كلينتون تتنبأ بثورات الربيع العربى:
تنبأت هيلارى كلينتون بحدوث عاصفة غضب وموجة من الاضطرابات فى عدد من البلدان العربية، مثل اليمن ومصر ولبنان، بسبب الفقر والبطالة والفساد، وجميعها أمور كانت توحى، بحدوث تغيير جذرى، وهذا ما حدث بالفعل، وتم إسقاط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كنتيجة طبيعية، للرد على الفساد المستشرى، الذى وصل ذروته فى نوفمبر 2010 حين أجرت مصر الانتخابات البرلمانية، وقضت على الرموز السياسية المعارضة، «فكرت كثيرا فى حالة استمرار الوضع فى الدول العربية على ما هو عليه، وفشل الزعماء على أحداث تغيير حقيقى، فبالتأكيد الأبواب ستفتح أمام الاضطرابات والصراعات، وكذلك الإرهابيين»، هكذا توضح كيلنتون موقفها إزاء الوضع فى منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من التوقعات السابقة، بقيت الإدارة الأمريكية، أمام معضلة حقيقية، هل تقبل بإزاحة شريكها، وحليفها فى الشرق الأوسط؟ وما طبيعة السلطة القادمة؟ وكيف لها أن تتعامل مع مصالح أمريكا الاستراتيجية فى المنطقة؟. تقول وزيرة الخارجية السابقة «كنت أعرف مبارك وزوجته منذ عشرين عاما، ولكنه كان فرعونا فى حكمه لمصر، أدار البلاد بسلطة شبه مطلقة طوال ثلاثة عقود، التقيته كثيرا، وكنت دائما أُقدر دعمه الثابت لاتفاقية كامب ديفيد، وجهوده فى الوصول لحل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، حاول أكثر من أى زعيم عربى إقناع عرفات بقبول اتفاق السلام عام 2000، ولكن على الرغم من شراكته للولايات المتحدة الأمريكية فى أمور استراتيجية رئيسة، فإنه خيب الآمال بعدما ظل يحكم لسنوات، حاول خلالها أن يحرم على الشعب حقوقه وحرياته الأساسية، وأساء إدارة الاقتصاد. وتضيف: «المظاهرات التى شهدتها مصر، وضعت إدارة أوباما فى موضع دقيق، فمن ناحية يعد مبارك حليفا استراتيجيا رئيسا، طوال العقود الماضية، ومن ناحية أخرى تنسجم السياسة الأمريكية أكثر مع الشباب الداعى إلى الخبز والحرية والكرامة، لذا كنت حريصة على استخدام عبارات دقيقة تُخرج الإدارة الأمريكية من دائرة التصنيف والحسابات وتراعى مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة.
كيف أدار أوباما الأزمة؟
فى 28 يناير 2011 اجتمع الرئيس أوباما مع فريق الأمن القومى بغرفة عمليات فى البيت الأبيض، وطلب منهم توصيات حول طريقة التعامل مع الأحداث فى مصر، فانخرط الجميع للتفكير فى إجابة عن السؤال الأصعب، وهو كيف لهم أن يحققوا التوازن ما بين المصالح الاستراتيجية والقيم التى يدعون تمثيلها من حرية وديمقراطية، وماذا يعنى أن تتخذ الجانب الصحيح من التاريخ؟ وهل لو طلبت الإدارة الأمريكية من مبارك التنحى سيستجيب أم لا؟ وإن لم تسقطه الثورة، كيف ستصبح علاقته بأمريكا بعد ذلك؟ وما طبيعة العلاقة التى سيضعها النظام القادم مع أمريكا، وكيف سينظر لمصالحها الاستراتيجية فى المنطقة؟
تقول كلينتون فى مذكراتها إن وقوف أمريكا إلى جانب المتظاهرين بعد ذلك، جاء متماشيا مع موقفها عامة من دعم الديمقراطية، وحقوق الإنسان. وحتى لو تهاودوا بين الحين والآخر تجاه هذه القيم، مراعاة لمصالحهم الاستراتيجية والأمنية، مثلما حدث مع مبارك، الذى دعموه باعتباره شريكا فى دعم السلام والتعاون مع إسرائيل إلى أن أصبح من الصعب إنكار، حقيقة أنه رأس نظام فاسد ومتحجر ومستبد وذو قبضة حديدية. اقترحت كيلنتون على أوباما إرسال أحد المبعوثين الأمريكان، للحديث مع مبارك وجها لوجه وإقناعه بتنفيذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية، مثل وضع حد لقانون الطوارئ المطبق فى البلاد، منذ 1981 وعدم الترشح لانتخابات رئاسية جديدة، وعدم تعيين ابنه جمال خلفا له.
