بالصور.. عزت الجمال حدوتة مصرية لمسن وزوجته وهبا حياتهما لخدمة الأيتام.. أبو الثوار: بعد جلطتين علاجى الشهرى 800 جنيه ومعاشى 400.. ذهبت للرئيس لأطلب زيادة معاشى وعندى قناعة أنه سينظر فى شكواى

قسمات وجه مصرية 100% لا يتحفظ فى كلماته حين يتحدث عن الفساد والمفسدين، 70 عاما قضاها ثائرا على كل الأوضاع، وبعد خروجه على المعاش قرر أن يهب ما تبقى من عمره هو وزوجته لخدمة الأيتام والوقوف بجانب كل محتاج مهما كانت حاجته، خلال ثورة يناير أطلق عليه شباب العاشر لقب أبو الثوار.

اليوم قرر أن يتوجه إلى مقر رئاسة الجمهورية خلسة دون علم زوجته وعقب عودته فتح قلبه لليوم السابع ليحكى تفاصيل الزيارة التى أبهرته فيها حفاوة الاستقبال وكشف عن سر ذهابه بمفرده، قائلا "ذهبت لأشرح للرئيس كيف يعيش مسن فى سنى حياة تضيق نفسه على تحملها" .

قال عم عزت "معاشى 400 جنيه والتزاماتى الشهرية أنا وزوجتى تتجاوز الـ1200 جنيه، بالإضافة إلى العلاج الذى يصل ثمنه نحو 800 جنيه فى الشهر، بعض أقاربى يساعدوننى فى العلاج بعد أن تدهور بى الحال عقب إصابتى بجلطتين واحدة فى القلب وأخرى فى المخ، استنزفت كل ما نملك من حطام الدنيا، حيث وصلت تكلفتها أكثر من 32 ألف جنيه، والحالة المزية التى وصلت إليها مستشفى التأمين الصحى أنهكتنى .

ويكمل عم عزت حكايته مع المرض ورحلة الدواء والعلاج وأنه يعيش على الدواء البديل الذى يصرفه من التأمين، رغم خطورته عليه، وبعض الأقارب يرسلون له الدواء الأصلى من السعودية ورغم مناشدته لوزير الصحة أكثر من مرة على الهواء فى أحد البرامج التليفزيونية، إلا أنه لم يستجب له أحد فلم يجد أمامه سوى الرئيس فقرر أن يذهب إليه .

رحلة مرض عم عزت لم تنته عند إصابته بالجلطة، وإنما امتدت لعينه فهو يحتاج إلى عملية نزع المياه البيضاء من عينه لكن بأمر الطبيب لن يستطيع أن يقدم عليها لخطورتها عليه وإمكانية إحداث مضاعفات نتيجة إصابته السابقة بجلطتين .

بعد زيارة عم عزت لمقر الرئاسة عاد مفعما بالأمل وقناعة أنه على صواب وأنه بالتأكيد سينظر الرئيس فى شكواه، خاصة بعد تأكيد أحد المسئولين الكبار فى مقر قصر الرئاسة بأنه سيتم بحثها والاتصال به تليفونيا لإبلاغه بالنتيجة .

عزت الجمال مسن يقترب عمره من الـ70 فهو مواليد عام 46، حين تراه أو تحدثه لا يمكنك أن تعطيه طبيعة السن من الوهن والتعب، فهو تملؤه الحيوية والنشاط، ولا يتورع أبداً عن الوقوف فى وجه الفساد مهما كان حجمه، حين قابلته المرة الأولى قابلته فى مكتب تموين العاشر هو وزوجته الحاجة منى، يشكو أحد مدراء مكاتب صرف التموين لمطالبته بدفع 5 جنيهات مقابل إدخال بطاقة التموين فى الكمبيوتر، ومن وقتها وأنا أتابع أخباره بنهم .

عزت الجمال من أبناء مصر الجديدة أدى الخدمة العسكرية وتدرب على العبور فى صحراء مدينة العاشر من رمضان، وقرر أن يعيش فيها منذ أن تم بناؤها منذ ثلاثون عاما، عاصر الكثيرون من قاطنى المدينة الجديدة بكل عاداتهم وتقاليدهم لكنه ظل متمسكا بما رباه عليه أبواه من الصمود والوقوف فى وجه الظلم.

