ويقول الموقعون إن تعيين باحثة دين إسلامى رئيسًا للجنة واثنان من الأئمة فى مناصب استشارية سوف يثير الشبهات حول قدرة اللجنة على إجراء تقييم غير متحيز "لاستعمال التحكيم الدينى بما يضر بحقوق المرأة"، كما ينتقدون تركيز اللجنة على إيجاد "الممارسة الأفضل" للمحاكم الشرعية بدلًا من بحث ما إذا كانت هناك أية دعاوى لوجودها من الأساس بموازاة القضاء البريطانى.
وطبقًا للصحيفة البريطانية، ليس للمحاكم الشرعية صلاحيات تنفيذية وتُحكِّم بشكل طوعى برضا جميع الأطرف الذين بإمكانهم اللجوء للقضاء البريطانى العادى فى حال عدم الرضا عن حكم المحكمة الشرعية أو رفض اللجوء إليها من الأساس، ويحتاج المسلمون أحينًا لهذه المحاكم إن أرادوا، على سبيل المثال، الزواج الشرعى وليس المدنى أو الطلاق بدون قيود قانونية متواجدة فى القانون البريطانى.
وفى حال لجوء أحد الأطراف لمحكمة بريطانية عادية فيتم تنفيذ حكمها دونًا عن نظيرتها الشرعية، وتكون هذه المحاكم الشرعية عادة مكونة من رجال الدين فى المساجد والمجالس الإسلامية المحلية فى مختلف المناطق بالمملكة المتحدة.
وتتباين التقارير عن أعداد المحاكم الشرعية فى بريطانيا، ولكن أحدث الدراسات جائت فى كتاب "النساء والشريعة" لعام 2016 أصدرته إلهام مانع أستاذ العلوم السياسية بجامعة زيورخ بسويسرا عن حوالى 80 محكمة شرعية فى لندن ومنطقة وسط إنجلترا، وقد أدلى حزب الاستقلال البريطانى بنفس الرقم من قبل.
هل تحكم المحاكم الشرعية بالإسلام؟
وقال الخطاب إن "الحكومة بتعيينها شخصيات دينية فقدت فرصة هامة لدراسة الطبيعة التمييزية للمحاكم الشرعية، بل ولكل مجالات التحكيم الدينى بما فيها المحاكم اليهودية"، وأبرز الحقوقيون خشيتهم من أن التحقيق قد يقر عمل المحاكم الشرعية من خلال تنقيحه، وهو عكس ما كانوا يطالبون به.وقد أمرت وزارة الداخلية بتشكيل اللجنة بعد انتشار مخاوف بأن المحاكم الشرعية تعمل بشكل تمييزى وتسعى لإضفاء الشرعية على الزواج القسرى والحكم بالطلاق بشكل "غير عادل ومخالف لتعاليم الإسلام".
ويزعم الخطاب إنه هناك أدلة على أن المحاكم الشرعية تنتهك حقوق المرأة فيما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والملكية والميراث.
"السيطرة النفسية" على النساء من خلال الشعور بالذنب
وقالت الإنبدندنت إن إلهام مانع، أستاذ العلوم السياسة بجامعة زيورخ بسويسرا، أصدرت كتابًا بعنوان "النساء والشريعة" قالت فيه إنها بعد دراسة حوالى 80 محكمة شرعية فى بريطانيا وجدت أن رجال الدين يتجاهلون الاغتصاب الزوجى ويتغاضون عن ضرب الزوجة ويسمحون بزواج الفتيات من عمر 12 عام، واختتمت بأن الشريعة "تُستعمل لإضفاء الشرعية على التمييز المنهجى ضد النساء والأطفال".
وفى تصريح للإندبندنت، قالت سافين بابير تاردي، وهى طبيبة نفسية لدى "المنظمة الإيرانية-الكردية لحقوق النساء"، إنه كان من الصعب إقناع بعض النساء اللاتى عملت معهن بحقوقهن، مضيفة: "تستغل المحاكم الشرعية قوة إيمان النساء للحصول على السيطرة النفسية عليهن من خلال الشعور بالذنب، ويُستعمل هذا الشعور لجعل أية امرأة تقف أمام المحكمين الدينيين تشعر كما لو كانت هى الجانى ومسؤولة عن تدمير سمعة عائلتها".
وضربت الطبيبة مثاًلا بامرأة فقدت حضانة أولادها الخمسة من خلال المحاكم الشرعية بسبب رفضها إقامة علاقة جنسية مع زوجها لأنها مختونة ولا تشعر بأية متعة فى لقاءها مع زوجها.
اعتراضات على أعضاء اللجنة
وتترأس اللجنة منى صديقى أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة إدنبرة، والتى قالت للإندبندنت: "كونى عالمة دين لا يعنى أننى لا أفكر فى حقوق الإنسان أو حدود القانون، فآخر ما أريد أن أشارك فيه هو شيء يُنظر إليه على أنه يدعم نظام لا يعمل لصالح الرجال والنساء بغض النظر عن دينهم"، مضيفة "بصفتى امرأة مسلمة، أنا مهتمة بأن أعرف لماذا لدينا محاكم شرعية فى المقام الأول، وأيضًا لماذا يلجأ إليها الشباب".
كما قالت إنه "إذا كان الناس يلجئون لها للتحكيم أو الوساطة ويجدونها مفيدة، فلا بأس، لكن إن كان الناس يقولون إنه على المرأة أن تظل مع زوجها أو أن تفقد حضانتها لأولادها فهذا يخالف قانون المملكة المتحدة وقطعًا خطأ".
وأكدت "صديقى" أنها خاطبت نساء من الجالية الإسلامية ليشغلوا مناصب المستشارين ولكنهن رفضن، وإن الإمامين الحاليين "يقدمون لنا المشورة لأن الجالية تستمع إليهم، ولكن هذا لا يعنى أن ما يقولونه سيؤخذ بالضرورة على محمل الصواب أو الخطأ".
ونقلت الإندبندنت عن نشطاء فى الحملة ضد المحاكم الشرعية زعمهم أن أحد الإمامين، وهو عضو سابق فى مجلس العلماء الشيعى يدعى سيد على عباس رضاوى، قد قال فى محاضرات له إنه يؤمن بعقوبة الإعدام فى الدول الإسلامية وبأن الملابس الغربية علامة على الفساد، وإن لديه أراء سلبية فيما يخص المثلية الجنسية.
ولكن "رضاوى" نفى بشكل قاطع معارضته لحقوق المرأة، قائلًا للصحيفة: "أنا فيلسوف، وهذه المحاضرات بعينها كانت عن تقاليد معينة ولا تعبر عن أرائى".
ومن جانبه قال اللورد أحمد، وزير مكافحة التطرف، إن التقرير سيحدد مدى إساءة استعمال أو استغلال الشريعة.
أما المجلس الإسلامى البريطانى فقد قال فى بيان له إن المحاكمة الشرعية تستطيع أن تعمل فى إطار القانون البريطانى، داعيًا إلى "عدم استبعاد الدور الإيجابى الذى تقوم به المؤسسات الدينية".
كما قال إنه "يجب التعامل مع المخاوف الخاصة بالتمييز ومخالفة القانون فى إطار القوة الكاملة للقانون، وينبغى إذا لزم الأمر دعم للمحاكمة الشرعية لبناء قدراتها مما يتيح لها تقديم خدماتها لحل المنازعات".
موضوعات متعلقة..
محاكم شرعية لمسلمى بريطانيا موازية للنظام القضائى.. الإندبندنت: بحث لأكاديمية هولندية سيرفع للبرلمان يتهم المجالس بظلم المرأة والتحيز للرجل بمبدأ "الرجال قوامون"..وباحثة بمجلس الشريعة بلندن: هراء مطلق