وكان المؤهل للسفر آنذاك، هو فرانك ويزنر السفير الأمريكى سابقا فى مصر، والذى كانت تربطه علاقة قوية بمبارك، وعلى الرغم من موافقة أوباما على الحل الدبلوماسى هذا، فإن بقية أعضاء البيت الأبيض رأوا أن نظام مبارك سيخسر لا محالة. التقى فرانك مبارك، ولم يتوصلا للنتيجة المرضية بالنسبة لأمريكا، بل على العكس، وافق الأول على عدم تنحى مبارك بشكل فورى وإشرافه على المرحلة الانتقالية، وأعلن عن هذا صراحة فى مؤتمر ميونخ للأمن، وهذا ما أزعج أوباما كثيرا، لأنه أظهر نوعا من التناقض داخل الإدارة الأمريكية نفسها.
تفاصيل لقاء كلينتون بالنشطاء السياسيين فى مصر:
بدأ نظام مبارك فى الانهيار تدريجيا، وحاول التماسك قدر استطاعته فلجأ لاستخدام العنف لقمع المظاهرات، تواصلت كلينتون مع النائب عمر سليمان، وأوضحت له أن هذا العنف غير مقبول إطلاقا، كذلك تحدثت مع وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط الذى سيطر عليه نوع من الإحباط واليأس فى الأيام الأخيرة، ورغم ذلك شكا لها من دفع أمريكا لمبارك، لإخراجه من الحكم بشكل غير رسمى.
وفى الوقت نفسه لم يخف أبو الغيط لكلينتون خوفه من سيطرة الإسلاميين على الحكم باعتبارهم الفصيل الأكثر تنظيما، قائلا لها: لى حفيدتان، إحداهما فى السادسة والأخرى فى الثامنة، أريدهما أن تترعرعا، لتكونا مثل جدتهما ومثلك، وليس لترتديا النقاب، وهذا ما يحدث فى السعودية.. هذا هو كفاح حياتى. هنا سيطرت على كلينتون مجموعة من الأسئلة، وهى إذا سقط مبارك بالفعل، ماذا سيكون مصير الأقليات الدينية فى مصر، فى ظل وصول الإسلاميين، وما مصير المرأة وحقوقها، وهل هذه هى الديمقراطية التى تعسى أمريكا لتحقيقها؟
تصاعدت وتيرة الأحداث، وتنحى مبارك بالفعل، وتولى المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد، وبعد إسقاط النظام بشهر واحد فقط، جاءت كلينتون للقاهرة، استقبلها الناس فى الميدان بشكل جيد، يظهر الحياة السياسية المختلفة التى باتت تعيشها مصر، أصرت كلينتون على لقاء مجموعة من الطلاب والناشطين الذين أدوا دورا قياديا فى الثورة، سألتهم عن خططهم للانتقال من الاحتجاج إلى العمل السياسى، واقتراحاتهم لوضع الدستور الجديد، وخوض الانتخابات المقبلة، ولكنها وجدت مجموعة غير منظمة وغير مستعدة، لخوض أى شىء، أو التأثير فى أى شىء، على حد قولها، تقول: لم يملكوا الخبرة السياسية، ولم يفقهوا طريقة تنظيم الأحزاب والترشح إلى الانتخابات وإدارة حملاتها، لم يؤسسوا قواعد حزبية وانتخابية، ولم يبدوا اهتماما بإرسائها، بدلا من ذلك تجادلوا فيما بينهم، وألقوا اللوم على الولايات المتحدة لارتكابها، أخطاء كثيرة، أنهيت لقائى بهم، ويساورنى القلق من تسليمهم السلطة للإخوان المسلمين، على اعتبار أنهم الفصيل الأكثر تنظيما وقتها، أو الجيش نتيجة تقصيرهم وهذا بالضبط ما حدث.
