"قضيت 50 سنة بليلة مبتسما متباهيا"، مبتدئا كلامه لمحرر "اليوم السابع" عن صناعة البليلة والتى يعمل فيها منذ كان عمره 9 سنوات، فى بداية الستينات من القرن الماضى.
شوقى الفخرانى، صاحب سلسلة محال الفخرانى، بائع البليلة الأشهر فى محافظة الدقهلية، ذو 59 عاما، "اليوم السابع" التقت به ليخبرنا عن بداية مشواره فى صناعة البليلة فى ستينات القرن الماضى، حيث كان يملك "فاترينة صغيرة" يبيع فيها البليلة فى فصل الشتاء، فى مدينة أجا، بمحافظ الدقهلية، ويبيع العصائر فى فصل الصيف، ثم بدأ يتوسع فى صناعة البليلة حتى اشترى محلا صغيرا كان يقع بأول الشارع الذى يبيع فيه البليلة بفاترينته الصغيرة.
يقول "الفخرانى" أنا بدأت وأنا عندى 9 سنين أبيع بليلة فى الشتا، وعصائر فى الصيف، وبدأت أحب المهنة وأهتم بيها، وأعطيها كل شىء فأعطيتها أغلى ما لدى وهو عمرى، فأنا منذ 50 عاما، لا أعرف شيئا سوى البليلة ولا أجيد صنع شىء سوى البليلة، وكانت فاتحة الخير على، وكنت أبيع البليلة بـ 5 تعريفة، فى حينها فى أطباق ستانلس، ثم ظهرت الأطباق البلاستيكية، ثم صممت كأس زجاجية وقمت بتصنيعها خصيصا لتقديم البليلة فحب الصنعة طغى على قلبى وتملك حياتى".
ويضيف "الفخرانى" اشتريت المحل الصغير، الذى لازلت أعمل فيه بنفسى حتى الآن بعد سنوات طويلة من العمل على الفاترينة، وبدأت أتشرب الصنعة رويدا رويدا، فأصبحت ماهرا فى اختيار حبة القمح التى استخدمها فى صناعة البليلة، ثم اختيار الألبان والسمن المستخدم فى عملية التصنيع فى الزمن القديم كانت البليلة عبارة عن كمية لبن مع بعض حبات القمح، ولكن بعد طول خبرة أضفت وصنعت اختراعات مع البليلة، حتى أصبح طبق البليلة الذى أٌقدمه يوضع فيه 17 صنفا، ومع ذلك أنا أقدمه بسعر رخيص لأنى دائما ما أضع الزبون أما عينى، أكثر ما أهتم بالربح، ولذلك كرمنى الله برزق وفير حتى أصبحت ملك البليلة بتسمية زبائنى، وكل من أراد أن يعمل فى مجال البليلة يسمى نفسه الأجاوى نسبة إلى أجا بلدى والتى لن أخرج منها، وكما بدأت فيها مشوار عمرى، سأنهيه فيها.
فى محل لا تتجاوز مساحته 16 مترا، تصطف عشرات السيارات فى أحد الشوارع الرئيسة بمدينة أجا، يقف عم شوقى، مباشرا عمله بيده برغم أن مصانعه يعمل بها ما يزيد عن 100 عامل، ولكنه لازال يفضل العمل بيده، والوقوف على "حلة البليلة" وإعداد الطلبات للزبائن، يقول "ملك البليلة" كما يطلق عليه زبائنه، "أنا برغم العمر وعدد الناس اللى بتدخل المحل، أنا حافظ زبونى عايز منى إيه، عارف كل واحد سكره فى البليلة إيه، عارف بيحبها سادة ولا مكسرات، الزبون أول ما بيدخل بيلاقى طلبه نزل من غير ما يطلب، بتبقى أسعد حاجة عندى والزبون ماشى من عندى مبسوط إنه أكل بليلة، ممكن الزبون يبتسم فى وجهى ويقول لى كلمة شكر، تفوق ملايين الجنيهات، فى مفعول السعادة بداخلى، لذلك أنا دائما ما أهتم بزبائنى.