عزت الجمال المسن المشاغب صديق للعديد من الشخصيات العامة، هو ذاته الرجل الذى اصطحب شباب العاشر واحتضنهم خلال ثورة يناير وعسكر فى ميدان التحرير، يجمعهم كل صباح حوله وحمل نفسه مسئوليتهم جميعا من مأكل ومشرب وبيات حتى عاد مرة أخرى للعاشر، ليحرس المجاورات ويشكل اللجان الشعبية لحماية الأهالى .

وعن شهرته بأبو الثوار قال عم عزت أنا عندى ابن واحد فقط يعيش فى المانيا منذ 12 شهر، قلما ما أسمع صوته، لكن عندى شباب وأولاد كثيرون يسألون عنى وعن صحتى وأشاركهم الفرح والحزن وربنا ما يحرمنى منهم .

تراه دائما ثائرا متمردا على كل شىء ودائما ما يصيبه الإحباط حين تفشل محاولاته لإقصاء الفساد المستشرى فى كل القطاعات الخدمية، لكن رفيقة كفاحه "منى" تقوم بدور الحبيبة والابنة والزوجة بعد أن سافر ابنه وتركهما معا، يكسران الوحدة بالتواصل مع الجميع وزيارة دور الأيتام ورد غيبة كل غائب والسؤال عنه ومساعدة الفقراء .

لا تفوت مناسبة أيا كانت إلا وترى عم عزت متألقا ممسكا بكاميراته ليسجل كل اللحظات مع أطفال دور الأيتام وزوى الاحتياجات الخاصة، يعرفه كل صغير وكبير من هؤلاء الأطفال وينادونه جدو عزت، ورغم كبر سنه وإصابته بمرض فى الفقرات لا يجعله يتخلى عن الرقبة الطبية وعكازه الصغير، تراه متحركا يجوب كل الأماكن رغم صعوبة حركته، قائلا "طول ما فيا نفسه مش هبخل أبداً على كل مظلوم ومحتاج" .

فيوما تجده فى إحدى المستشفيات حاملا بعض الملابس والطعام وقليلا من النقود، لمسنة تركها أبناؤها فى مستشفى، يبادلها هو وزوجته الحديث لتخفيف شعورها بالألم، ويوما آخر تجده فى أحد النوادى مشاركا بكل ما يملك فى حفل للأيتام، ويحمل الملابس الجديدة والحلوى والنية الصافية ويشاركهم الضحك واللعب، ويوما آخر تراه فى أحد أفراح اليتيمات، يشهد على زفافها، بعد أن شارك فى جهازها، ويحمل عصاه ويرقص مع العريس وكأنه والده، ويوما تثور ثائرته، حين يرى أحدا ينتهك حرمة فتاة أخطأت بدون قصد قائلا هل حين يسترها الله نفضحها نحن، وتكون قطيعة بينه وبين أحد منظمات المجتمع المدنى التى تشدقت بمأساة الفتاة وفضحتها على صفحات الجرائد، ليقف بقوة وصمود فى وجه ممثل هذه المنظمة .

عم عزت حالة نادرة فى زمن أصاب الوهن شبابه ويحمل بين طياته عقل جسور وواعى، رافضا للظلم والفساد ومحبا لعمل الخير، لم يعرقله مرضه أو سنة من الخطى الثابتة لمواجهة أى شىء مهما كان من ورائه.

عم عزت فى بيته المتواضع يحيا مع رفيقة دربه الزوجة الثانية، التى تحملت معه حياته الصعبة وكانت نعم السند له، يتقاسما النكات والفرح والمرض وحب الله والخير، بيت بسيط كل ركن فيه يحمل صورة تذكارية لحفل أيتام أو مشاركة فى مناسبة وطنية، أو مظاهرة شارك فيها ورفع لافتة ضد الفساد والرشوة والمحسوبية .

موضوعات متعلقة..

بالصور.. محافظ الشرقية يضع خطة لحل مشاكل العاشر من رمضان

بالصور ..رئيس جهاز تنمية العاشر يكرم رؤساء القطاعات لبلوغهم سن المعاش