جاء هذا على عكس لقاء كلينتون بالمشير حسين طنطاوى القائد العام السابق للقوات المسلحة والذى تقول عنه وزير الخارجية السابقة: بعد تولى المشير طنطاوى مقاليد الأمور تحدثت إليه لأتعرف على خططه، لانتقال السلطة، شعرت كيف أختار كلماته بعناية، كان موقفه صعبا حاول إنقاذ جيشه العزيز من حطام نظام مبارك، وحماية شعبه على ما وعد الجيش بأن يفعل، والقيام بما هو محق مع مبارك، مراعيا مسيرته العسكرية، ووفى طنطاوى بوعده بإجراء الانتخابات، وحين خسر مرشحه المفضل رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، بفارق ضئيل، أمام محمد مرسى، ممثل الجماعة، سلم بالنتيجة.
كيف تبدل الموقف تجاه كلينتون؟
حاولت الإدارة الأمريكية بعد إسقاط نظام مبارك السير على حبل مشدود طوال الفترة الانتقالية لمراعاة مصالحها الاستراتيجية، والقيم الديمقراطية، على حد سواء، دون الانحياز لمرشحين، أو فصائل معينة أو دعمهم، وفقا لما تذكره كلينتون فى مذكراتها، محاولة تحسين صورة الأولى، ورغم ذلك لم تسلم الإدارة من التصنيف، من قبل الفصائل السياسية، إذ إن جماعة الإخوان المسلمين كانت تتهمها بدعم نظام مبارك، فى حين أن معارضى الجماعة، كانوا يرون أنهم تحالفوا مع الإخوان، لإسقاط مبارك وإيصالهم للحكم.
فى يوليو 2012 جاءت كلينتون لزيارة مصر ثانية، ولكن هذه المرة تبدل تماما مشهد استقبالها، حيث كثرت الاحتجاجات الرافضة لوجودها فى مصر، تقول: سمعت الشعارات المناهضة لأمريكا من نافذة غرفتى بالفندق، وعلى الرغم من التحذيرات التى وجهت إلينا من استكمال برنامجنا فى مصر، فإنى أصررت على استمرار العمل، وذهبت إلى الإسكندرية لافتتاح القنصلية الأمريكية التى أعيد ترميمها، وبعد الحدث، وأثناء مغادرتنا للمكان، وفى طريقنا للمطار، رمى مواطن حذاءه على السيارة.
كلينتون ورؤيتها لسياسة مرسى:
خلال زيارتها لمصر التقت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، الرئيس السابق محمد مرسى ومجموعة من الجنرالات والأقباط الذين كانوا يشعرون بالخوف دائما من وصول التيار الإسلامى بسبب اعتداءات الجماعات السلفية عليهم.
تقول: تصادم الرئيس مرسى كثيرا مع القضاء، وسعى إلى تهميش خصومه السياسيين، بدلا من بناء توافق وطنى واسع، ولم يقم بما هو فاعل لتحسين الاقتصاد وسمح باضطهاد الأقليات، بما يشمل المسيحيين الأقباط.
وعلى الرغم من تخوفات الإدارة الأمريكية من هذا النظام، وتأثيره على مصالحها، فإنهم فوجئوا بالإبقاء على معاهدة السلام مع إسرائيل ومساعده أمريكا فى التفاوض على وقف إطلاق النار فى غزة 2012 لدرجة أن الإدارة الأمريكية، واجهت مرة أخرى المعضلة الكلاسيكية، هل تتعامل مع زعيم نختلف معه على أمور كثيرة، فى سبيل تقدم مصالحهم الأمنية والسياسية أم لا؟.
موضوعات متعلقة..
- تعرف على أبرز محطات الانتخابات الأمريكية حتى تنصيب الرئيس الـ45
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمد عبدالله
اللهم أني صاءم
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمد عبدالله
اللهم أني صاءم
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور عادل عارف
طبيعى ان تتحدث لان امريكا هى من خططت و مولت و دربت و نفذت ثورة 25 يناير لتدمير الدولة المصرية
عدد الردود 0
بواسطة:
د السيد أرز
محاولة غسل يدها القذره وتلميع نفسها قبل الانتخابات
عدد الردود 0
بواسطة:
حسنى حمزه
الزعيم المخلص
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوصهيب
امريكا رأس الافعي
عدد الردود 0
بواسطة:
Hamada
مذكرات الملاك