رواية "باب رزق" لـ"عمار على حسن": أنقذوا المهمشين من قبضة الإرهاب

الأحد، 08 مايو 2016 08:04 م
رواية "باب رزق" لـ"عمار على حسن": أنقذوا المهمشين من قبضة الإرهاب غلاف الرواية
كتب أحمد جودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رواية "باب رزق" لعمار على حسن الصادرة عن دار نهضة مصر تنطوى على جزء من تاريخ المهمشين فى مصر المعاصرة، وتبين فى سرد متواصل جانبا من حياتهم المترعة بالشقاء فى نحو مائتين وخمسين صفحة من القطع المتوسط.

فى هذه الرواية يخوض عمار تجربة مختلفة، إذ ان هذه الرواية تختلف عن روايتيه الأخيرتين "شجرة العابد" و"جبل الطير" اللتين حاول بهما أن يسهم فى تعزيز مسار الواقعية السحرية العربية، والتى لم تخل منها أيضا روايته "السلفى” رغم أن فكرتها تنبت من الواقع المعيش.

تنتمى "باب رزق" إلى ما يمكن تسميها "الواقعية الفجة"، حيث تدور وقائعها فى حى عشوائى بالقاهرة يسمى "تل العقارب" وأبطالها يتحدثون ويتصرفون من واقع هذه البيئة الاجتماعية الصعبة، والتى يصورها الكاتب صانعا منها أجواء كابوسية لافتة، تبدو وكأنها صورة بارحة وجارحة على وضع اجتماعى وإنسانى غارق فى البؤس واليأس معا.

فى "باب رزق" يتحايل شباب هذا الحى العشوائى على التقاط أرزاقهم بطرق غريبة، وأعمال هامشية، ويحركهم كعرائس الماريونيت عجوز قعيد، كان محاربا سابقا، له فى المكر باع طويل، وسط هذا البؤس تولد قصة حب ناقصة، وصراع دامى ضد البلطجية وسارقى القوت والفاسدين فى جهاز الشرطة والمتطرفين دينيا، لكن كل هذا لا يبدد آمالا عريضة بالخروج من الأزقة الغارقة فى العوز إلى براح عالم زاخر بالنعمة والراحة، لكن هذا الأمل يتبدد بمرور الوقت.

فى منتصف الطريق تتوالى المفاجآت لتحدد مصائر بشر متعبين، وتوزعهم على مصائر لا تخطر على بالهم، وأولهم بطل الرواية الذى جاء من صعيد مصر معتقدا أن بوسعه أن يغير حاله وأحوال من معه إلى الأفضل، لكنه يقع فى الفخ، ويكتشف أن قدراته أوهن من أن تمكنه من أن يحقق هذا الحلم المستحيل.

ويتصارع أبطال الرواية بقسوة على لقمة العيش، بلا أمل فى مستقبل أفضل أو تأمين لمصدر رزق كريم، ويظهر فيها أطفال الشوارع الذين يستباحون إلى حد استغلالهم جنسيا تحت وطأة الخوف.

تدق الرواية ناقوس خطر محذرة من خطورة هذه الفئات المهمشة التى من الضرورى الاهتمام بها وإدماجها فى المجتمع بشكل إنسانى حتى لا تكون نواة للإرهاب والإدمان.

ووسط هذا البؤس تولد قصة حب ناقصة، وصراع دامى ضد سارقى القوت والفاسدين فى جهاز الشرطة، لكن كل هذا لا يبدد آمالا عريضة بالخروج من الأزقة الغارقة فى العوز إلى براح عالم زاخر بالنعمة والراحة. فى منتصف الطريق تتوالى المفاجآت لتحدد مصائر بشر متعبين، وتوزعهم على مصائر لا تخطر على بال.

حين سئل عمار عن الأسباب التى دفعته لكتابة هذا العمل قال "لا بد للكاتب من أن يوسع عالمه وينوعه، وإلا سيسقط فى فخ التكرار، ويتآكل مشروعه الإبداعى بمرور الوقت" وهذا تصور صائب إلى حد بعيد، وقد برهن عليه الكاتب عبر تنويع عالمه، فهو لديه روايات تنهل من الواقع المعاصر تماما مثل "زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل" إلى جانب روايته "سقوط الصمت" التى اتخذت من أحداث ثورة يناير موضوعا لها، وانتقل إلى مرحلة العجائبية مع روايات "شجرة العابد" و"السلفى” وجبل الطير" قبل أن يذهب إلى تجربة مغايرة وهى الرواية التاريخية فى "بيت السنارى" التى أوشكت على الصدور.

يعود الكاتب إذن فى "باب رزق" إلى قاع المجتمع المصرى بعد أن ذهب بعيدا فى التاريخ والعجائب والتصوف، وهو عود لمن يعرف جيداحى "تل العقارب" العشوائى الذى تدور فيه الرواية، وهو ما يظهر من وصف المكان واختيار الشخصيات ورسم ملامحها وصياغة الحوار الذى يجرى على ألسنتها، فأبطال الرواية يتحدثون ويتصرفون من واقع هذه البيئة الاجتماعية المقبضة الغارقة فى الحرمان والبؤس، دون أن يفقدوا الأمل فى تغير حياتهم إلى الأفضل.

رواية باب رزق



موضوعات متعلقة..


- عيد خليفة يكتب: تيَّار الوعى فى رواية عمار على حسن الأخيرة "باب رزق"











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة