محمد أبو الفضل يكتب: التحديث والإرادة الشعبية وانتخابات المحليات

الجمعة، 03 يونيو 2016 10:00 ص
محمد أبو الفضل يكتب: التحديث والإرادة الشعبية وانتخابات المحليات أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحديث عن المجالس المحلية بالغ الأهمية؛ لأنّ العمل المحلى أو البلدى كما يطلق عليه فى بعض الدول هو التربة الأساسية للعمل الوطنى الديمقراطى ولصنع القيادات. فلو عدنا إلى متطلبات التطوير الإدارى والمشاركة فى القرار، فإنها تبدأ بالعمل بالمجالس الشعبية المحلية فالمحليات على مختلف مستوياتها المدرسة الأولية التى يتعلم فيها المواطن ألف باء السياسة.

كان لى حوار مع بعض أعضاء مجلس محلى المحافظة مؤخراً، كان الحديث عن الحاجة لاستعادة العمل المحلى فى مصر، وبعد الاستماع إليهم فهمت أنه فى أعقاب ثورة يناير، أصدر المجلس العسكرى مرسوما بقانون حمل رقم 116 بشأن حل المجالس المحلية وتشكيل مجالس مؤقتة بالمحافظات كافة، تضم عددًا من أساتذة الجامعات ورجال القضاء والمثقفين وممثلين عن الشباب والمرأة، ومنذ انتخابات المحليات فى أبريل 2008 أى منذ حوالى 8 سنوات، والتى تعد آخر انتخابات محلية شهدتها البلاد، فى غياب للإشراف القضائى والتنافسية، لم تتم أى انتخابات للمحليات، سوى تلك المزمع عقدها على ضوء القانون الجديد ولكن للأن والحديث يستمر عن ضرورة التعجيل بالانتخابات المحلية، لأنها تمثل الحاضنة الأولى للديمقراطية، ولأنّه ومن خلالها يمكن أن تتطور القدرات والقيادات النوعية لرفد العمل الوطنى.

ومؤخرا غطّت الأخبار انتخاب مسلم لمنصب عمدة لندن، واختلط الأمر بين من أسموه عمدة، وبين من أسموه رئيس بلدية لندن، فى لندن يوجد 30 مجلساً بلدياً منتخباً، وإضافة إلى أنه فى خارج لندن فإنّ أعداد المجالس البلدية كبيرة جداً وفوق كُلِّ المجالس البلدية فى لندن، يوجد أيضاً مجلس لندن الذى يتكوّن من 25 عضواً، يرأسه «عمدة» منتخب. وعليه، فإنّ العمدة ليس رئيس بلدية، إلا إذا كنا نقول إن «مجلس لندن» هو «بلدى البلديات». كما أن هذه المجالس البلدية لديها صلاحيات واسعة، ولذا فإنّ المجلس البلدى يُسمّى هناك بـ «السلطة المحلية». أمّا منصب العمدة فهو قريب من رئيس وزراء خاص بالمدينة، لأنّ صلاحياته تمتد للتخطيط العمرانى الاستراتيجى، والإسكان والمواصلات والشرطة والدفاع المدنى والخدمات والمرافق العامّة من كُلِّ نوع.

لنتذكر... طبقت مصر أول نظام للإدارة المحلية بمقتضى القانون فى مايو 1883، حيث انشئت مجالس المديريات كفروع للادارة المركزية وان كانت هذه المجالس لم تحظ بالشخصية المعنوية فضلا عن أن اختصاصاتها كانت استشارية، ثم عرفت مصر نظام المجالس البلدية لأول مرة عندما تأسست بلدية الاسكندرية ومنحت الشخصية المعنوية فى 5 يناير 1890، وقد جاء أول اعتراف دستورى بالنظام المحلى المصرى فى المادتين 132 و133 من دستور عام 1923 والذى نص على أن يتم تشكيل جميع المجالس بلديات ومديريات عن طريق الانتخاب كما منح الدستور المجالس اختصاصات تتعلق بتنفيذ السياسة العامة محليا وألزمها بنشر ميزانياتها وأن تكون جلساتها مفتوحة للمواطنين.

ومنذ عام 1960 صدرت العديد من القوانين المنظمة للمجالس المحلية ودورها، وفى عام 1975 تم النص فى القانون على انشاء مجالس شعبية للمركز ليصبح خمسة مستويات من المجالس الشعبية، ومنذ انشاء أول مجلس محلى فى تاريخ مصر وحتى عام 1971 لم يكن هناك سوى المجلس الشعبى المحلى، ولم يكن موجوداً المجلس أو الجهاز التنفيذى، وكان المجلس الشعبى المحلى يقوم بجميع الأمور.. يضع السياسة وينفذها ويشرف على المرافق، أى يقوم بالدورين الرقابى والتنفيذى، وفى عام 1971 تم انشاء المجلس التنفيذى على مستوى المحافظة، وفى عام 1975 تم تعميم هذا النظام، وأنشئت مجالس تنفيذية على مستوى المدن والمراكز والأحياء والقري، وأصبح لأول مرة فى مصر نظام المجلس التنفيذى موظفون والمجلس الشعبى المحلى منتخبون.

ومن المؤسف أن مصر أصبحت حالياً (منذ ثورة يناير) من دون عمل محلى منتخب، على رغم أن تطور مصر نحو الحداثة بدأ بانتخابات.

ربّما أننا مررنا بتجارب غير مريحة فى الانتخابات فى السنوات القليلة الماضية، ولكن هذا ليس مبرراً لإلغاء مجلس منتخب، وإنما هذا يدعونا لدراسة التجربة وتطويرها (بدلاً من إلغائها) من أجل تفادى النواقص والاستمرار فى عملية التحديث القائم على الإرادة الشعبية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة