بدا واضحا خلال السنوات الأخيرة أن المدارس الحكومية فى مصر تتشدد فى ضبط الطلبة فى أمور فى غاية التفاهة كالتأخر لبضع دقائق عن دخول الطابور أو الحصة أو التأخر بعد الفسحة فى حين تتهاون فى أمور أخطر من كل ذلك كثيرا.
ورغم توافر اللائحة الخاصة بالانضباط المدرسى والمحددة للمخالفات التى يرتكبها الطلبة أثناء اليوم الدراسى إضافة إلى كيفية التعامل معها من قبل الإدارات بالمدارس، ورغم وجود مساحة مرنة تتركها اللائحة لتقدير العقاب الذى تتخذه الإدارة فى كل حالة على حدة لكن المهم هو فهم وتطبيق روح هذه اللائح والالتزام الجاد بمبادئ التربية من قبل المدرسين والمؤسسة التعليمية.
على الإدارات والمدرسين أن يعوا جيدا بأن أبناءنا أمانة لديهم يجب المحفاظة عليها وأن هؤلاء الأبناء هم مستقبل هذا الوطن وأن مهام المعلم ليست قاصرة على مجرد شرح المواد المدرسية بصورة آلية ومكررة وتصحيح الكراسات ووضع العلامات، وإنما هى مهنة أكثر تعقيدا من ذلك بكثير فهى رسالة فالمعلمون ورثة الأنبياء وضمير حى لا يقبل بمفهوم سأعمل بقدر ما أحصل عليه من راتب بمعنى اليوم قبضنى تجدنى.
للأسف الشديد اليوم غاب المربون وبقى الأساتذة وأصبح تقويم السلوك الخاطئ للطلاب هو من مهمة الأخصائى الاجتماعى وإن وجد.
فى الماضى وحتى وقت قريب كان للمعلم تقدير خاص وكان الطلبة يخافونه ويحترمونه أكثر من خوفهم من آبائهم فما الذى سبب التغيير وأصبحت العلاقة بين الطالب ولمعلم متردية للغاية؟
إحدى الأمهات حدثتنى عن تعرض ابنها فى إحدى مدارسنا الحكومية للضرب من قبل مجموعة من زملائه بالفصل الدراسى (شلة لا تقل عن 7 أشخاص) وذلك فى أثناء الانصراف من المدرسة وعلى باب المدرسة وقد تعرض ليس فقط للضرب المبرح وإنما هى أيضا تعرضت للاعتداء من قبل الطلبة، وعندما شاهدت المدرسين فى خروجهم من باب المدرسة (وكانوا فى حينها ما لا يقل عن خمسة مدرسين) استغاثت بهم، لكن للأسف فقد انتهى اليوم الدراسى والمدرسون كانوا قد انتهوا لتوهم من عملهم المفروض عليهم فما كان منهم إلا الاستهزاء بالأم المرعوبة الخائفة وطلبوا منها التوجه لأقرب مركز الشرطة لتقديم بلاغ عن الحادثة تاركين الأم وابنها لسيل من الشتائم والحجارة التى كانت تأتيهم من أفراد العصابة.
بوجود مدرسين بهذا الوضع أصبح أبناؤنا معرضين للاعتداء من قبل عصابات الطلبة وخاصة فى التعليم الفنى الصناعى والتجارى ولنا فى قضية الطالبة منى محمود التى تعرضت للضرب المبرح مؤخرا فى إحدى المدارس الثانوية التجارية من قبل زميلاتها خير دليل على ذلك.
وبوجود مدرسين بهذا الوضع أصبحت المدارس بالتعليم الفنى الصناعى والتجارى بخاصة تحكم من قبل العصابات والشلل، وأصبح على كل طالب وطالبة أن ينضم إلى شلة معينة لتدافع عنه وتحميه وإلا أصبح عرضة للاعتداء من قبل عصابة ما، فما الذى تقوله إذا اللائحة الخاصة بالانضباط المدرسى فى ذلك؟ وهل هناك فى الحقيقة لائحة تطبق؟
محمد أبو الفضل يكتب: غاب المربى وبقى المدرس فتاهت الأجيال
الأربعاء، 04 مايو 2016 06:00 م
مدرسة - أرشيفية