ماذا تريد أن تعرف؟..
أتسأل عن الدماء التى صارت أرخص من الماء، أم تسأل عن الديار التى أصبحت كالأشباح؟
أم تسأل عن الأوطان التى بخلت على أبنائها بالأمن والأمان؟
أم تسأل عن الشعوب التى هجرت فهامت على وجهها لا تهتدى؟
فقال بكل حيرة واندهاش: أو أصبحت الدماء رخيصة والديار خاوية والأوطان مضطربة والشعوب مهجرة؟
فقلت: "بلى... سوريا تنزف دما منذ سنوات، وشلالات الدم مازالت تجرى، واليمن السعيد أصبح يمنا تعيسا، ترابه أحمر بدماء الأبرياء، وليبيا أصبحت تحزبات وفرق، وكل حزب لا يقبل إلا الدم شعارا... والسلاح عنوانا، والعراق وما أدراك ما العراق، قتل ودمار ودماء وتهجير وفتن تزيد ولا تغى".
فقاطعنى بضيق: "أين العقلاء والحكماء يا فيصل؟ فقلت: فى مؤخرة الصفوف لا وزن ولا قيمة لهم، لا يسمع لهم صوتا ولا يؤخذ عنهم رأيا!".
فسألنى مسرعا: وفلسطين أين ذهبت قضيتها؟ فقلت: " أى فلسطين؟ وكأن هذا الاسم قد مر على يوما، لا أتذكر يا عمى!!
فرد بضيق: " فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين، فلسطين مهد الأنبياء أرض المعراج، فلسطين التى سالت لأجلها دماء الشهداء؟" فقلت مقاطعا: "عمى اسمح لى وأعذرنى... فقد تاهت فلسطين بين ركام المآسى والواقع المرير حتى لم نعد نسمع عنها خبرا "!!.
فنظر إلى نظرة شك وقال: كيف فلان صديقى؟ فقلت: قتل ! فقال: ومزرعتى؟ فقلت: جرفت! وناسى؟ قلت: هجروا فى أرض الله الواسعة !!
فقال وهو ينهى الحوار:
" تراب القبر أفضل من واقعكم، والموت فيه عزة وكرامة، فلا أريد دنياكم التى أصبح القتل فيها نمط حياة، وظلم الآخرين واقع لا ينكر، لكم الله يا ولدى لكم الله يا ولدى".
فغادر إلى قبره وبقيت وحيدا... أفكر فى تلك الجراح التى أثقلت كاهل الأمة بفعل أيدينا، وسوء تدبيرنا، لسيطرة الأنا وحب الذات علينا، فأصبح الشر عنوانا والقلق واقعا ينشره من يريد الفتن لأوطان العرب !
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن
بكائيات علي الماضي . وتغنيات بمجد غابر تليد.