فريد شوقى الفخرانى، أحد أبناء ملك البليلة يقول، عرض على والدى أن يفتتح فروعا لمحل البليلة فى مناطق كثيرة كالقاهرة، والإسكندرية حتى خارج مصر فى لندن والخليج، ولكنه رفض من أجل أن يباشر عمله بيده، برغم عدد العمال والطباخين تحت إشرافنا إلا أن والدى يفضل العمل بيده، أرى فى عينيه سعادة لا توصف وهو واقف على "حلة البليلة" ويقوم بإعدادها للزبائن، ويحاور زبائنه كما يحاور أصدقائه.
ويقول سعيد الفخرانى، شقيق ملك البليلة، منذ صغرى وأنا أرى أخى الأكبر يعمل فى البليلة وصناعتها، قمنا بتشييد فرع ثانى ضخم على الطريق السريع، اهتممنا بكافة سبل الراحة والترفيه للزبائن ليس كدعاية، إنما من أجل البليلة، إنشاءات وعمال ومصانع وفروع، من أجل البليلة التى أفنى أخى الأصغر عمره فيها وفى صناعتها، وتعلمنا المهنة جميعا منه، وعلمنا العديد والعديد من أصحاب المحال التى تقدم البليلة حتى الآن ويسمون أنفسهم بالأجاوى نسبة إلى أجا بلدنا الأم، والتى قمنا بعمل نقله كبيرة فيها وفى صناعة البليلة من خلال محلنا الصغير القديم ثم فرعنا الكبير بقرية الديريس بطريق القاهرة.
وشهدت محلات الفخرانى، زيارات عديدة للمشاهير بمصر، منذ سنوات وحتى الآن، سيد مكاوى، وفرقة محمد رشدى، وأحمد شوبير المذيع الرياضى، والعالم أحمد زويل، وأيضا الدكتور مجدى يعقوب طبيب القلب الشهير، والدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى بالشرق الأوسط، وعدد من والسياسيين، وعدد من الفنانين والرياضيين.
يقول أحمد عبد الرؤوف، 45 سنة، موظف "أنا معتاد أن آتى أنا وأسرتى إلى هذا المكان فى الإجازات وأوقات العطلات، هنا المكان بشعر أنه عائلى، وأسعار البليلة فى متناول اليد، برغم إننا أحيانا بنغير ممكن ناكل أم على أو أرز بلبن أو جيلى، ولكن البليلة بتكون طبق أساسى بالنسبة لنا وبنكون سعداء جدا فى هذا المكان".
يقع الفرع الأحدث من سلسة محال الفخرانى، بقرية الديرس، بمركز أجا، بطريق المنصورة القاهرة، فقد لا تجد استراحة بها دورات مياه للنساء أو مسجد خلال 75 كيلو من مدينة أجا وحتى بنها، إلا فى هذا المكان، ويوجد بعض الاستراحات بالطريق، ولكنها لا تتمتع بذات المزايا من مستوى النظافة، ووفرة دورات المياه، ووجد مسجد كبير مكيف ليس مجرد زاوية صغيرة لأداء الصلاة.
فرع قرية الديرس، والذى أصبح محط أنظار "العرسان" فعادة ما ينتهى حفل الزفاف، بمدينة أجا أو بالمنصورة فى فرع الفخرانى الجديد، يقول شوقى الفخرانى ملك البليلة مازحا "حلة الإتفاق" بتبقى فى الفخرانى، العرسان بيدخلوا والمعازيم والزفة بيدخلوا علينا بمنظر جميل مهيب وبيبقى تجمع كبير أحيانا فى الليلة الواحدة أكثر من عروس، وأكون فى منتهى السعادة بذلك لإنها تكون ذكرى عالقة فى أذهانهم للأبد.
بالفيديو والصور.. عم شوقى الفخرانى "ملك البليلة" من فاترينة صغيرة لسلسلة محلات
الجمعة، 27 مايو 2016 05:00 ص
عم شوقى الفخرانى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة