل ضريح القديسة دميانة، أو فى الكنيسة حتى وقت القداس، أو أثناء زفة الصليب.
دير القديسة دميانة، ببرارى بلقاس، والذى يتبع مطرانية دمياط كنسيا، ومحافظة الدقهلية إداريا، به بيت لخلوة الراهبات، ودار ضيافة، ومبنى لإدارة الدير ومكاتب القساوسة، ومبنى آخر لبيع مشغولات الدير، ومنتجات الراهبات، وبه ضريح القديسة دميانة داخل الكنيسة القديمة، والتى تكون محط أنظار المئات من الزوار للمبيت فيها خلال فترة الليل، بجوار الضريح، وعند الضريح يقوم عشرات الأفراد بكتابة رسائل وطلبات للقديسة دميانة، معها بعض الأموال كصدقات ونذور، يعتقدون من خلالها أن القديسة دميانة تساعدهم فى قضاء تلك الحوائج والطلبات.
وتقام احتفالات للأطفال بشكل دورى أمام باب الدير، حيث يقوم الأقباط بعمل حفلات تعميد أطفالهم حديثى الولادة أمام الدير، وينتظرون لتعميدهم موسم المولد، ويقوم أهل المولود بتوزيع الحلوى على المحتفلين، والذين يأتون من كل مكان فى الدير لحضور الاحتفال، وأيضا حضور المسلمين يكثر، حيث تحتفل عشرات الأسر المسلمة بختان أبنائها أمام الدير أيضا فى أيام المولد، وسط أجواء إحتفالية صاخبة.
على بعد أمتار من سوق الدير المقام احتفالا بعيد تكريس القديسة دميانة، يتجمع عشرات الشمامسة، والقساوسة والكهنة، انتظارا لوصول الأنبا بيشوى مطران دمياط، لبدء زفة الصليب المقدس، والتى يتسابق العشرات من المسيحين والمسلمين للتبرك بالصلبان والأيقونات المحمولة خلال تلك الزفة، حيث قام "بيشوى" بإشعال البخور إيذانا ببدء موكب الزفة، وطافت بجميع خيام الزوار، والمحال التجارية فى سوق الدير، لمباركتها والتضرع لرفع المعاناة عن شعب الكنيسة.
ويقول القس إبرام، هو احتفال دينى يقام فيه 4 قداسات وعظات، روحى كبير أكثر مما هو ترفيهى، الجانب الترفيهى موجود بشكل بسيط مثل الزيارات، والتهادى بين المسلمين والمسيحين، لكن العبادة من 6 صباحا حتى 2 الظهر، والقداسات مستمرة والرحلات تتوافد لنيل بركة القديسة دميانة، خاصة فى حضور أبونا بيشوى مطران دمياط، والجو الروحى يسود المكان، حتى بين إخوانا المسلمين الذين يحرصون على حضور القداس، والتبرك بالقبر، لذلك إحتفالات دير القديسة دميانة هى أكثر الإحتفالات روحانية، لما يسودها من روح محبة وألفة وترابط بين الناس.
ويضيف "إبرام" التآلف بين الناس والمحبة والزحام بسبب الزيارات المستمرة يعطيك انطباعا ممتازا، بالرغم من أن المسيحين ليسوا بالكثافة الكبيرة، لكن توافد إخواننا المسلمين، خاصة أثناء القداس، وحضور العظات التى يستفيد منها المسلم والمسيحى حيث تتكلم عن الأخلاق والمحبة والتوبة، وعدم فعل الخطايا، يزيد أعداد الحضور .
ووسط أجواء الاحتفالات والفرح، وطقوس المحبة بين فى ذكرى تكريس القديسة دميانة، يعكر صفو الاحتفال ارتفاع الأسعار بشكل واضح هذا العام، فسعر الحمص ارتفع حتى 35 جنيها للكيلو بعدما كان 28 جنيها فى العام الماضى، وأيضا أسعار الدقيق وارتفاعها أثر بشكل كبير على المخبوزات، التى تعتبر من أهم المنتجات فى مولد تكريس القديسة دميانة، حيث يأتى العديد من الزوار من المدن مثل المنصورة والقاهرة والإسكندرية، لتناول الفطائر والعسل والطحينة فى الحقول، المجاورة للدير، ويتم إعداد تلك "الفطير الفلاحى المشلتت" طازجة فى أفران بسوق المولد.
ووصل سعر الفطير للقطعة الواحة 60 جنيها بعدما كان 45 العام الماضى، ما أثر على حركة البيع والشراء فى موسم مولد تكريس القديسة دميانة، يقول وفائى جرجس عطية، من محافظة القاهرة "كنا نأتى سنويا لشراء الفطير وتناوله أنا والأسرة فى الحقل، وكنا نعيش أجواء ريفية جميلة، وأبناء قرية دميانة يمتازون بالكرم المفرط، ولكن هذا العام، لو أردنا تناول وجبة فطير ككل عام فمن الممكن أن نتكلف ما يزيد عن 200 جنيه، إذا شراء 2 كيلو لحم بلدى أولى وأهم.
ويقول محمد شهاب، بائع حمص، "ارتفاع سعر الحمص هذا العام، أدى إلى قلة الزبائن، كل عام كنت ببيع أكثر من 3 أطنان حمص فى المولد، هذا العام أنا لن أستطع بيع طن كامل، اليوم مضى 5 أيام منذ بداية المولد، ولم أبع نصف طن حتى، بالإضافة إلى أن الحلوى ارتفع سعرها أيضا والحر شديد هذا العام، ونخاف من فسادها فلم نقم بتصنيع كميات كبيرة من الحلوى، أعتقد أننا سنتكبد خسائر كبيرة أنا وباقى التجار فى نهاية الموسم.
موضوعات متعلقة..
اليوم.. الأقباط يختتمون مولد القديسة دميانة بالدقهلية بحضور الأنبا بيشوى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ابراهيم
السلام
الاحتغتل باعياد المسيحين
عدد الردود 0
بواسطة:
حكمت
................