نتائج استفتاء بريطانيا تحطم استقرار مشروع وحدة أوروبا
قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن نتائج الاستفتاء الذى شهدته بريطانيا أمس، الخميس، على عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، يلقى بالسياسة البريطانية فى حالة من الفوضى، ويحطم استقرار مشروع الوحدة القارية الذى بدأ قبل نصف قرن من أجل منع اندلاع حرب عالمية ثالثة.
وأشارت الصحيفة إلى أن القرار يطلق العنان لعملية تستغرق سنوات من أجل إعادة التفاوض على التجارة والمشروعات والروابط السياسية بين المملكة المتحدة والكتلة الأوروبية، التى أصبحت تتكون من 27 عضوا، وهو انفصال غير مسبوق يمكن أن يستغرق اكتماله عقودا.
وأضافت الصحيفة، أنه فى ظل عدم وجود سابقة لدولة تركت الاتحاد، فإن تأثير القرار البريطانى على السوق الأوروبية التى تضم 500 مليون نسمة، وهى الأكبر فى العالم، يظل غير واضح.
الناخبون البريطانيون تحدوا إرادة قادتهم وحلفائهم
قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن الناخبين البريطانيين تحدوا إرادة قادتهم والحلفاء الدوليين لبلادهم، بتصويتهم لقطع العلاقة مع الاتحاد الأوروبى، فى نتيجة مفاجئة ألقت بالأسواق المالية فى حالة من الاضطراب، وأجبرت رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون على تقديم استقالته.
وبينما كانت بريطانيا تستوعب الأخبار غير المسبوقة، وصلت التداعيات السياسية إلى أعلى مستوى، بعدما قال كاميرون إنه يتنحى لأنه كان يقود حملة البقاء فى الاتحاد الأوروبى. وقال كاميرون إن البلاد تستحق قيادة جديدة فى مواجهة الرفض له ولأنصار معسكر البقاء فى استفتاء الخميس.
وأضاف كاميرون، الذى يتمتع بعلاقة وثيقة مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أنه يأمل أن يكون هناك رئيس جديد للحكومة فى بريطانيا بحلول أكتوبر المقبل.
ووصفت الصحيفة التصويت بأنه الخطوة الأكثر دراماتيكية حتى الآن فى موجة الانتفاضات القومية والشعبوية التى يشهدها الغرب وعلى جانبى المحيط الأطلنطى، والتى تقلب المفاهيم التقليدية لما هو ممكن سياسيا.
وأكدت الصحيفة، أن التصويت سيكون له تأثير عميق على الاتحاد الأوروبى الذى سيخسر قوة عسكرية ودبلوماسية كبرى. وقال وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر ستاينماير، إن هذا يوم حزين لأوروبا وبريطانيا.
وتوقعت الصحيفة، أن تحدثت نتائج التصويت هزة كبرى لدى مسئولى الولايات المتحدة، ولفتت إلى أن أوباما كان قد ناشد البريطانيين البقاء، وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكى اطلع على النتائج الخاصة بالاستفتاء، ومن المتوقع أن يتحدث مع كاميرون.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأنه على الرغم من أن بريطانيا ربما لن تغادر الاتحاد الأوروبى فعليا قبل سنوات، إلا أن التصويت يطلق الشرارة الأولى لما يتوقع أن يكون إجراءات فوضوية مع فك الارتباط بين بريطانيا وأوروبا والذى سيشمل شبكة واسعة من الصلات بين الطرفين.
خمس دول قد تسير على خطى بريطانيا فى الانفصال عن أوروبا
لا يزال العالم فى حالة صدمة بعد نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى، والتى أكدت رغبة البريطانيين فى الخروج من الكتلة الأوروبية، لكن ربما تكون بريطانيا الحبة الأولى عقد القارة المنفرط، مع تفكير عدد من الدول الأوروبية فى إجراء استفتاءات هى الأخرى لتحديد مصير علاقتها بالمشروع الأوروبى، الذى كان يوما مثار الإعجاب العالمى لمدى ما يمثله من تجسيد للوحدة والقوة.
وحذر دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبى، من أن ترك بريطانيا للاتحاد الأوروبى يمكن أن يهدد بشكل خطير الحضارة السياسية الغربية، وزادت بالفعل هذه المخاوف بعد قرار الناخبين البريطانيين بالانفصال.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه على الرغم من أن التوقعات بأن الاتحاد الأوروبى سيتفكك ربما تكون ذهبت لمدى بعيد، لكن هناك بالتأكيد دول أخرى يمكن أن تكتسب فيها المطالب بإجراء استفتاء مماثل زخما.
السويد
وتعتبر السويد أنها نفسها المعادل الاسكندنافى لبريطانيا، فقد رفضت أن يكون اليورو عملتها، ومن حيث السياسات الأوروبية، اتفقت بريطانيا والسويد على حوالى 90% من كل القضايا.
وبذلك، فإن خروج بريطانيا سيثير قلقا على نحو خاص فى السويد، فقد قبلت استكهولوم بمئات اللآلاف من اللاجئين، لكنها تصارع من أجل إدماج بعضهم، ونتيجة لذلك، فإن اليمين المتطرف فى السويد قد اكتسب زخما فى تطور ذكر البعض بصعود حزب الاستقلال البريطانى المؤيد للابتعاد عن أوروبا.
ورغم أن أغلب السويديين لا يزال لديهم انطباعات إيجابية عن الاتحاد الأوروبى، إلا أن هذا قد يتغير بقرار البريطانيين الخروج. وستزداد شكوك السويديين على الأرجح بشأن ما إذا كان صوتهم كدولة أصغر وليست من منطقة اليورو سيظل مسوغا فى بروكسل، هذا لو واصل الاتحاد الأوروبى عملة الدمج.
الدانمارك
فى ديسمبر الماضى، أجرت الدانمارك استفتاءً، وإن كان أثره محدودا، وفى هذا الاستفتاء قرر الدنماركيون ألا يسلموا الاتحاد الأوروبى المزيد من الصلاحيات.
وهذا وحده ليس كافيا للتنبؤ بما إذا كان الدنماركيون يريدون حقا الخروج من الاتحاد الأوروبى، بل إن أغلب مواطنى الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى يعتقدون أن بروكسل لا ينبغى أن تكون أكثر قوة مما هى عليه الآن، وفقا لاستطلاع جديد لمركز بيو الأمريكى.
وكما هو الحال فى السويد، فهناك أمران سيؤثران على سلوك الناخبين، هو أن كثيراً من الناخبين يخشون مزيداً من الهجرة أو تدفق اللاجئين يمكن أن يهدد نظام الرفاهية فى البلاد، والثانى أن الدانمارك حتى الآن معتمدة على بريطانيا كحليف قوى فى المفاوضات مع الاتحاد الأوروبى، حيث إن البلدين يتخذان مواقف سياسية مشابهة.
اليونان
على الرغم من أن أزمة الديون الخاصة بالحكومة اليونانية قد اختفت من النقاش العام ومن عناوين الصحف، إلا أنها ستعود عاجلا أو آجلا، وقالت صحيفة كاثيميرينى اليونانية، إن خوفها من أن الأزمة الحالية مع خروج بريطانيا من الاتحاد سيهدد فى النهاية عضوية اليونان فى الاتحاد الأوروبى.
وأضافت الصحيفة أن مبعث القلق الرئيسى لأثينا بجب أن يكون أن انتصار معسكر الخروج سيضعف قرار دول منطقة اليورو دعم موقف اليونان، وهو ما سيتطلب مزيداً من الأدوات ومستوى أكبر من الاندماج أكثر من الحالى.
ولا تخشى اليونان أن تؤثر الأحزاب اليمينية على الاستفتاء المعادى لأوروبا، ولكن تخشى أن تدفع أوروبا اليونان للخروج من أجل الحفاظ على التماسك بين الأعضاء الباقيين.
المجر
فلا يعرف عن رئيس وزراء المجر فيكتور أربان أنه صديق للاتحاد الأوروبى، بل هو على العكس تماما، وفى مايو الماضى حيا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جانكر أوربان قائلا، "مرحبا بالديكتاتور" أمام كاميرات التليفزيون.
ورغم الخلافات، حث أوربان بريطانيا على البقاء فى الاتحاد الأوروبى، لكنه فعل ذلك على الأرجح لأن بريطانيا المتشككة فى الاتحاد الأوروبى حليفة مهمة لحكومة بودابست، ويخطط أوربان لإجراء استفتاء فى المجر يمكن أن يضر بتماسك الاتحاد الأوروبى، حيث سيسأل المجريين ما إذا كان ينبغى على الاتحاد الأوروبى أن يأوى اللاجئين، وفى المجر لن يكون الاستفتاء على البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبى هو الذى سيسبب المشكلات، ولكن الاستفتاء الذى يتساءل بشكل مباشر حول سلطة بروكسل.
فرنسا
يعد الفرنسيون أكثر المتشككين فى الاتحاد الأوروبى، فقال 61% منهم إن لديهم آراء سلبية عن الاتحاد، مقارنة بنسبة 37% فقط من المجريين.
وتعد فرنسا مع ألمانيا قوة رائدة فى أوروبا، إلا أنها تواجه العديد من المشكلات، منها ضعف الاقتصاد والتهديدات الإرهابية، وبعض هذه المشكلات ألقى بمسئوليته على الاتحاد الأوروبى أو الظروف التى خلقتها الدول الأعضاء، وسيستغل اليمين المتطرف نتيجة استفتاء بريطانيا للدفع من أجل إجراء استفتاء مماثل فى فرنسا.
هزة كبيرة للاقتصاد الأمريكى بسبب نتائج استفتاء بريطانيا
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن تصويت البريطانيين بالخروج سيحدث هزة كبيرة فى الاقتصاد الأمريكى ويؤثر على نفوذه، حيث يشعر المسئولون بالقلق من أن قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد سيرفع الدولار ويخف الصادرات ويضعف النفوذ الدبلوماسى لواشنطن فى أوروبا.
ونقلت الصحيفة عن كبار المسئولين الماليين قولهم، إن الضرر الناجم عن خروج بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى لن يكون وحده كافيا لدفع الولايات المتحدة إلى الانكماش، لكن مع انسحاب المستثمرين من الأسواق الأوروبية والبريطانية والاتجاه إلى الأصول الأمريكية، فإن انخفاض سعر الجنيه الإسترلينى واليورو يمكن أن يتسبب فى ارتفاع الدولار، ومن ثم سيحد من الطلب على الصادرات الأمريكية.
وبمجرد الإعلان عن نتائج الاستفتاء على عضوية بريطانيا، تراجع سعر الجنيه الإسترالينى أمام الدولار حوالى 10%، وهو تراجع غير مسبوق منذ عقود. وقال المحللون الماليون، إنه من المرجح أن تصدر الدول الصناعية السبع بيانا تقول فيه إنها تراقب التقلب فى العملات العالمية وإنها مستعدة للتحرك لوقف زعزعة الاستقرار.
كما يشعر المسئولون الأمريكيون بالقلق من أن خروج بريطانيا سيضعف الاقتصاد الأمريكى، لو تعرض النمو فى الاتحاد الأوروبى وهو أكبر شريك تجارى لأمريكا، لضربة بعد قرار بريطانيا.
موضوعات متعلقة..
الصحافة الإسبانية: الاتحاد الأوروبى يستعد للتفكك بعد خروج بريطانيا.. وإسبانيا تقترح تقاسما للسيادة معها على جبل طارق.. ورئيس حكومة إسبانيا يصف خروج بريطانيا من الاتحاد بـ"الانتكاسة الخطيرة"
الصحف الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلى يستعد للتدريب على حرب محتملة.. تل أبيب تفرج عن وثائق جديدة بعد مرور 63 عاما من فضيحة "لافون".. أبو مازن: حاخامات يهود دعوا إلى تسميم مياه الشرب للفلسطينيين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة