لقــد ارتبط شهـر رمضان بالعـديد من الانتصارات التى أعـزت الاسلام والتخلص من أطمـــاع اليهود والصليبيين والتتار والفرس، فهذا الشهر الكريم حدث فيه فتح مكة وفتح الأندلس ففى 17 رمضان سنة 2 هجرية كانت غزوة بدر التى أطاحت بجبروت وهيمنة الكفار وبداية الفتوحات الإسلامية وبناء الحضارة الاسلامية العملاقة.
فمن رمضان كانت البداية وتمر الايام ويأتى الفتح الأكبر وهو فتح مكة ودخول الرسول صلى الله عليه وسلم مكة سنة 8 هجرية وبدأت الفتوحات والانتصارات تتوالى على المسلمين فى هذا الشهر الكـريم ومنها موقعـــة البويب والقضاء على الفرس على الرغم من كثرتهم وعدتهم.
لكن الإيمان وروح هذا الشهر الكريم وتذكر غزوة بدر وفتح مكة كانت السبب فى العزة والكرامة والقضاء على الفرس الذى كان يتجاوز عددهم المائة الف وعدد المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة لا تتعدى ثمانيـــة الاف ولكن بالأيمان بالله والثقة بالنفس والعزيمة تحقق النصر.
وتمر السنيين ويأتى البطل طارق بن زياد ويقـــوم بفتــح الأندلس فى رمضان فى سنـة 92 هجرية ويقاتل جيش الصليبيين من الإسبان وينتصر عليهم وهو الفتح الذى غير مجرى التاريخ فى العالم كله والتى استمرت حضارة الأندلس والاسلام ما يقارب 800 عام فهذا حدث فى رمضان.
وتمر بنا السنيين وكأن المسلمين على موعد مع السعــادة مع هذا الشهر الكريــم من خلال الانتصار فى معارك فاصلة وحاسمة غيرت مجرى التاريخ، وتأتى معركـة حطين ومعركة عـين جالــوت الاولى بقيــادة صلاح الدين والثانية بقيادة سيف الدين قطز فالقائد العظيم صلاح الدين هزم الصلبيين وقضى على غطرستهـم وجاء سيف الدين قطز الذى أوقف الزحف المغولى والقتل والمذابح الدموية.
فلقد استطاع المغول لأكثر من أربعين سنة أن تنتصر على المسلمين بل يقومون بإزلال المسلمين وحرقهم وقتلهم حتى جاءت سنة 658 هجرية، وفى رمضان عندما تصدى قطز لهذا الزحف المغولى الذى حرق الاخضر واليابس وجاءت معركة العزة والكرامة فى رمضان وتحطمت أسطورة المغول وتم فناء جيشهم بالكامل.
فهذا كله حدث فى رمضان وتستمر الأيام والسنيين حتى يأتى الانتصار العظيم على عدو متعجرف مسنوداً بقوى الشر والإرهاب فى العالم كله إنه العدو الإسرائيلى الذى أحتل ارض فلسطين وسيناء حتى جاءت لحظة العبور فى رمضان عام 1973 م، وفى شهر الصوم كانت الفرحة والسعادة وتم تحطيم أسطورة الجيش الذى لا يقهر وخط بارليف الحصين وأنهار الجيش الإسرائيلى أمام عزيمة المصريين.
إنها اللحظة التى غيرت مجرى تاريخ مصر ولا ننسى عبارة الله أكبر التى كانت تزلزل الأرض وتبث الرعب فى العدو الصهيونى إنه الإيمان بالله والثقة بأن الانتصار من عند الله وكانت الايمانيات فى تلك اللحظة الفارقة واضحة جداً فكان النصر من عند الله وتخلصت مصر من احتلال صهيونى وعدو متعجرف إنه رمضان يا سادة شهر الله وشهر الصوم وشهر العبادة إنه شهر الانتصارات المتتالية على كل من الفرس والتتار والصليبيين واليهود وكأنها رسالة ربانية بعظمة هذا الشهر.
فإذا كان المسلمون انتصروا فى رمضان على الأعداء فلماذا لا ننتصر نحن اليوم على النفس البشريــة وعلى شهواتنا وأن نعاهد أنفسنا على أن يكون رمضان هو بداية النجاح وبداية الانتصار على النفس وعلى الشهـوات فى هذا الشهر الكريم، فلا تجعل رمضان يمر علينا ولم نستفيد منه فلا تقضى ليلك ونهارك أمام التلفاز ومشاهدة المسلسلات فهو شهر كريم لا يهل علينا إلا مرة كل عام وفيه الخير والبركة والتوبة، فأنتصر على نفسك وأقهر شهواتك وحقق انتصارك.
شهر رمضان هو الامتحان الحقيقى للنفس البشرية فلو استطعنا أن ننتصر على النفس الأمارة بالسوء فهى الخطوة الأولى نحو انتصارات أخرى فكل شخص يبدأ بنفسه وأن يجعل منه فرصة لتغيير حياته ففكر فى صنع حياة جديدة لك وتكون بدايتها هذا الشهر فلا تفكر فى الألم والندم فباب التوبة مفتوح وما أعظمه أن يكون فى رمضان.
يجب أن نستغل هذا الشهر ونحقق الاستفادة القصوى من النفحات الربانية التى وهبها لنا والنجاح الحقيقى أن نستمر بعد رمضان فتكون الصلاة والعبادة صفة ملازمة لنا وليست صفة سنوية وتصبح عادة وأن نتحلى بالأخلاق والتسامح والحب طيلة شهور السنة فمن خلال رمضان تكون بداية النصر على النفس وعلى الشهوات.
إن رمضان هو الفرصة التى منحها الله لنا أن نغير من أنفسنا فليكن هدفنا نحو حياة أفضل وأن ندرك قيمة الحياة وقيمة الأيمان بالله وأن نحمد الله إنه خلقنا مسلمين ونتحلى بالأخلاق والمبادئ والقيم وأن نحقق الغاية من وجودنا فى الحياة وهى العبادة وكما يتخلص الجسم من السموم خلال هذا الشهر فتخلص أنت أيضاً من سموم أفكارك السلبية وابدأ حياتك وحقق هدفك وأجعله بداية الطريق إلى النجاح.
حرب أكتوبر