لا أعتبر هذه ضرورة أو رفاهية وإنما هى دعوة مستحبة.
والغريب أنها ليست ضرورة أو رفاهية لنفس السبب. فهذا ما يحدث فعلا أو ما سيحدث فى المستقبل القريب فى العالم كله رضينا أم أبينا. فالمعلومات والتعّلم ستصبح حقاً لكل مواطن فى العالم. وهى مستحبة لسببين: الأول أن نساهم فى تطور الإنسانية فنساعد أنفسنا ونساعد الآخرين والسبب الثانى أن نقلص الفجوة بيننا وبين العالم الأول فى وقت أقل (الفجوة تتقلص دون أن نتدخل ولكننا يمكن أن نقلصها فى زمن أقل).
يتطور العالم بسرعة ومعه تتطور الأفكار. وما لم يكن مقبولا أو خياليا يصبح مطلوبا وأحلاما تنتظر التحقيق. وينطبق هذا بالتأكيد على فكرة تابلت لكل مواطن.
بدأت الفكرة تدور فى رأسى خلال الثورة. فترجمت خبر تقدير ثروة الرئيس مبارك ب 50 مليار دولار بتابلت لكل مواطن. كان ثمن التابلت وقتها 500 دولار. وبصرف النظر عن ثروة الرئيس الحقيقية فنحن نستطيع أن نبدأ بهذا الهدف - تابلت لكل مواطن. وقتها كان الغرض الأساسى من الفكرة هو محو الأمية. فمع حصول كل أمى على تابلت وتطوير نظم البرمجيات للغة العربية يستطيع الأمى أن يصور أى شيء حوله ويتعلم كيفية نطقه كتابته. فكل يتعلم ما يريد. وزاد أملى فى تحقيق هذا الحلم مع إعلان بعض شركات المحمول عن هدف محو الأمية عام 2017. وطبعا خاب ظنى. فتوقَفَت فجأة تلك الشركات عن التزامها وخاب ظنى أكثر حينما سمعت عن دخول أسماء رنانة فى شراكة مع شركات المحمول ثم زاد شكى فى إمكانية تحقيق هذا مع أخبار تصنيع التابلت فى مصر ومع آراء البعض بإدخاله فى المدارس وإعجاب الكثيرين بالدول التى أعلنت عن تابلت لكل طالب. فكل هذه المبادرات ألهتنا عما وعدت به شركات المحمول. فدخول الأسماء الرنانة حول الموضوع إلى دعاية صرفة كما أن تصنيع التابلت آلهانا عن أن الاستفادة من التكنولوجيا أهم بكثير من تصنيعها وأخيرا هذه العقيدة التى تفصل المجتمع إلى طالب علم وعامل هى قمة التخلف، فكلنا طلبة علم وعاملين فى نفس الوقت وعلى فترات.
أما اليوم فلم أعد أدعو لمحو الأمية. وإنما أدعو لتابلت لكل مواطن لإعطاء الفرصة للجميع أن يتعلم ما يريد ويفيد المجتمع بالطريقة التى يراها أو تراها. وعاد إلى بعض الأمل فى إمكانية تحقيق هذا الهدف فلم أعد أسمع نفس الاعتراضات التى كنت أسمعها أعوام 2011 - 2012. فثمن التابلت انخفض إلى أقل ما كنت أتوقعه. فقد كنت أتوقع أن يصل إلى 100 دولار ولكنه وصل إلى 50 دولار وأصبحت الغالبية تملك فعلا تليفونا محمولا إمكانياته تقارب إمكانيات التابلت. وأصبح الاعتراض ينصب ناحية أن المشكلة فى الناس التى لا تريد أن تتعلم.
وأعود لعنوان المقال: العاطلون أولا. فأولوية التوزيع ممكن أن تكون للعاطلين من كافة فئات المجتمع لإعطائنا فرصة للاستفادة من تفكيرهم وابتكاراتهم. وأهم العاطلين هم أصحاب الشهادات فوق المتوسطة (أكبر نسبة بطالة) والبطالة المقنعة فى حالة تطبيق ما دعوت له فى مقالة: البطالة المقنعة - المشكلة والحل. وتجتهد المؤسسات المختلفة الحكومية وغير الحكومية فى استنباط ما يراد تعلمه وتطور برامج وفيديوهات تساعد من يريد التعلم.
يجب أن نعى أننا أولا وأخيرا بشر مثلنا مثل الآخرين. فلا يجوز أن نضخم من شئننا ولا يجوز كذلك أن نقلل من شئننا. وبالتالى لا يمكن أن نعتبر كل العاطلين عباقرة أو كسالى. فإتاحة الفرصة للكل تعنى أن هناك نسبة من العاطلين ستتحول من فئة لا تفيد الآخرين إلى فئة مفيدة (لاحظ أنى أتحاشى كلمة منتجة فهى كلمة ستصبح كلمة متخلفة قريبا ومفيدة هى الأصح فى رأيي).
أخيرا أريد أن أوضح أننا نستحق أن نكون أول دولة فى العالم تعلن أن من حق كل مواطن أن يحصل على تابلت أو جهاز كمبيوتر ما. ونحن نتساوى مع جميع الدول فى هذه الأحقية فيستطيع أى مجتمع أن يأتى بتجربة جديدة تفيد باقى المجتمعات فلماذا لا نساهم بهذا التجربة أو بتجربة آخرى.
كما لنا أن نساهم فى دفع عجلة التقدم (شراكة مع العالم) فمن حقنا أيضا أن ننتظر ونستفيد من ابتكارات وتجارب الآخرين. وفى كل الأحوال فهذه الدعوة ليست ضرورة أو رفاهية وإنما هى دعوة مستحبة.
خالد زهير يكتب: تابلت لكل مواطن.. العاطلون أولا
الخميس، 02 يونيو 2016 02:00 م
تابلت - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة