فى بعض الأوقات قد يضطر الإنسان فى تعامله مع الآخرين أن يقوم بأعمال قد لا يرغب القيام بها، فقط يقوم بتلك الأشياء لإرضاء وحيازة استحسان الآخر، وقد لا يشعر بالضيق وهو يؤديها فى وقتها، ولكن بعد فترة قد يشعر بأنه فقد القدرة على فعلها، لأن عمله ليس نابعاً من ذاته، مما يؤدى إلى استنفاذ وتبديد الكثير من طاقاته وهويته فيدخل فى صراع نفسى رهيب يعكر صفو حياته.
لذلك نجد أن سعى كل منا إلى تطوير ذاته وتنميتها كى ننال حب وإعجاب الآخرين شيء يدعو إلى بذل الكثير من الأمور قد لا تكون هينة، ولكن يجب ألا ننتظر تأييد الغير لما نقوم به من أعمال تصل إلى درجة الاستحسان, ولكن اسعَ نحو صنع حالة من التوافق بين ما تقوم به وبين الآخرين، ولا تخف ولا تقلق من رفض الآخرين لما تقوم به من عمل، ولا تبدل واقعك وحالك كى يقبلك الناس, بل افعل ما تحب أن تقوم به برغبة فى التغيير وتطوير الذات, لأن الشخص الواثق بنفسه يسعى جاهداً إلى أن يستمد طاقته من أعماق ذاته وتصرفاته وخبراته, وليس من وجهة نظر ورؤية الآخرين. يقول كوفمان: "أننا ندير تصوراتنا عن أنفسنا فى كل الأوقات، أما عرض الذات أو تمثيل الذات هو عرض لما يرغبه الآخرون".
لذلك اسع إلى تصحيح ذاتك وتصرف وفقاً لما تراه صواباً، واجعل القوة الايجابية فى حياتك هى السائدة، وثق إن باقى الأشياء حولك تتولى أمر نفسها، فأنت تعيش الحياة التى تسعى إليها وتتفاعل معها، وهويتك تحدد من خطواتك، فانظر إلى ذاتك بعين فاحصة ونمها، ليس من أجل قبول الآخرين، بل افعل ذلك من أجل خلق إنسان متطور مرن مبدع.
يقول عباس محمود العقاد: "إن الذى يَكِل إلى الناس تقدير قيمته يجعلونه سلعة يتراوح سعرها بتراوحِهِم بين الحاجة إليها أو الاستغناء عنها".
يجب أن تدرك أن السعى لإرضاء الآخرين لكى تحوز على قبولهم ليس فى صالحك على الإطلاق لأنه حب مشروط، ثق أنك رائع بتقبلك لنفسك وبما تريد أن تحققه من أهداف وعلاقتك الطيبة هى التى تحررك من أسر الكمال لإرضاء الآخرين، بل العكس سعيك إلى انجاز أعباء من أجل أن تبدو فى صورة كاملة وراقية طوال الوقت وقد لا تفى بما وعدت به لأنك خرجت عن حدود المألوف لذلك قد يصرف عنك الناس، فأنت مثل أى إنسان معرض للأخطاء لذلك تقبل قصور معرفتك فى أى شيء أخفقت فيه وحاول تداركه فى محاولاتك الجديدة.
يقول والت ويتمان: "عظمة النفس البشرية فى قدرتها على الاعتدال لا على التجاوز".
لذلك فكر جيداً فى الالتزامات قبل أن تتخذها، وكن صريحاً مع ذاتك وتقبلها على ما هى عليه وحاول تطوير قدراتك لترتقى وتسعد بها، وفى نفس الوقت تقبل نقد الآخرين البناء بصدر رحب، فكثير من الالتزامات التى نقبلها من باب حسن النية أو من باب المجاملة واهماً ذاتك بتحقيقها وأنت على غير ذلك، فأنت بذلك تدمر خلايا الراحة والثقة بداخلك لأنك حملتها أكبر من طاقتها وقد يؤدى ذلك إلى الإجهاد والاكتئاب نتيجة الغضب الداخلى الذى تحول إليك داخليا لعدم القدرة على الرفض من البداية بطريقة لطيفة, وهذا لا يمنع من مساعدة ومساندة من حولنا ولكن فى حدود ما تجيده وتتقنه بل قد تقوم بأشياء لم تطلب منك ولكنها فى نطاق قدرتك واستطاعتك من أجل رسم البسمة وإدخال السعادة على من حولك فهذا تقدير راقى جدا لذاتك.
يقول مارك توين: " ما أجمل أن تكون شخصا كلما يذكرك الآخرون يبتسمون".
أذا أردت فقط أن تكون مقبولاً من الآخر فأنت تفرض على نفسك أشياء ومقاييس ومعايير الطرف الآخر، وسواء وافق على ما تقوم به أم لا فهذا شأن يخصه، لأنك تستمد قوتك من كامن ذاتك وأعماق نفسك وليس من مديح الآخرين، لذلك استمر فى نهوضك وتطورك وسر بخطى ثابتة واثقة نحو النمو والتطور الذاتى. ولا تتصنع ولا تغير من طباعك أو مبادئك أو تفكيرك وأسلوب حياتك لترضى من حولك فأنت كما ميزك الله ميز الآخرين عش حياتك وارضى ربك.
عصام كرم الطوخى يكتب: لا تبدل واقعك كى يقبلك الآخرين
الإثنين، 13 يونيو 2016 02:00 م
عصام كرم الطوخى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نشات رشدي منصور
الي الاستاذ عصام كرم مع تقديري الشديد
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام كرم الطوخي
رمضان كريم