محـمد شـوارب يكتب: كابوس الربيع العربى

الثلاثاء، 03 مايو 2016 04:00 م
محـمد شـوارب يكتب: كابوس الربيع العربى أحداث حلب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أستطع أن أرد رغبة جاشت فى نفسى بعد أن تدهورت العلاقات والأخلاق بين أفراد المجتمع الواحد فى عالم يبلغ فيه كل إنسان منتهى القوة التى لا يحدها حد إلا من إرادته، لكى تؤدى هذه الحالة فى التساوى بين الأخلاق وقوى الأفراد المطلقة إلى الخلاف والصراع، فالخلافات لا تنتهي، لكن التفاهم والتعاون والتوافق يؤدى إلى سلام دائم، كى يتحاب الفرقاء والمختلفين أبناء الوطن الواحد.

أتحدى من يقول: أن الربيع جاء لكى يخدم ويصلح من شأن بلادنا وأمتنا العربية، فإذا جاء من أجل ذلك، أين الإصلاح حتى الآن؟ فلقد بث الربيع العربى سمومه فى كل أركان البلاد العربية مخرباً لأركان الدول وسياستها وشعوبها، أصطحب الشرور والمساوئ والمفاسد والمظالم فى كل المجتمعات، فقد نهب واغتصب ونشر العلاقات السيئة بين أفراد المجتمع، بل الأمة بالنفوس التى تجيش بالحقد وتغلى بالتذمر والثورة وعاش الناس محطمين فى مهاوى اليأس، انتشرت الجريمة وازدهر العنف والاحتجاجات والمطالب الفئوية وكاد الناس يتعاملون إلا سباً وقذفاً ولا يتحادثون إلا صياحاً.

عندما تصل الأوضاع إلى حالة من الانسداد والانحباس يستحيل معها استمرارها واستقرارها، فهذا ينتج وعياً جماهيرياً حاداً للتغيير، والتطلع للكرامة، وشوقاً للحرية، لكن هذا التغيير جاء معقداً وغير محسوم ومساره كان مظلم، فلقد جاء هذا الربيع العربى مخرباً وليس هدفه الإصلاح، والدليل والرؤية واضحة أمام الأعين.. خرب البلدان مثل سوريا وتونس والعراق واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية، لقد عرقل كل أساليب الإصلاح والتنمية، وها نحن نعانى جميعاً من إعادة البناء والتشييد والإصلاح فى كل مؤسسات الدولة.

لقد شجع الربيع العربى على الانفصام والانفصال بين الدولة والمجتمع... نعم لقد عبر المجتمع عن نبله ورقيه وكرامته، بل اندس فيها هذا الثائر الربيع العربى المخرب لنفسه ومن طاقاته المتفجرة فى موقف حاشد وموحد ومتألق، إنسانيا ووجدانيا وحضاريا، لكنه عكس كل هذه الظواهر بعد ذلك إلى لحظات انتقالية وما يتبعها من إعادة بناء الدولة. فأصبح هناك صراع حاد بين قوى المجتمع الواحد بعد ارتداء كل تيار وجماعة عباءته الحزبية والإيديولوجية، مما أنعش القيم السلبية فى المجتمع، بل أعاده إلى نقطة الصفر، بحيث انتشرت الإشاعات المغرضة والفوضى والتخريب والترهيب والإرهاب والاحتجاجات وشاع الكذب السياسى والفتنة وانتعش منطق تبادل التهم ومصادرة الاستقطاب والاختناق والفوضى واللجوء إلى لغة التخوين والتخويف والإرهاب والتخريب... هذا هو ناتج الربيع العربى الذى أتى ليخرب ولم يصلح حتى الآن.

للأسف الشديد جاء هذا الربيع مصحوباً برؤية ضبابية، واعوجاجا فى كل أركان الدول مفككاً كل النظم والأنظمة ليس للإصلاح مستخدماً آفة الاستبداد والذى أصبح غولاً لاستحواذ على كل مقدرات الأمة ومؤسساتها واحتكر كل فعاليات المجتمع المدنى باستخدام أدوات التسلط السياسى والعنف وتوظيف الطاقات والرموز والتعبيرات لخدمة النسق الاستبدادى، وقتل الزعماء العرب وعزل بعضهم.. نعم كان يوجد فساد ومازال، لكن لا يصل الحد إلى هذه النتيجة. خراب وبطالة وفقر وتهدم أبنية بدلاً من أن تتصاعد، وتشريد العائلات والأطفال والنساء والشيوخ، فماذا قدم لنا هذا الربيع من إصلاحات داخل المجتمعات؟

بلا شك لقد تبنت بعض الدول (وهى معروفة) هذا الربيع المخرب صاحب الأعطاب، لكى يقسم الدول ويهدم الأنظمة، ونشر النزاع والصدام بين أفراد المجتمع الواحد. فك الارتباط بين واقع الأنظمة السياسية وهدم الأخلاق، وللأسف لقد انصاعت بعض الجماعات والأفراد إلى هذه الدول فخربت، ولكن انكشف أمرهم الآن وجاء رؤوساء يعرفون ويقدرون مطالب الشعوب ويسيرون على الطريق الصحيح الآن على أمل النهوض بالوطن والأوطان واستعادة نهضة الأمة من أجل إنجاز حضارى واعد ورائد.

ليتنا نغوص فى المساواة التى لا تقف عند حد إحلال السلام محل الخصام، بل نذهب بعيداً إلى ما وراء ذلك، نذهب إلى التعاون والتوافق والترابط بيننا بصورة تحقق نموذجية فى الإنسان الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة